أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133ما تعبدون من بعدي ) ففيه مسألتان :
المسألة الأولى : لفظ "ما" لغير العقلاء فكيف أطلقه في المعبود الحق؟
وجوابه من وجهين :
الأول : أن "ما" عام في كل شيء والمعنى أي شيء تعبدون .
والثاني : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133ما تعبدون ) كقولك عند طلب الحد والرسم : ما الإنسان ؟ .
[ ص: 69 ] المسألة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133من بعدي ) أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : هذه الآية تمسك بها فريقان من أهل الجهل :
الأول : المقلدة قالوا : إن أبناء
يعقوب اكتفوا بالتقليد ، وهو عليه السلام ما أنكره عليهم فدل على أن التقليد كاف .
الثاني : التعليمية . قالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=28659_28749لا طريق إلى معرفة الله إلا بتعليم الرسول والإمام والدليل عليه هذه الآية ، فإنهم لم يقولوا : نعبد الإله الذي دل عليه العقل ، بل قالوا : نعبد الإله الذي أنت تعبده وآباؤك يعبدونه وهذا يدل على أن طريق المعرفة هو التعلم .
والجواب : كما أنه ليس في الآية دلالة على أنهم عرفوا الإله بالدليل العقلي ، فليس فيها أيضا دلالة على أنهم ما أقروا بالإله إلا على طريقة التقليد والتعليم ، ثم إن القول بالتقليد والتعليم لما بطل بالدليل علمنا أن إيمان القوم ما كان على هذه الطريقة بل كان حاصلا على سبيل الاستدلال ، أقصى ما في الباب أن يقال : فلم لم يذكروا طريقة الاستدلال .
والجواب عنه من وجوه :
أولها : أن ذلك أخصر في القول من شرح صفات الله تعالى بتوحيده وعلمه وقدرته وعدله .
وثانيها : أنه أقرب إلى سكون نفس
يعقوب عليه السلام فكأنهم قالوا : لسنا نجري إلا على مثل طريقتك فلا خلاف منا عليك فيما نعبده ونخلص العبادة له .
وثالثها : لعل هذا إشارة إلى ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=28659الدليل على وجود الصانع على ما ذكره الله تعالى في أول هذه السورة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ) [البقرة : 21] وههنا مرادهم بقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133قالوا نعبد إلهك وإله آبائك ) أي : نعبد الإله الذي دل عليه وجودك ووجود آبائك وعلى هذا الطريق يكون ذلك إشارة إلى الاستدلال لا إلى التقليد .
المسألة الثانية : قال
القفال : وفي بعض التفاسير أن
يعقوب عليه السلام لما دخل
مصر رأى أهلها يعبدون النيران والأوثان فخاف على بنيه بعد وفاته ، فقال لهم هذا القول تحريضا لهم على التمسك بعبادة الله تعالى .
وحكى
القاضي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن
يعقوب عليه السلام جمعهم إليه عند الوفاة ، وهم كانوا يعبدون الأوثان والنيران ، فقال : يا بني ما تعبدون من بعدي؟ قالوا : نعبد إلهك وإله آبائك ثم قال
القاضي : هذا بعيد لوجهين :
الأول : أنهم بادروا إلى الاعتراف بالتوحيد مبادرة من تقدم منه العلم واليقين .
الثاني : أنه تعالى ذكر في الكتاب حال الأسباط من أولاد
يعقوب وأنهم كانوا قوما صالحين وذلك لا يليق بحالهم .
المسألة الثالثة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) عطف بيان لآبائك . قاله
القفال : وقيل أنه
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28912قدم ذكر إسماعيل على إسحاق لأن إسماعيل كان أسن من إسحاق .
المسألة الرابعة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه :
nindex.php?page=treesubj&link=14079الإخوة والأخوات للأب والأم أو للأب لا يسقطون بالجد وهو قول
عمر وعثمان وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود وزيد رضي الله عنهم وهو قول
مالك وأبي يوسف ومحمد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إنهم يسقطون بالجد وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة رضي الله عنهم ، ومن التابعين قول
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وعطاء ، أما الأولون وهم الذين يقولون : إنهم لا يسقطون بالجد فلهم قولان :
أحدهما : أن الجد خير الأمرين : إما المقاسمة معهم أو ثلث جميع المال ، ثم الباقي بين الإخوة والأخوات
[ ص: 70 ] للذكر مثل حظ الأنثيين وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه .
