( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين )
ثم قال تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين ) .
إظهارا لفساد اعتقادهم واشتداد عنادهم حيث تبين أن أعلى من يعبدونه وهم الملائكة لا يتأهل للعبادة لذواتهم كما قالوا : ( سبحانك أنت ولينا ) [ سبأ : 41 ] أي : لا أهلية لنا إلا لعبادتك من دونهم أي لا أهلية لنا لأن نكون [ ص: 231 ] معبودين لهم ولا لنفع أو ضر كما قال تعالى : ( فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ) ثم مع هذا كله إذا قال لهم النبي عليه السلام كلاما من التوحيد وتلا عليهم آيات الله الدالة عليه ، فإن أنكروها وقالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم يعني يعارضون البرهان بالتقليد ( لله في كل شيء آيات دالة على وحدانيته وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى ) وهو يحتمل وجوها :
أحدها : أن يكون المراد أن القول بالوحدانية ( إفك مفترى ) ويدل عليه هو أن الموحد كان يقول في حق المشرك إنه يأفك كما قال تعالى في حقهم : ( أئفكا آلهة دون الله تريدون ) [ الصافات : 86 ] وكما قالوا هم للرسول : ( أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا ) [ الأحقاف : 22 ] .
وثانيها : أن يكون المراد ( ما هذا إلا إفك ) أي : القرآن إفك وعلى الأول يكون قوله : ( وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين ) [ سبأ : 43 ] إشارة إلى القرآن ، وعلى الثاني يكون إشارة إلى ما أتى به من المعجزات ، وعلى الوجهين فقوله تعالى : ( وقال الذين كفروا ) بدلا عن أن يقول : وقالوا للحق هو أن ، وأما إنكار القرآن والمعجزات [ فقد ] كان متفقا عليه بين المشركين وأهل الكتاب [ فقال ] تعالى : ( إنكار التوحيد كان مختصا بالمشركين وقال الذين كفروا للحق ) على وجه العموم .