(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=29بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=29بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=19061_25028_30554_28658لا يجوز أن يشرك بالمالك مملوكه ولكن الذين أشركوا اتبعوا أهواءهم من غير علم ، وأثبتوا شركاء من غير
[ ص: 105 ] دليل ، ثم بين أن ذلك بإرادة الله بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=29فمن يهدي من أضل الله ) أي هؤلاء أضلهم الله فلا هادي لهم ، فينبغي أن لا يحزنك قولهم ، وهاهنا لطيفة وهي أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=29فمن يهدي من أضل الله ) مقو لما تقدم وذلك لأنه لما قال ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=29687_28658الله لا شريك له بوجه ما ثم قال تعالى بل المشركون يشركون من غير علم ، يقال فيه أنت أثبت لهم تصرفا على خلاف رضاه ، والسيد العزيز هو الذي لا يقدر عبده على تصرف يخالف رضاه ، فقال : إن ذلك ليس باستقلاله بل بإرادة الله ، وما لهم من ناصرين ، لما تركوا الله تركهم الله ، ومن أخذوه لا يغني عنهم شيئا فلا ناصر لهم .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) أي إذا تبين الأمر وظهرت الوحدانية ولم يهتد المشرك فلا تلتفت أنت إليهم وأقم وجهك للدين ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين ) أي أقبل بكلك على الدين ، عبر عن الذات بالوجه كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كل شيء هالك إلا وجهه ) [ القصص : 88 ] أي ذاته بصفاته ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30حنيفا ) أي مائلا عن كل ما عداه ، أي أقبل على الدين ومل عن كل شيء ، أي لا يكون في قلبك شيء آخر فتعود إليه ، وهذا قريب من معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=31ولا تكونوا من المشركين ) ثم قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=28644_29619الزم فطرة الله وهي التوحيد ، فإن الله فطر الناس عليه حيث أخذهم من ظهر
آدم وسألهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم ) [ الأعراف : 172 ] فقالوا : بلى ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله ) فيه وجوه : قال بعض المفسرين : هذه تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحزن حيث لم يؤمن قومه ، فقال هم خلقوا للشقاوة ، ومن كتب شقيا لا يسعد ، وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله ) أي الوحدانية مترسخة فيهم لا تغير لها حتى إن سألتهم من خلق السماوات والأرض يقولون الله ، لكن الإيمان الفطري غير كاف . ويحتمل أن يقال
nindex.php?page=treesubj&link=29530_21851_29429خلق الله الخلق لعبادته وهم كلهم عبيده ، لا تبديل لخلق الله أي ليس كونهم عبيدا مثل كون المملوك عبدا لإنسان فإنه ينتقل عنه إلى غيره ويخرج عن ملكه بالعتق ، بل لا خروج للخلق عن العبادة والعبودية ، وهذا لبيان فساد قول من يقول : العبادة لتحصيل الكمال ، والعبد يكمل بالعبادة فلا يبقى عليه تكليف ، وقول المشركين : إن
nindex.php?page=treesubj&link=32408_29706الناقص لا يصلح لعبادة الله ، وإنما الإنسان عبد الكواكب , والكواكب عبيد الله ، وقول
النصارى إن
عيسى كان يحل الله فيه وصار إلها فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لا تبديل لخلق الله ) بل كلهم عبيد لا خروج لهم عن ذلك .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30ذلك الدين القيم ) الذي لا عوج فيه (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) أن ذلك هو الدين المستقيم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=29بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=29بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=19061_25028_30554_28658لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَ بِالْمَالِكِ مَمْلُوكُهُ وَلَكِنَّ الَّذِينَ أَشْرَكُوا اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ ، وَأَثْبَتُوا شُرَكَاءَ مِنْ غَيْرِ
[ ص: 105 ] دَلِيلٍ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=29فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ) أَيْ هَؤُلَاءِ أَضَلَّهُمُ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُمْ ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُحْزِنَكَ قَوْلُهُمْ ، وَهَاهُنَا لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=29فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ) مُقَوٍّ لِمَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29687_28658اللَّهَ لَا شَرِيكَ لَهُ بِوَجْهٍ مَا ثُمَّ قَالَ تَعَالَى بَلِ الْمُشْرِكُونَ يُشْرِكُونَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ ، يُقَالُ فِيهِ أَنْتَ أَثْبَتَّ لَهُمْ تَصَرُّفًا عَلَى خِلَافِ رِضَاهُ ، وَالسَّيِّدُ الْعَزِيزُ هُوَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَبْدُهُ عَلَى تَصَرُّفٍ يُخَالِفُ رِضَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاسْتِقْلَالِهِ بَلْ بِإِرَادَةِ اللَّهِ ، وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ، لَمَّا تَرَكُوا اللَّهَ تَرَكَهُمُ اللَّهُ ، وَمَنْ أَخَذُوهُ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) أَيْ إِذَا تَبَيَّنَ الْأَمْرُ وَظَهَرَتِ الْوَحْدَانِيَّةُ وَلَمْ يَهْتَدِ الْمُشْرِكُ فَلَا تَلْتَفِتْ أَنْتَ إِلَيْهِمْ وَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ) أَيْ أَقْبِلْ بِكُلِّكَ عَلَى الدِّينِ ، عَبَّرَ عَنِ الذَّاتِ بِالْوَجْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) [ الْقَصَصِ : 88 ] أَيْ ذَاتَهُ بِصِفَاتِهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30حَنِيفًا ) أَيْ مَائِلًا عَنْ كُلِّ مَا عَدَاهُ ، أَيْ أَقْبِلْ عَلَى الدِّينِ وَمِلْ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ ، أَيْ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِكَ شَيْءٌ آخَرُ فَتَعُودَ إِلَيْهِ ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=31وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ ) أَيِ
nindex.php?page=treesubj&link=28644_29619الْزَمْ فِطْرَةَ اللَّهِ وَهِيَ التَّوْحِيدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهِ حَيْثُ أَخَذَهُمْ مِنْ ظَهْرِ
آدَمَ وَسَأَلَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) [ الْأَعْرَافِ : 172 ] فَقَالُوا : بَلَى ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) فِيهِ وُجُوهٌ : قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : هَذِهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْحُزْنِ حَيْثُ لَمْ يُؤْمِنْ قَوْمُهُ ، فَقَالَ هُمْ خُلِقُوا لِلشَّقَاوَةِ ، وَمَنْ كُتِبَ شَقِيًّا لَا يَسْعَدُ ، وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) أَيِ الْوَحْدَانِيَّةُ مُتَرَسِّخَةٌ فِيهِمْ لَا تَغَيُّرَ لَهَا حَتَّى إِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ يَقُولُونَ اللَّهُ ، لَكِنَّ الْإِيمَانَ الْفِطْرِيَّ غَيْرُ كَافٍ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=29530_21851_29429خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ وَهُمْ كُلُّهُمْ عَبِيدُهُ ، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ أَيْ لَيْسَ كَوْنُهُمْ عَبِيدًا مِثْلَ كَوْنِ الْمَمْلُوكِ عَبْدًا لِإِنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ وَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ ، بَلْ لَا خُرُوجَ لِلْخَلْقِ عَنِ الْعِبَادَةِ وَالْعُبُودِيَّةِ ، وَهَذَا لِبَيَانِ فَسَادِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : الْعِبَادَةُ لِتَحْصِيلِ الْكَمَالِ ، وَالْعَبْدُ يَكْمُلُ بِالْعِبَادَةِ فَلَا يَبْقَى عَلَيْهِ تَكْلِيفٌ ، وَقَوْلُ الْمُشْرِكِينَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32408_29706النَّاقِصَ لَا يَصْلُحُ لِعِبَادَةِ اللَّهِ ، وَإِنَّمَا الْإِنْسَانُ عَبَدَ الْكَوَاكِبَ , وَالْكَوَاكِبُ عَبِيدُ اللَّهِ ، وَقَوْلُ
النَّصَارَى إِنَّ
عِيسَى كَانَ يَحِلُّ اللَّهُ فِيهِ وَصَارَ إِلَهًا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) بَلْ كُلُّهُمْ عَبِيدٌ لَا خُرُوجَ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) الَّذِي لَا عِوَجَ فِيهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الدِّينُ الْمُسْتَقِيمُ .