( أولئك أصحاب الميمنة والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار مؤصدة )
( أولئك أصحاب الميمنة ) وإنما ذكر ذلك لأنه تعالى بين حالهم في سورة الواقعة وأنهم ( في سدر مخضود وطلح منضود ) [ الواقعة : 28 ] قال صاحب " الكشاف " : الميمنة والمشأمة اليمين والشمال ، أو اليمين والشؤم ، أي الميامين على أنفسهم والمشائيم عليها . ثم قال تعالى :
( والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة )
فقيل : المراد ، وقد تقدم وصف الله لهم بأنهم : ( من يؤتى كتابه بشماله أو وراء ظهره في سموم وحميم وظل من يحموم ) [ الواقعة : 42 ] إلى غير ذلك . ثم قال تعالى :
ثم عليهم نار مؤصدة ) وفيه مسائل : قال تعالى (
المسألة الأولى : قال الفراء والزجاج : يقال آصدت الباب وأوصدته إذا أغلقته ، فمن قرأ " مؤصدة " بالهمزة أخذها من آصدت فهمز اسم المفعول ، ويجوز أن يكون من أوصدت ولكنه همز على لغة من يهمز الواو إذا كان قبلها ضمة نحو مؤسى ، ومن لم يهمز احتمل أيضا أمرين : والمبرد
أحدهما : أن يكون من لغة من قال : أوصدت فلم يهمز اسم المفعول كما يقال : من أوعدت موعد .
الآخر : أن يكون من آصد مثل آمن ولكنه خفف كما في تخفيف جؤنة وبؤس جونة وبوس فيقلبها في التخفيف واوا ، قال الفراء : ويقال من هذا الأصيد والوصيد وهو الباب المطبق ، إذا عرفت هذا فنقول : قال مقاتل ( عليهم نار مؤصدة ) يعني أبوابها مطبقة فلا يفتح لهم باب ولا يخرج منها غم ولا يدخل فيها روح أبد الآباد ، وقيل : المراد إحاطة النيران بهم ، كقوله : ( أحاط بهم سرادقها ) [ الكهف : 29 ] .
المسألة الثانية : ( المؤصدة ) هي الأبواب ، وقد جرت صفة للنار على تقدير : عليهم نار مؤصدة الأبواب ، فكلما تركت الإضافة عاد التنوين لأنهما يتعاقبان ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .