الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويبتدئ الطواف من الحجر الأسود ، والمستحب أن يستقبل الحجر الأسود ، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم { استقبله ووضع شفتيه عليه } فإن لم يستقبله جاز لأنه جزء من البيت ، [ ص: 41 ] فلا يجب استقباله كسائر أجزاء البيت ، ويحاذيه ببدنه لا يجزئه غيره ، وهل تجزئه المحاذاة ببعض البدن ؟ فيه قولان : قال في القديم : تجزئه محاذاته ببعضه ، لأنه لما جاز محاذاة بعض الحجر جازت محاذاته ببعض البدن . وقال في الجديد : يجب أن يحاذيه بجميع البدن ; لأن ما وجب فيه محاذاة البيت وجبت محاذاته بجميع البدن كالاستقبال في الصلاة .

                                      ويستحب أن يستلم الحجر لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة يستلم الركن الأسود أول ما يطوف } ويستحب أن يستفتح الاستلام بالتكبير ; لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يطوف على راحلته كلما أتى على الركن أشار بشيء في يده وكبر وقبله } ويستحب أن يقبله لما روى ابن عمر { أن عمر رضي الله عنه قبل الحجر ثم قال : والله لقد علمت أنك حجر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك } فإن لم يمكنه أن يستلم أو يقبل من الزحام أشار إليه بيده ، لما روى أبو مالك سعد بن طارق عن أبيه قال { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف حول البيت فإذا ازدحم الناس على الطواف استلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجن في يده } ولا يشير إلى القبلة بالفم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك .

                                      ويستحب أن يقول عند الاستلام وابتداء الطواف : بسم الله والله أكبر ، اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم لما روى جابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم استلم الركن الذي فيه الحجر وكبر ثم قال : اللهم وفاء بعهدك وتصديقا بكتابك } وعن علي - كرم الله وجهه - أنه كان يقول إذا استلم الركن " اللهم إيمانا بك . وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم " وعن ابن عمر رضي الله عنهما مثله . ثم يطوف فيجعل البيت على يساره ويطوف على يمينه ، لما روى جابر " { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ في الطواف أخذ عن يمينه } " فإن طاف عن يساره لم يجزه ، لأنه صلى الله عليه وسلم " { طاف على يمينه وقال : خذوا عني مناسككم } ولأنه عبادة تتعلق بالبيت فاستحق فيها الترتيب كالصلاة ) .

                                      التالي السابق



                                      الخدمات العلمية