الفصل الرابع - في بقية المباحث المتعلقة بهذه الآية :
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ، هذا هو القول المشهور ، وذكروا فيه وجوها أخر : المشكاة الكوة في الجدار غير النافذة
أحدها : قال ابن عباس : المشكاة القائم الذي في وسط القنديل الذي يدخل فيه الفتيلة ، وهو قول وأبو موسى الأشعري مجاهد والقرظي .
والثاني : قال الزجاج : هي ههنا قصبة القنديل من الزجاجة التي توضع فيها الفتيلة .
الثالث : قال الضحاك إنها الحلقة التي يعلق بها القنديل . والأول هو الأصح .
المسألة الثانية : زعموا أن المشكاة هي الكوة بلغة الحبشة ، قال الزجاج : المشكاة من كلام العرب ، ومثلها المشكاة وهي الدقيق الصغير .
المسألة الثالثة : قال بعضهم : هذه الآية من المقلوب ، والتقدير مثل نوره كمصباح في مشكاة لأن المشبه به هو الذي يكون معدنا للنور ومنبعا له ، وذلك هو المصباح لا المشكاة .
المسألة الرابعة : وأصله من الضوء ومنه الصبح . المصباح السراج
المسألة الخامسة : قرئ "زجاجة" الزجاجة بالضم والفتح والكسر أما "دري" فقرئ بضم الدال وكسرها وفتحها ، أما الضم ففيه ثلاثة أوجه :
الأول : ضم الدال وتشديد الراء والياء من غير همز وهو القراءة المعروفة ، ومعناه أنه يشبه الدر لصفائه ولمعانه ، وقال عليه الصلاة والسلام : " " . إنكم لترون أهل الدرجات العلى كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء
الثاني : أنه كذلك إلا أنه بالمد والهمزة وهو قراءة حمزة وعاصم [ ص: 206 ] في رواية أبي بكر وصار بعض أهل العربية إلى أنه لحن ، قال : وهذا أضعف اللغات وهو مأخوذ من الضوء والتلألؤ وليس بمنسوب إلى الدر ، قال سيبويه أبو علي : وجه هذه القراءة أنه فعيل من الدرء بمعنى الدفع وأنه صفة وأنه في الصفة مثل المريء في الاسم .
والثالث : ضم الدال وتخفيف الراء والياء من غير مد ولا همز ، أما الكسر ففيه وجهان :
الأول : درئ بكسر الدال وتشديد الراء والمد والهمز ، وهي قراءة أبي عمرو والكسائي ، قال الفراء : هو فعيل من الدرء وهو الدفع كالسكير والفسيق فكان ضوءه يدفع بعضه بعضا من لمعانه .
الثاني : بكسر الدال وتشديد الراء من غير همز ولا مد وهي قراءة ابن خليد وعتبة بن حماد عن نافع . أما الفتح ففيه وجوه أربعة :
الأول : بفتح الدال وتشديد الراء والمد والهمز عن . الأعمش
الثاني : بفتح الدال وتشديد الراء من غير مد ولا همز عن الحسن ومجاهد وقتادة .
الثالث : بفتح الدال وتخفيف الراء مهموزا من غير مد ولا ياء عن عاصم .
الرابع : كذلك إلا أنه غير مهموز وبياء خفيفة بدل الهمزة ، أما قوله : ( يوقد ) القراءة المعروفة "توقد" بالفتحات الأربعة مع تشديد القاف بوزن تفعل ، وعن الحسن ومجاهد وقتادة كذلك إلا أنه يضم الدال ، وذكر صاحب "الكشاف" "يوقد" بفتح الياء المنقوطة من تحت بنقطتين والواو والقاف وتشديدها ورفع الدال ، قال : وحذف التاء لاجتماع حرفين زائدين وهو غريب ، وعن بياء مضمومة وإسكان الواو وفتح القاف مخففة ورفع الدال ، وعن سعيد بن جبير نافع وحفص كذلك إلا أنه بالتاء ، وعن عاصم بياء مضمومة وفتح الواو وتشديد القاف وفتحها ، وعن أبي عمرو كذلك إلا أنه بالتاء ، وعن طلحة "توقد" بتاء مضمومة وواو ساكنة وكسر القاف وتخفيفها .
المسألة السادسة : قوله : ( كأنها كوكب دري ) أي ضخم مضيء ودراري النجوم عظامها ، واتفقوا على أن المراد به كوكب من الكواكب المضيئة كالزهرة والمشتري والثوابت التي في العظم الأول .
المسألة السابعة : قوله : ( من شجرة مباركة ) أي من زيت شجرة مباركة أي كثيرة البركة والنفع ، وقيل هي أول شجرة نبتت بعد الطوفان وقد بارك فيها سبعون نبيا ، منهم الخليل ، وقيل المراد زيتون الشام ، لأنها هي الأرض المباركة ، فلهذا جعل الله هذه شجرة مباركة .