والثاني : أنه بمنزلة أحد الإخوة ما لم تنقصه المقاسمة من السدس فإن نقصته المقاسمة من السدس أعطي السدس ولم ينقص منه شيء واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة على قوله بأن الجد أب والأب يحجب الأخوات والإخوة فيلزم أن يحجبهم الجد ، وإنما قلنا : إن الجد أب للآية والأثر .
أما الآية فاثنان هذه الآية وهي قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) فأطلق لفظ الأب على الجد .
فإن قيل : فقد أطلقه في العم وهو
إسماعيل مع أنه بالاتفاق ليس بأب .
قلنا : الاستعمال دليل الحقيقة ظاهرا ، ترك العمل به في حق العم لدليل قام فيه فيبقى في الباقي حجة الآية الثانية قوله تعالى مخبرا عن
يوسف عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=38واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ) [يوسف : 38] .
وأما الأثر فما روى
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : من شاء لاعنته عند
الحجر الأسود ، إن الجد أب ، وقال أيضا : ألا لا يتقي الله
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا ، وإذا ثبت أن الجد أب وجب أن يدخل تحت قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وورثه أبواه فلأمه الثلث ) [النساء : 11] في
nindex.php?page=treesubj&link=13699استحقاق الجد الثلثين دون الإخوة كما استحقه الأب دونهم إذا كان باقيا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : لا نسلم أن الجد أب ، والدليل عليه وجوه :
أحدها : أنكم كما استدللتم بهذه الآيات على أن الجد أب ، فنحن نستدل على أنه ليس بأب بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=132ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب ) [البقرة : 132] فإن الله تعالى ما أدخل
يعقوب في بنيه لأنه ميزه عنهم ، فلو كان الصاعد في الأبوة أبا لكان النازل في البنوة ابنا في الحقيقة ، فلما لم يكن كذلك ثبت أن الجد ليس بأب .
وثانيها : لو كان الجد أبا على الحقيقة لما صح لمن مات أبوه وجده حي أن ينفى أن له أبا ، كما لا يصح في الأب القريب ولما صح ذلك علمنا أنه ليس بأب في الحقيقة .
فإن قيل : اسم الأبوة وإن حصل في الكل إلا أن رتبة الأدنى أقرب من رتبة الأبعد فلذلك صح فيه النفي .
قلنا : لو كان الاسم حقيقة فيهما جميعا لم يكن الترتيب في الوجود سببا لنفي اسم الأب عنه .
وثالثها : لو كان الجد أبا على الحقيقة لصح القول بأنه مات وخلف أما وآباء كثيرين وذلك مما لم يطلقه أحد من الفقهاء وأرباب اللغة والتفسير .
ورابعها : لو كان الجد أبا ولا شك أن الصحابة عارفون باللغة لما كانوا يختلفون في ميراث الجد ، ولو كان الجد أبا لكانت الجدة أما ، ولو كان كذلك لما وقعت الشبهة في ميراث الجدة حتى يحتاج
أبو بكر رضي الله عنه إلى السؤال عنه ، فهذه الدلائل دلت على أن الجد ليس بأب .
وخامسها : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) [النساء : 11] فلو كان الجد أبا لكان ابن الابن ابنا لا محالة فكان يلزم بمقتضى هذه الآية حصول الميراث لابن الابن مع قيام الابن ، ولما لم يكن كذلك علمنا أن الجد ليس بأب ، فأما الآيات التي تمسكتم بها في بيان أن الجد أب فالجواب عن وجه التمسك بها من وجوه :
أولها : أنه قرأ
أبي : ( وإله إبراهيم ) بطرح آبائك إلا أن هذا لا يقدح في الغرض لأن القراءة الشاذة لا تدفع القراءة المتواترة ، بل الجواب أن يقال : إنه أطلق لفظ الأب على الجد وعلى العم ؛ وقال عليه الصلاة والسلام في
العباس : "هذا بقية آبائي" وقال : "ردوا علي أبي" فدلنا ذلك على أنه ذكره على سبيل
[ ص: 71 ] المجاز ، والدليل عليه ما قدمنا أنه يصح نفي اسم الأب عن الجد ، ولو كان حقيقة لما كان كذلك ، وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فإنما أطلق الاسم عليه نظرا إلى الحكم لا إلى الاسم اللغوي لأن اللغات لا يقع الخلاف فيها بين أرباب اللسان والله أعلم .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133إلها واحدا ) فهو بدل (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133وإله آبائك ) كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=15بالناصية nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=16ناصية كاذبة ) [العلق : 16 ، 15] أو على الاختصاص ، أي تريد بإله آبائك إلها واحدا ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133ونحن له مسلمون ) ففيه وجوه :
أحدها : أنه حال من فاعل نعبد أو من مفعوله لرجوع الهاء إليه في "له" .
