[ ص: 277 ] مسألة : قال : ( ولا لغني ، وهو الذي يملك خمسين درهما ، أو قيمتها من الذهب ) . يعني
nindex.php?page=treesubj&link=3260لا يعطى من سهم الفقراء والمساكين غني ، ولا خلاف في هذا بين أهل العلم ; وذلك لأن الله تعالى جعلها للفقراء والمساكين ، والغني غير داخل فيهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1263 : أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم ، فترد في فقرائهم . وقال : لا حظ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب . وقال : لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي } . أخرجه
أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن
ولأن أخذ الغني منها يمنع وصولها إلى أهلها ، ويخل بحكمة وجوبها ، وهو إغناء الفقراء بها . واختلف العلماء في الغنى المانع من أخذها . ونقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فيه روايتان : أظهرهما ، أنه ملك خمسين درهما ، أو قيمتها من الذهب ، أو وجود ما تحصل به الكفاية على الدوام ; من كسب ، أو تجارة ، أو عقار ، أو نحو ذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=24715_24714_3132ولو ملك من العروض ، أو الحبوب أو السائمة ، أو العقار ، ما لا تحصل به الكفاية ، لم يكن غنيا ، وإن ملك نصابا ، هذا الظاهر من مذهبه ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك وإسحاق . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله ، أنهما قالا : لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما ، أو عدلها ، أو قيمتها من الذهب .
وذلك لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36497من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشا ، أو خدوشا ، أو كدوحا في وجهه . فقيل : يا رسول الله ، ما الغنى ؟ قال خمسون درهما ، أو قيمتها من الذهب . } رواه
أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن . فإن قيل : هذا يرويه
حكيم بن جبير ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة لا يروي عنه ، وليس بقوي في الحديث . قلنا : قد قال
عبد الله بن عثمان لسفيان : حفظي أن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة لا يروي عن
حكيم بن جبير .
فقال
سفيان : حدثناه
زبيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16985محمد بن عبد الرحمن . وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله مثل ذلك . والرواية الثانية ، أن الغنى ما تحصل به الكفاية ، فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة ، وإن لم يملك شيئا ، وإن كان محتاجا حلت له الصدقة ، وإن ملك نصابا ، والأثمان وغيرها في هذا سواء .
وهذا اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبي الخطاب وابن شهاب العكبري وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لقبيصة بن المخارق {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29495لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة : رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : قد أصابت فلانا فاقة ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش ، أو سدادا من عيش } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
فمد إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد ، ولأن الحاجة هي الفقر ، والغنى ضدها ، فمن كان محتاجا فهو فقير يدخل في عموم النص ، ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرمة ، والحديث الأول فيه ضعف ، ثم يجوز أن تحرم المسألة ولا يحرم أخذ الصدقة إذا جاءته من غير المسألة ، فإن المذكور فيه تحريم المسألة ، فنقتصر عليه . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد : الغنى ملك أوقية ، وهي أربعون درهما ; لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36493 : من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف } . وكانت الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين درهما . رواه
أبو داود .
وقال أصحاب الرأي : الغنى الموجب للزكاة هو المانع من أخذها ، وهو ملك نصاب تجب فيه الزكاة ، من الأثمان ، أو العروض المعدة للتجارة ، أو السائمة ، أو غيرها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32670 ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ : أعلمهم أن عليهم صدقة [ ص: 278 ] تؤخذ من أغنيائهم ، فترد في فقرائهم } ، فجعل الأغنياء من تجب عليهم الزكاة ، فيدل ذلك على أن من تجب عليه غني ، ومن لا تجب عليه ليس بغني ، فيكون فقيرا ، فتدفع الزكاة إليه ; لقوله : " فترد في فقرائهم " .
ولأن الموجب للزكاة غنى ، والأصل عدم الاشتراك ، ولأن من لا نصاب له لا تجب عليه الزكاة فلا يمنع منها ، كمن يملك دون الخمسين ، ولا له ما يكفيه . فيحصل الخلاف بيننا وبينهم في أمور ثلاثة : أحدها ، أن الغنى المانع من الزكاة غير الموجب لها عندنا . ودليل ذلك حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وهو أخص من حديثهم .
