الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وسهم للغارمين وهم ضربان : ضرب غرم لإصلاح ذات البين ، ضرب غرم لمصلحة نفسه ، فأما الأول فضربان ( أحدهما ) من تحمل دية مقتول فيعطى مع الفقر والغنى ; لقوله صلى الله عليه وسلم { لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز في سبيل الله ، أو لعامل عليها ، أو لغارم ، أو لرجل اشتراها بماله ، أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين إليه } ( والثاني ) من حمل مالا في غير قتل لتسكين فتنة ، ففيه وجهان : ( أحدهما ) يعطى مع الغنى ; لأنه غرم لإصلاح ذات البين ، فأشبه إذا غرم دية مقتول .

                                      ( والثاني ) لا يعطى مع الغنى ; لأنه مال حمله في غير قتل ، فأشبه إذا ضمن ثمنا في بيع . وأما من غرم لمصلحة نفسه ، فإن كان قد أنفق في غير معصية ، دفع إليه مع الفقر ، وهل يعطى مع الغنى ؟ فيه قولان . قال في الأم : لا يعطى ; لأنه يأخذ لحاجته إلينا ، فلم يعط مع الغنى كغير الغارم . وقال في القديم والصدقات من الأم : يعطى ; لأنه في غير معصية ، فأشبه إذا غرم لإصلاح ذات البين فإن غرم في معصية لم يعط مع الغنى ، وهل يعطى مع الفقر ؟ ينظر فيه ، فإن كان مقيما على المعصية لم يعط ; لأنه يستعين به على المعصية وإن تاب ففيه وجهان : ( أحدهما ) [ ص: 191 ] يعطى ; لأن المعصية قد زالت ( والثاني ) لا يعطى ; لأنه لا يؤمن أن يرجع إلى المعصية ، ولا يعطى الغارم إلا ما يقضي به الدين ، فإن أخذ ولم يقض به الدين أو أبرئ منه أو قضى قبل تسليم المال أو استرجع منه ، وإن ادعى أنه غارم لم يقبل إلا ببينة ، فإن صدقه غريمه فعلى الوجهين كما ذكرنا في المكاتب إذا ادعى الكتابة وصدقه المولى ) .

                                      التالي السابق



                                      الخدمات العلمية