وثانيها : يجوز أن تكون جملة معطوفة على نعبد .
وثالثها : أن تكون جملة اعتراضية مؤكدة ، أي ومن حالنا أنا له مسلمون مخلصون للتوحيد أو مذعنون .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=134تلك أمة قد خلت ) فهو إشارة إلى من ذكرهم الله تعالى في الآية المتقدمة ، وهم
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وبنوه الموحدون . و "الأمة" الصنف . "خلت" سلفت ومضت وانقرضت ، والمعنى أني اقتصصت عليكم أخبارهم وما كانوا عليه من الإسلام والدعوة إلى الإسلام فليس لكم نفع في سيرتهم دون أن تفعلوا ما فعلوه ، فإن أنتم فعلتم ذلك انتفعتم وإن أبيتم لم تنتفعوا بأفعالهم ، والآية دالة على مسائل :
المسألة الأولى : الآية دالة على بطلان التقليد ، لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=134لها ما كسبت ) يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29468_30530كسب كل أحد يختص به ولا ينتفع به غيره ، ولو كان التقليد جائزا لكان كسب المتبوع نافعا للتابع ، فكأنه قال : إني ما ذكرت حكاية أحوالهم طلبا منكم أن تقلدوهم ، ولكن لتنبهوا على ما يلزمكم فتستدلوا وتعلموا أن ما كانوا عليه من الملة هو الحق .
المسألة الثانية : الآية دالة على ترغيبهم في الإيمان ، واتباع
محمد عليه الصلاة والسلام ، وتحذيرهم من مخالفته .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ) فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : لَفْظُ "مَا" لِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ فَكَيْفَ أَطْلَقَهُ فِي الْمَعْبُودِ الْحَقِّ؟
وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ "مَا" عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَالْمَعْنَى أَيُّ شَيْءٍ تَعْبُدُونَ .
وَالثَّانِي : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133مَا تَعْبُدُونَ ) كَقَوْلِكَ عِنْدَ طَلَبِ الْحَدِّ وَالرَّسْمِ : مَا الْإِنْسَانُ ؟ .
[ ص: 69 ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133مِنْ بَعْدِي ) أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : هَذِهِ الْآيَةُ تَمَسَّكَ بِهَا فَرِيقَانِ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ :
الْأَوَّلُ : الْمُقَلِّدَةُ قَالُوا : إِنَّ أَبْنَاءَ
يَعْقُوبَ اكْتَفَوْا بِالتَّقْلِيدِ ، وَهُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ كَافٍ .
الثَّانِي : التَّعْلِيمِيَّةُ . قَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=28659_28749لَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ إِلَّا بِتَعْلِيمِ الرَّسُولِ وَالْإِمَامِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا : نَعْبُدُ الْإِلَهَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ ، بَلْ قَالُوا : نَعْبُدُ الْإِلَهَ الَّذِي أَنْتَ تَعْبُدُهُ وَآبَاؤُكَ يَعْبُدُونَهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ طَرِيقَ الْمَعْرِفَةِ هُوَ التَّعَلُّمُ .
