( إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم )
ثم قال تعالى : ( إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم )
وهذا كأنه من صلة قوله : ( فيعذبه الله العذاب الأكبر ) وإنما ذكر تعالى ذلك ليزيل به عن قلب النبي صلى الله عليه وسلم حزنه على كفرهم ، فقال : طب نفسا عليهم ، وإن عاندوا وكذبوا وجحدوا فإن مرجعهم إلى الموعد الذي وعدنا ، فإن علينا حسابهم وفيه سؤال : وهو أن ، ولا يجب على المالك أن يستوفي حق نفسه والجواب : أن ذلك واجب عليه إما بحكم الوعد الذي يمتنع وقوع الخلف فيه ، وإما في الحكمة ، فإنه لو لم ينتقم للمظلوم من الظالم لكان ذلك شبيها بكونه تعالى راضيا بذلك الظلم وتعالى الله عنه ، فلهذا السبب كانت المحاسبة واجبة وههنا مسألتان : محاسبة الكفار إنما تكون لإيصال العقاب إليهم وذلك حق الله تعالى
المسألة الأولى : قرأ أبو جعفر المدني : ( إيابهم ) بالتشديد . قال صاحب " الكشاف " : وجهه أن يكون فيعالا مصدر " أيب " فيعل من الإياب ، أو يكون أصله أوابا فعالا من أوب ، ثم قيل : إيوابا كديوان في دون ، ثم فعل به ما فعل بأصل سيد .
المسألة الثانية : فائدة تقديم الظرف التشديد بالوعيد ، فإن ( إيابهم ) ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام ، وأن حسابهم ليس بواجب إلا عليه ، وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .