الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف - رحمه الله تعالى ( ثم يكبر nindex.php?page=treesubj&link=1527والتكبير للإحرام فرض من فروض الصلاة لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=35204مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم } )
( الشرح ) هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيح ، إلا أن فيه nindex.php?page=showalam&ids=13371عبد الله بن محمد بن عقيل . قال الترمذي : هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسنه ، قال : nindex.php?page=showalam&ids=13371وعبد الله بن محمد بن عقيل صدوق ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه ، قال : وسمعت nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يقول : كان nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه ، وإنما سمي الوضوء مفتاحا ; لأن الحدث مانع من الصلاة كالغلق على الباب يمنع من دخوله إلا بمفتاح ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( وتحريمها التكبير ) . قال الأزهري أصل التحريم من قولك : حرمت فلانا كذا أي منعته ، وكل ممنوع فهو حرام وحرم ، فسمى التكبير تحريما ; لأنه يمنع المصلي من الكلام والأكل وغيرهما ( أما حكم المسألة ) nindex.php?page=treesubj&link=1527فتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها . هذا مذهبنا ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وجمهور السلف والخلف . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وأصحابنا عن الزهري أنه قال : تنعقد الصلاة بمجرد [ ص: 251 ] النية بلا تكبير ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ولم يقل به غير الزهري وحكى nindex.php?page=showalam&ids=15071أبو الحسن الكرخي عن ابن علية والأصم كقول الزهري وقال nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : nindex.php?page=treesubj&link=1527تكبيرة الإحرام شرط لا تصح الصلاة إلا بها ، ولكن ليست من الصلاة بل هي كستر العورة . ومنهم من حكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ويظهر فائدة الخلاف بيننا وبينه فيما لو nindex.php?page=treesubj&link=1527_25834كبر وفي يده نجاسة ثم ألقاها في أثناء التكبيرة ، أو nindex.php?page=treesubj&link=1527_1379_1357شرع في التكبيرة قبل ظهور زوال الشمس ثم ظهر الزوال قبل فراغها فلا تصح صلاته عندنا في الصورتين ، وتصح عنده كستر العورة . واحتج للزهري بالقياس على الصوم والحج ، nindex.php?page=showalam&ids=15071وللكرخي بقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=15وذكر اسم ربه فصلى } فعقب الذكر بالصلاة ، فدل على أنه ليس منها ، وبقوله صلى الله عليه وسلم وتحريمها التكبير ، والإضافة تقتضي أن المضاف غير المضاف إليه ، كدار زيد .
ودليلنا على الزهري حديث تحريمها التكبير ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه في المسيء صلاته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10421إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ، وذكر الحديث } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وهذا أحسن الأدلة ; لأنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر له في هذا الحديث إلا الفروض خاصة ، وثبت في الصحيحين عن جماعات من الصحابة رضي الله عنهم { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر للإحرام } .
وثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=20870صلوا كما رأيتموني أصلي } وهذا مقتضى وجوب كل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما خرج وجوبه بدليل كرفع اليدين ونحوه . فإن قيل : المراد ما يرى وهي الأفعال دون الأقوال ، فأجاب القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وغيره بجوابين :
( أحدهما ) أن المراد رؤية شخصه صلى الله عليه وسلم وكل شيء فعله صلى الله عليه وسلم أو قاله وجب علينا مثله .
( الثاني ) أن المراد بالرؤية العلم ، أي صلوا كما علمتموني أصلي . [ ص: 252 ] والجواب عن قياسه على الصوم والحج أنهما ليسا مبنيين على النطق بخلاف الصلاة ، ودليلنا على nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي حديث معاوية بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=12254إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، وإنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، فإن قالوا : المراد به تكبيرات الانتقالات ، فجوابه من وجهين :
( أحدهما ) أنه عام ولا يقبل تخصيصه إلا بدليل :
( والثاني ) أن حمله على تكبيرة لا بد منها بالاتفاق أولى من تكبيرة لا تجب ، والجواب عن قوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=15وذكر اسم ربه فصلى } أنه ليس المراد بالذكر هنا تكبيرة الإحرام بالإجماع قبل خلاف المخالف . والجواب عن قولهم : الإضافة تقتضي المغايرة أن الإضافة ضربان :
( أحدهما ) تقتضي المغايرة كثوب زيد ، ( والثاني ) تقتضي الجزئية كقوله : رأس زيد ، وصحن الدار ، فوجب حمله على الثاني لما ذكرناه .
( فرع ) قد ذكرنا أن تكبيرة الإحرام لا تصح الصلاة إلا بها ، فلو nindex.php?page=treesubj&link=1527_23393تركها الإمام أو المأموم سهوا أو عمدا لم تنعقد صلاته ولا تجزئ عنها تكبيرة الركوع ولا غيرها ، هذا مذهبنا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود والجمهور . وقالت طائفة : إذا نسيها فيها أجزأته عنها تكبيرة الركوع ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة والحكم والأوزاعي ، ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان . قال العبدري وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك في المأموم مثله ، لكنه قال يستأنف الصلاة بعد سلام الإمام .