وَالْجَوَابُ : كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ عَرَفُوا الْإِلَهَ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ ، فَلَيْسَ فِيهَا أَيْضًا دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُمْ مَا أَقَرُّوا بِالْإِلَهِ إِلَّا عَلَى طَرِيقَةِ التَّقْلِيدِ وَالتَّعْلِيمِ ، ثُمَّ إِنَّ الْقَوْلَ بِالتَّقْلِيدِ وَالتَّعْلِيمِ لَمَّا بَطَلَ بِالدَّلِيلِ عَلِمْنَا أَنَّ إِيمَانَ الْقَوْمِ مَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بَلْ كَانَ حَاصِلًا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِدْلَالِ ، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ : فَلِمَ لَمْ يَذْكُرُوا طَرِيقَةَ الِاسْتِدْلَالِ .
وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَوَّلُهَا : أَنَّ ذَلِكَ أَخْصَرُ فِي الْقَوْلِ مِنْ شَرْحِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَوْحِيدِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَدْلِهِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى سُكُونِ نَفْسِ
يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا : لَسْنَا نَجْرِي إِلَّا عَلَى مِثْلِ طَرِيقَتِكَ فَلَا خِلَافَ مِنَّا عَلَيْكَ فِيمَا نَعْبُدُهُ وَنُخْلِصُ الْعِبَادَةَ لَهُ .
وَثَالِثُهَا : لَعَلَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى ذِكْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=28659الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) [الْبَقَرَةِ : 21] وَهَهُنَا مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ ) أَيْ : نَعْبُدُ الْإِلَهَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ وُجُودُكَ وَوُجُودُ آبَائِكَ وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ يَكُونُ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى الِاسْتِدْلَالِ لَا إِلَى التَّقْلِيدِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
الْقَفَّالُ : وَفِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ أَنَّ
يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا دَخَلَ
مِصْرَ رَأَى أَهْلَهَا يَعْبُدُونَ النِّيرَانَ وَالْأَوْثَانَ فَخَافَ عَلَى بَنِيهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى التَّمَسُّكِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَحَكَى
الْقَاضِي عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ
يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَمَعَهُمْ إِلَيْهِ عِنْدَ الْوَفَاةِ ، وَهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ وَالنِّيرَانَ ، فَقَالَ : يَا بَنِيَّ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ قَالُوا : نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ ثُمَّ قَالَ
الْقَاضِي : هَذَا بَعِيدٌ لِوَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُمْ بَادَرُوا إِلَى الِاعْتِرَافِ بِالتَّوْحِيدِ مُبَادَرَةَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْهُ الْعِلْمُ وَالْيَقِينُ .
الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ حَالَ الْأَسْبَاطِ مِنْ أَوْلَادِ
يَعْقُوبَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِمْ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) عَطْفُ بَيَانٍ لِآبَائِكَ . قَالَهُ
الْقَفَّالُ : وَقِيلَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28912قَدَّمَ ذِكْرَ إِسْمَاعِيلَ عَلَى إِسْحَاقَ لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ كَانَ أَسَنَّ مِنْ إِسْحَاقَ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=14079الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ لَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ وَهُوَ قَوْلُ
عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : إِنَّهُمْ يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَمِنَ التَّابِعِينَ قَوْلُ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ ، أَمَّا الْأَوَّلُونَ وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّهُمْ لَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ فَلَهُمْ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْجَدَّ خُيِّرَ الْأَمْرَيْنِ : إِمَّا الْمُقَاسَمَةَ مَعَهُمْ أَوْ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ ، ثُمَّ الْبَاقِي بَيْنَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ
[ ص: 70 ] لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَهَذَا مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْإِخْوَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنَ السُّدُسِ فَإِنْ نَقَصَتْهُ الْمُقَاسَمَةُ مِنَ السُّدُسِ أُعْطِيَ السُّدُسَ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ وَاحْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَالْأَبَ يَحْجُبُ الْأَخَوَاتِ وَالْإِخْوَةَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَحْجُبَهُمُ الْجَدُّ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ الْجَدَّ أَبٌ لِلْآيَةِ وَالْأَثَرِ .
أَمَّا الْآيَةُ فَاثْنَانِ هَذِهِ الْآيَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) فَأَطْلَقَ لَفْظَ الْأَبِ عَلَى الْجَدِّ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ أَطْلَقَهُ فِي الْعَمِّ وَهُوَ
إِسْمَاعِيلُ مَعَ أَنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ لَيْسَ بِأَبٍ .
قُلْنَا : الِاسْتِعْمَالُ دَلِيلُ الْحَقِيقَةِ ظَاهِرًا ، تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ فِي حَقِّ الْعَمِّ لِدَلِيلٍ قَامَ فِيهِ فَيَبْقَى فِي الْبَاقِي حُجَّةُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ
يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=38وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ) [يُوسُفَ : 38] .
وَأَمَّا الْأَثَرُ فَمَا رَوَى
عَطَاءٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ عِنْدَ
الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ ، إِنَّ الْجَدَّ أَبٌ ، وَقَالَ أَيْضًا : أَلَا لَا يَتَّقِي اللَّهَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَجْعَلُ ابْنَ الِابْنِ ابْنًا وَلَا يَجْعَلُ أَبَ الْأَبِ أَبًا ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَجَبَ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ) [النِّسَاءِ : 11] فِي
nindex.php?page=treesubj&link=13699اسْتِحْقَاقِ الْجَدِّ الثُّلُثَيْنِ دُونَ الْإِخْوَةِ كَمَا اسْتَحَقَّهُ الْأَبُ دُونَهُمْ إِذَا كَانَ بَاقِيًا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّكُمْ كَمَا اسْتَدْلَلْتُمْ بِهَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ ، فَنَحْنُ نَسْتَدِلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِأَبٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=132وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ) [الْبَقَرَةِ : 132] فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا أَدْخَلَ
يَعْقُوبَ فِي بَنِيهِ لِأَنَّهُ مَيَّزَهُ عَنْهُمْ ، فَلَوْ كَانَ الصَّاعِدُ فِي الْأُبُوَّةِ أَبًا لَكَانَ النَّازِلُ فِي الْبُنُوَّةِ ابْنًا فِي الْحَقِيقَةِ ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ بِأَبٍ .
وَثَانِيهَا : لَوْ كَانَ الْجَدُّ أَبًا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَمَا صَحَّ لِمَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَجَدُّهُ حَيٌّ أَنْ يُنْفَى أَنَّ لَهُ أَبًا ، كَمَا لَا يَصِحُّ فِي الْأَبِ الْقَرِيبِ وَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِأَبٍ فِي الْحَقِيقَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : اسْمُ الْأُبُوَّةِ وَإِنْ حَصَلَ فِي الْكُلِّ إِلَّا أَنَّ رُتْبَةَ الْأَدْنَى أَقْرَبُ مِنْ رُتْبَةِ الْأَبْعَدِ فَلِذَلِكَ صَحَّ فِيهِ النَّفْيُ .
قُلْنَا : لَوْ كَانَ الِاسْمُ حَقِيقَةً فِيهِمَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنِ التَّرْتِيبُ فِي الْوُجُودِ سَبَبًا لِنَفْيِ اسْمِ الْأَبِ عَنْهُ .
وَثَالِثُهَا : لَوْ كَانَ الْجَدُّ أَبًا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَصَحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ مَاتَ وَخَلَّفَ أُمًّا وَآبَاءً كَثِيرِينَ وَذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُطْلِقْهُ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَرْبَابِ اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ .
وَرَابِعُهَا : لَوْ كَانَ الْجَدُّ أَبًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ عَارِفُونَ بِاللُّغَةِ لَمَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ ، وَلَوْ كَانَ الْجَدُّ أَبًا لَكَانَتِ الْجَدَّةُ أُمًّا ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَقَعَتِ الشُّبْهَةُ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّةِ حَتَّى يَحْتَاجَ
أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى السُّؤَالِ عَنْهُ ، فَهَذِهِ الدَّلَائِلُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ بِأَبٍ .
وَخَامِسُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) [النِّسَاءِ : 11] فَلَوْ كَانَ الْجَدُّ أَبًا لَكَانَ ابْنُ الِابْنِ ابْنًا لَا مَحَالَةَ فَكَانَ يَلْزَمُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْآيَةِ حُصُولُ الْمِيرَاثِ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ قِيَامِ الِابْنِ ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ بِأَبٍ ، فَأَمَّا الْآيَاتُ الَّتِي تَمَسَّكْتُمْ بِهَا فِي بَيَانِ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ فَالْجَوَابُ عَنْ وَجْهِ التَّمَسُّكِ بِهَا مِنْ وُجُوهٍ :
أَوَّلُهَا : أَنَّهُ قَرَأَ
أُبَيٌّ : ( وَإِلَهَ إِبْرَاهِيمَ ) بِطَرْحِ آبَائِكَ إِلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي الْغَرَضِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ لَا تَدْفَعُ الْقِرَاءَةَ الْمُتَوَاتِرَةَ ، بَلِ الْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظَ الْأَبِ عَلَى الْجَدِّ وَعَلَى الْعَمِّ ؛ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي
الْعَبَّاسِ : "هَذَا بَقِيَّةُ آبَائِي" وَقَالَ : "رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي" فَدَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ
[ ص: 71 ] الْمَجَازِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَصِحُّ نَفْيُ اسْمِ الْأَبِ عَنِ الْجَدِّ ، وَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً لَمَا كَانَ كَذَلِكَ ، وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا أَطْلَقَ الِاسْمَ عَلَيْهِ نَظَرًا إِلَى الْحُكْمِ لَا إِلَى الِاسْمِ اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ اللُّغَاتِ لَا يَقَعُ الْخِلَافُ فِيهَا بَيْنَ أَرْبَابِ اللِّسَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133إِلَهًا وَاحِدًا ) فَهُوَ بَدَلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133وَإِلَهَ آبَائِكَ ) كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=15بِالنَّاصِيَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=16نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ ) [الْعَلَقِ : 16 ، 15] أَوْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ ، أَيْ تُرِيدُ بِإِلَهِ آبَائِكَ إِلَهًا وَاحِدًا ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) فَفِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَعْبُدُ أَوْ مِنْ مَفْعُولِهِ لِرُجُوعِ الْهَاءِ إِلَيْهِ فِي "لَهُ" .
وَثَانِيهَا : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى نَعْبُدُ .
وَثَالِثُهَا : أَنْ تَكُونَ جُمْلَةً اعْتِرَاضِيَّةً مُؤَكِّدَةً ، أَيْ وَمِنْ حَالِنَا أَنَّا لَهُ مُسْلِمُونَ مُخْلِصُونَ لِلتَّوْحِيدِ أَوْ مُذْعِنُونَ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=134تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ) فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَنْ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَهُمْ
إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَبَنُوهُ الْمُوَحِّدُونَ . وَ "الْأُمَّةُ" الصِّنْفُ . "خَلَتْ" سَلَفَتْ وَمَضَتْ وَانْقَرَضَتْ ، وَالْمَعْنَى أَنِّي اقْتَصَصْتُ عَلَيْكُمْ أَخْبَارَهُمْ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ لَكُمْ نَفْعٌ فِي سِيرَتِهِمْ دُونَ أَنْ تَفْعَلُوا مَا فَعَلُوهُ ، فَإِنْ أَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ انْتَفَعْتُمْ وَإِنْ أَبَيْتُمْ لَمْ تَنْتَفِعُوا بِأَفْعَالِهِمْ ، وَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى بُطْلَانِ التَّقْلِيدِ ، لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=134لَهَا مَا كَسَبَتْ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29468_30530كَسْبَ كُلِّ أَحَدٍ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ ، وَلَوْ كَانَ التَّقْلِيدُ جَائِزًا لَكَانَ كَسْبُ الْمَتْبُوعِ نَافِعًا لِلتَّابِعِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنِّي مَا ذَكَرْتُ حِكَايَةَ أَحْوَالِهِمْ طَلَبًا مِنْكُمْ أَنْ تُقَلِّدُوهُمْ ، وَلَكِنْ لِتُنَبَّهُوا عَلَى مَا يَلْزَمُكُمْ فَتَسْتَدِلُّوا وَتَعْلَمُوا أَنَّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمِلَّةِ هُوَ الْحَقُّ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى تَرْغِيبِهِمْ فِي الْإِيمَانِ ، وَاتِّبَاعِ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ مُخَالَفَتِهِ .