فيجب تقديمه ، ولأن حديثهم دل على الغنى الموجب ، وحديثنا دل على الغنى المانع ، ولا تعارض بينهما . فيجب الجمع بينهما . وقولهم : الأصل عدم الاشتراك . قلنا : قد قام دليله بما ذكرناه ، فيجب الأخذ به . الثاني ، أن من له ما يكفيه من مال غير زكائي ، أو من مكسبه ، أو أجرة عقارات أو غيره ، ليس له الأخذ من الزكاة .
وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : إن دفع الزكاة إليه فهو قبيح ، وأرجو أن يجزئه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وسائر أصحابه : يجوز دفع الزكاة إليه ; لأنه ليس بغني ، لما ذكروه في حجتهم . ولنا ، ما روى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، حدثنا
يحيي بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عبيد الله بن عدي بن الخيار ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22627عن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه الصدقة ، فصعد فيهما البصر ، فرآهما جلدين ، فقال : إن شئتما أعطيتكما ، ولا حظ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ما أجوده من حديث . وقال : هو أحسنها إسنادا وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30094 : لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي } . رواه
أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن . إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قال : لا أعلم فيه شيئا يصح . قيل : فحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ؟ قال :
سالم لم يسمع من
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
ولأن له ما يغنيه عن الزكاة . فلم يجز الدفع إليه ، كمالك النصاب . الثالث ، أن من ملك نصابا زكائيا ، لا تتم به الكفاية من غير الأثمان ، فله الأخذ من الزكاة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني : ذاكرت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله فقلت : قد يكون للرجل الإبل والغنم تجب فيها الزكاة ، وهو فقير ويكون له أربعون شاة ، وتكون لهم الضيعة لا تكفيه ، فيعطى من الصدقة ؟ قال : نعم . وذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أعطوهم ، وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا .
قلت : فهذا قدر من العدد أو الوقت ؟ قال : لم أسمعه . وقال في رواية
محمد بن الحكم nindex.php?page=treesubj&link=3260_3133 : إذا كان له عقار يشغله أو ضيعة تساوي عشرة آلاف أو أقل أو أكثر لا تقيمه ، يأخذ من الزكاة . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال أصحاب الرأي : ليس له أن يأخذ منها إذا ملك نصابا زكائيا ; لأنه تجب عليه الزكاة ، فلم تجب له للخبر . ولنا ، أنه لا يملك ما يغنيه ، ولا يقدر على كسب ما يكفيه ، فجاز له الأخذ من الزكاة كما لو كان ما يملك لا تجب فيه الزكاة ، ولأن الفقر عبارة عن الحاجة ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15 : يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله } .
أي :
[ ص: 279 ] المحتاجون إليه . وقال الشاعر
: فيا رب إني مؤمن بك عابد
مقر بزلاتي إليك فقير
وقال آخر :
وإني إلى معروفها لفقير
وهذا محتاج ، فيكون فقيرا غير غني ، ولأنه لو كان ما يملكه لا زكاة فيه لكان فقيرا ، ولا فرق في دفع الحاجة بين المالين ، وقد سمى الله تعالى الذين لهم سفينة في البحر مساكين ، فقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=79 : أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر . }
وقد بينا بما ذكرناه من قبل أن الغنى يختلف مسماه ، فيقع على ما يوجب الزكاة ، وعلى ما يمنع منها ، فلا يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر ، ولا من عدمه عدمه ، فمن قال : إن الغنى هو الكفاية . سوى بين الأثمان وغيرها ، وجوز الأخذ لكل من لا كفاية له ، وإن ملك نصبا من جميع الأموال .
ومن قال بالرواية الأخرى ، فرق بين الأثمان وغيرها ; لخبر
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ولأن الأثمان آلة الإنفاق المعدة له دون غيرها ، فجوز الأخذ لمن لا يملك خمسين درهما ، أو قيمتها من الذهب ، ولا ما تحصل به الكفاية ، من مكسب ، أو أجرة أو عقار ، أو غيره ، أو نماء سائمة أو غيرها .
وإن كان له مال معد للإنفاق من غير الأثمان ، فينبغي أن تعتبر الكفاية به في حول كامل ; لأن الحول يتكرر وجوب الزكاة بتكرره ، فيأخذ منها كل حول ما يكفيه إلى مثله ، ويعتبر وجود الكفاية له ولعائلته ومن يمونه ; لأن كل واحد منهم مقصود دفع حاجته ، فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد .
