المسألة الثالثة : ، وواوها إن كانت أصلا فإما أن تسمى بسور المدينة وهو حائطها ؛ لأنها طائفة من القرآن محدودة كالبلد المسور ، أو لأنها محتوية على فنون من العلم كاحتواء سور المدينة على ما فيها ، وإما أن تسمى بالسورة التي هي الرتبة ؛ لأن السورة بمنزلة المنازل والمراتب يترقى فيها القارئ ، وهي أيضا في أنفسها طوال وأوساط وقصار . أو لرفعة شأنها وجلالة محلها في الدين ، وإن جعلت واوها منقلبة عن همزة فلأنها قطعة وطائفة من القرآن كالسورة التي هي البقية من الشيء والفضلة منه . السورة هي طائفة من القرآن
فإن قيل : فما ؟ قلنا : من وجوه : فائدة تقطيع القرآن سورا
أحدها : ما لأجله بوب المصنفون كتبهم أبوابا وفصولا .
وثانيها : أن الجنس إذا حصل تحته أنواع كان إفراد كل نوع عن صاحبه أحسن .
وثالثها : أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له وأثبت على التحصيل منه لو استمر على الكتاب بطوله ، ومثله المسافر إذا علم أنه قطع ميلا أو طوى فرسخا نفس ذلك عنه ونشطه للسير .
ورابعها : أن الحافظ إذا حفظ السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها فيجل في نفسه ذلك ويغتبط به ، ومن ثم كانت القراءة في الصلاة بسورة تامة أفضل .