وإن كان له خمسون درهما ، جاز أن يأخذ لعائلته حتى يصير لكل واحد منهم خمسون . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، في رواية
أبي داود ، في من يعطي الزكاة وله عيال : يعطى كل واحد من عياله خمسين خمسين . وهذا لأن الدفع إنما هو إلى العيال ; وهذا نائب عنهم في الأخذ .
[ ص: 277 ] مَسْأَلَةٌ : قَالَ : ( وَلَا لِغَنِيٍّ ، وَهُوَ الَّذِي يَمْلِكُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا ، أَوْ قِيمَتَهَا مِنْ الذَّهَبِ ) . يَعْنِي
nindex.php?page=treesubj&link=3260لَا يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ غَنِيٌّ ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ، وَالْغَنِيُّ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِمْ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=32لِمُعَاذٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1263 : أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ . وَقَالَ : لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ . وَقَالَ : لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ } . أَخْرَجَهُ
أَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَلِأَنَّ أَخْذَ الْغَنِيِّ مِنْهَا يَمْنَعُ وُصُولَهَا إلَى أَهْلِهَا ، وَيُخِلُّ بِحِكْمَةِ وُجُوبِهَا ، وَهُوَ إغْنَاءُ الْفُقَرَاءِ بِهَا . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْغِنَى الْمَانِعِ مِنْ أَخْذِهَا . وَنُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ : أَظْهَرُهُمَا ، أَنَّهُ مِلْكُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا ، أَوْ قِيمَتِهَا مِنْ الذَّهَبِ ، أَوْ وُجُودُ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ عَلَى الدَّوَامِ ; مِنْ كَسْبٍ ، أَوْ تِجَارَةٍ ، أَوْ عَقَارٍ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=24715_24714_3132وَلَوْ مَلَكَ مِنْ الْعُرُوضِ ، أَوْ الْحُبُوبِ أَوْ السَّائِمَةِ ، أَوْ الْعَقَارِ ، مَا لَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ ، لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا ، وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا ، هَذَا الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقَ . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُمَا قَالَا : لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ، أَوْ عَدْلُهَا ، أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ .
وَذَلِكَ لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36497مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَتْ مَسْأَلَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُمُوشًا ، أَوْ خُدُوشًا ، أَوْ كُدُوحًا فِي وَجْهِهِ . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْغِنَى ؟ قَالَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ، أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ . } رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ . فَإِنْ قِيلَ : هَذَا يَرْوِيهِ
حَكِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ لَا يَرْوِي عَنْهُ ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ فِي الْحَدِيثِ . قُلْنَا : قَدْ قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ لِسُفْيَانَ : حِفْظِي أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةَ لَا يَرْوِي عَنْ
حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ .
فَقَالَ
سُفْيَانُ : حَدَّثَنَاهُ
زُبَيْدٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16985مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ . وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدُ اللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ . وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، أَنَّ الْغِنَى مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا حَلَّتْ لَهُ الصَّدَقَةُ ، وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا ، وَالْأَثْمَانُ وَغَيْرُهَا فِي هَذَا سَوَاءٌ .
وَهَذَا اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=11851أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيِّ وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29495لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ : رَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ : قَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ } رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ .
فَمَدَّ إبَاحَةَ الْمَسْأَلَةِ إلَى وُجُودِ إصَابَةِ الْقِوَامِ أَوْ السِّدَادِ ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْفَقْرُ ، وَالْغِنَى ضِدُّهَا ، فَمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَهُوَ فَقِيرٌ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّصِّ ، وَمَنْ اسْتَغْنَى دَخَلَ فِي عُمُومِ النُّصُوصِ الْمُحَرِّمَةِ ، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فِيهِ ضَعْفٌ ، ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ تَحْرُمَ الْمَسْأَلَةُ وَلَا يَحْرُمُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ إذَا جَاءَتْهُ مِنْ غَيْرِ الْمَسْأَلَةِ ، فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ تَحْرِيمُ الْمَسْأَلَةِ ، فَنَقْتَصِرُ عَلَيْهِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=12074وَأَبُو عُبَيْدٍ : الْغِنَى مِلْكُ أُوقِيَّةٍ ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ; لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36493 : مَنْ سَأَلَ وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ فَقَدْ أَلْحَفَ } . وَكَانَتْ الْأُوقِيَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد .
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : الْغِنَى الْمُوجِبُ لِلزَّكَاةِ هُوَ الْمَانِعُ مِنْ أَخْذِهَا ، وَهُوَ مِلْكُ نِصَابٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، مِنْ الْأَثْمَانِ ، أَوْ الْعُرُوضِ الْمُعَدَّةِ لِلتِّجَارَةِ ، أَوْ السَّائِمَةِ ، أَوْ غَيْرِهَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32670 ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=32لِمُعَاذٍ : أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً [ ص: 278 ] تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ ، فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ } ، فَجَعَلَ الْأَغْنِيَاءَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ ، فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ غَنِيٌّ ، وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِغَنِيٍّ ، فَيَكُونُ فَقِيرًا ، فَتُدْفَعُ الزَّكَاةُ إلَيْهِ ; لِقَوْلِهِ : " فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ " .
وَلِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلزَّكَاةِ غِنًى ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا نِصَابَ لَهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا ، كَمَنْ يَمْلِكُ دُونَ الْخَمْسِينَ ، وَلَا لَهُ مَا يَكْفِيه . فَيَحْصُلُ الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ : أَحَدُهَا ، أَنَّ الْغِنَى الْمَانِعَ مِنْ الزَّكَاةِ غَيْرُ الْمُوجِبِ لَهَا عِنْدَنَا . وَدَلِيلُ ذَلِكَ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ حَدِيثِهِمْ .
فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ ، وَلِأَنَّ حَدِيثَهُمْ دَلَّ عَلَى الْغِنَى الْمُوجِبِ ، وَحَدِيثُنَا دَلَّ عَلَى الْغِنَى الْمَانِعِ ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا . فَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا . وَقَوْلُهُمْ : الْأَصْلُ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ . قُلْنَا : قَدْ قَامَ دَلِيلُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ ، فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ . الثَّانِي ، أَنَّ مَنْ لَهُ مَا يَكْفِيه مِنْ مَالٍ غَيْرِ زَكَائِيٍّ ، أَوْ مِنْ مَكْسَبِهِ ، أَوْ أُجْرَةِ عَقَارَاتٍ أَوْ غَيْرِهِ ، لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ .
وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ nindex.php?page=showalam&ids=12078وَأَبُو عُبَيْدَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ : إنَّ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَيْهِ فَهُوَ قَبِيحٌ ، وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ أَصْحَابِهِ : يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ ، لِمَا ذَكَرُوهُ فِي حُجَّتِهِمْ . وَلَنَا ، مَا رَوَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ ، حَدَّثَنَا
يُحْيِي بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=22627عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَةَ ، فَصَعَّدَ فِيهِمَا الْبَصَرَ ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ ، فَقَالَ : إنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا ، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ } . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ : مَا أَجْوَدَهُ مِنْ حَدِيثٍ . وَقَالَ : هُوَ أَحْسَنُهَا إسْنَادًا وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30094 : لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ } . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ . إلَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ قَالَ : لَا أَعْلَمُ فِيهِ شَيْئًا يَصِحُّ . قِيلَ : فَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=15957سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ :
سَالِمٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَلِأَنَّ لَهُ مَا يُغْنِيه عَنْ الزَّكَاةِ . فَلَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ ، كَمَالِكِ النِّصَابِ . الثَّالِثُ ، أَنَّ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا زَكَائِيًّا ، لَا تَتِمُّ بِهِ الْكِفَايَةُ مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ ، فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15371الْمَيْمُونِيُّ : ذَاكَرْت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْت : قَدْ يَكُونُ لِلرَّجُلِ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ ، وَهُوَ فَقِيرٌ وَيَكُونُ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً ، وَتَكُونُ لَهُمْ الضَّيْعَةُ لَا تَكْفِيه ، فَيُعْطَى مِنْ الصَّدَقَةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَذَكَرَ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ أَعْطُوهُمْ ، وَإِنْ رَاحَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ الْإِبِلِ كَذَا وَكَذَا .
قُلْت : فَهَذَا قَدْرٌ مِنْ الْعَدَدِ أَوْ الْوَقْتِ ؟ قَالَ : لَمْ أَسْمَعْهُ . وَقَالَ فِي رِوَايَةِ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ nindex.php?page=treesubj&link=3260_3133 : إذَا كَانَ لَهُ عَقَارٌ يَشْغَلُهُ أَوْ ضَيْعَةٌ تُسَاوِي عَشَرَةَ آلَافٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَا تُقِيمُهُ ، يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ . وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا إذَا مَلَكَ نِصَابًا زَكَائِيًّا ; لِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ، فَلَمْ تَجِبْ لَهُ لِلْخَبَرِ . وَلَنَا ، أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا يُغْنِيه ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى كَسْبِ مَا يَكْفِيه ، فَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَا يَمْلِكُ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، وَلِأَنَّ الْفَقْرَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَاجَةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15 : يَأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إلَى اللَّهِ } .
أَيْ :
[ ص: 279 ] الْمُحْتَاجُونَ إلَيْهِ . وَقَالَ الشَّاعِرُ
: فَيَا رَبِّ إنِّي مُؤْمِنٌ بِك عَابِدٌ
مُقِرٌّ بِزَلَّاتِي إلَيْك فَقِيرُ
وَقَالَ آخَرُ :
وَإِنِّي إلَى مَعْرُوفِهَا لَفَقِيرُ
وَهَذَا مُحْتَاجٌ ، فَيَكُونُ فَقِيرًا غَيْرَ غَنِيٍّ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا يَمْلِكُهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ لَكَانَ فَقِيرًا ، وَلَا فَرْقَ فِي دَفْعِ الْحَاجَةِ بَيْنَ الْمَالَيْنِ ، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ لَهُمْ سَفِينَةٌ فِي الْبَحْرِ مَسَاكِينَ ، فَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=79 : أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ . }
وَقَدْ بَيَّنَّا بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْغِنَى يَخْتَلِفُ مُسَمَّاهُ ، فَيَقَعُ عَلَى مَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ ، وَعَلَى مَا يَمْنَعُ مِنْهَا ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ أَحَدِهِمَا وُجُودُ الْآخَرِ ، وَلَا مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ ، فَمَنْ قَالَ : إنَّ الْغِنَى هُوَ الْكِفَايَةُ . سَوَّى بَيْنَ الْأَثْمَانِ وَغَيْرِهَا ، وَجَوَّزَ الْأَخْذَ لِكُلِّ مَنْ لَا كِفَايَةَ لَهُ ، وَإِنْ مَلَكَ نُصُبًا مِنْ جَمِيعِ الْأَمْوَالِ .
وَمَنْ قَالَ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، فَرَّقَ بَيْنَ الْأَثْمَانِ وَغَيْرِهَا ; لِخَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَلِأَنَّ الْأَثْمَانَ آلَةُ الْإِنْفَاقِ الْمُعَدَّةُ لَهُ دُونَ غَيْرِهَا ، فَجَوَّزَ الْأَخْذَ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا ، أَوْ قِيمَتَهَا مِنْ الذَّهَبِ ، وَلَا مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ ، مِنْ مَكْسَبٍ ، أَوْ أُجْرَةٍ أَوْ عَقَارٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ نَمَاءِ سَائِمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا .
وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ مُعَدٌّ لِلْإِنْفَاقِ مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ الْكِفَايَةُ بِهِ فِي حَوْلٍ كَامِلٍ ; لِأَنَّ الْحَوْلَ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِتَكَرُّرِهِ ، فَيَأْخُذُ مِنْهَا كُلَّ حَوْلِ مَا يَكْفِيه إلَى مِثْلِهِ ، وَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الْكِفَايَةِ لَهُ وَلِعَائِلَتِهِ وَمَنْ يَمُونُهُ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَقْصُودٌ دَفْعُ حَاجَتِهِ ، فَيُعْتَبَرُ لَهُ مَا يُعْتَبَرُ لِلْمُنْفَرِدِ .
وَإِنْ كَانَ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ، جَازَ أَنْ يَأْخُذَ لِعَائِلَتِهِ حَتَّى يَصِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسُونَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ ، فِي رِوَايَةِ
أَبِي دَاوُد ، فِي مَنْ يُعْطِي الزَّكَاةَ وَلَهُ عِيَالٌ : يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عِيَالِهِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ . وَهَذَا لِأَنَّ الدَّفْعَ إنَّمَا هُوَ إلَى الْعِيَالِ ; وَهَذَا نَائِبٌ عَنْهُمْ فِي الْأَخْذِ .