(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين )
اعلم أن هذا الكلام هو النوع الرابع من شبهات القوم في إنكارهم نبوته ، وذلك أنهم قالوا : إن القرآن الذي جئتنا به كتاب مشتمل على أنواع من الكلمات ، والكتاب لا يكون معجزا ، ألا ترى أن كتاب
موسى وعيسى ما كان معجزة لهما ، بل كان لهما أنواع من المعجزات دلت على نبوتهما سوى الكتاب . وأيضا فقد كان فيهم من يدعي إمكان المعارضة ، كما أخبر الله تعالى أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=31لو نشاء لقلنا مثل هذا ) [ الأنفال : 31 ] وإذا كان الأمر كذلك لا جرم
nindex.php?page=treesubj&link=19153_32408_28903_30549_30554طلبوا منه شيئا آخر سوى القرآن ، ليكون معجزة له ، فحكى الله تعالى عنهم ذلك بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه ) فأمر الله رسوله عليه الصلاة والسلام أن يقول عند هذا السؤال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين ) .
واعلم أن الوجه في تقرير هذا الجواب أن يقال : أقام الدلالة القاهرة على أن ظهور القرآن عليه معجزة قاهرة ظاهرة . لأنه عليه الصلاة والسلام بين أنه نشأ فيما بينهم وتربى عندهم ، وهم علموا أنه لم يطالع كتابا ، ولم يتلمذ لأستاذ . بل كان مدة أربعين سنة معهم ومخالطا لهم ، وما كان مشتغلا بالفكر والتعلم قط ، ثم إنه دفعة واحدة ظهر هذا القرآن العظيم عليه ، وظهور مثل هذا الكتاب الشريف العالي على مثل ذلك الإنسان الذي لم يتفق له شيء من أسباب التعلم ، لا يكون إلا بالوحي . فهذا برهان قاهر على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28741_28899القرآن معجز قاهر ظاهر ، وإذا ثبت هذا كان طلب آية أخرى سوى القرآن من الاقتراحات التي لا حاجة إليها في إثبات نبوته عليه الصلاة والسلام ، وتقرير رسالته ، ومثل هذا يكون مفوضا إلى مشيئة الله تعالى ، فإن شاء أظهرها ، وإن شاء لم يظهرها ، فكان ذلك من باب الغيب ، فوجب على كل أحد أن ينتظر أنه هل يفعله الله أم لا ؟ ولكن سواء فعل أو لم يفعل فقد ثبتت النبوة ، وظهر صدقه في ادعاء الرسالة ، ولا يختلف هذا المقصود بحصول تلك الزيادة وبعدمها ، فظهر أن هذا الوجه جواب ظاهر في تقرير هذا المطلوب .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ )
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ شُبُهَاتِ الْقَوْمِ فِي إِنْكَارِهِمْ نُبُوَّتَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي جِئْتَنَا بِهِ كِتَابٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْكَلِمَاتِ ، وَالْكِتَابُ لَا يَكُونُ مُعْجِزًا ، أَلَا تَرَى أَنَّ كِتَابَ
مُوسَى وَعِيسَى مَا كَانَ مُعْجِزَةً لَهُمَا ، بَلْ كَانَ لَهُمَا أَنْوَاعٌ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ دَلَّتْ عَلَى نُبُوَّتِهِمَا سِوَى الْكِتَابِ . وَأَيْضًا فَقَدْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَدَّعِي إِمْكَانَ الْمُعَارَضَةِ ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=31لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ) [ الْأَنْفَالِ : 31 ] وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَا جَرَمَ
nindex.php?page=treesubj&link=19153_32408_28903_30549_30554طَلَبُوا مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ سِوَى الْقُرْآنِ ، لِيَكُونَ مُعْجِزَةً لَهُ ، فَحَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ هَذَا السُّؤَالِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=20إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ : أَقَامَ الدَّلَالَةَ الْقَاهِرَةَ عَلَى أَنَّ ظُهُورَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ مُعْجِزَةٌ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ . لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَيَّنَ أَنَّهُ نَشَأَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَتَرَبَّى عِنْدَهُمْ ، وَهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَمْ يُطَالِعْ كِتَابًا ، وَلَمْ يُتَلْمِذْ لِأُسْتَاذٍ . بَلْ كَانَ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَعَهُمْ وَمُخَالِطًا لَهُمْ ، وَمَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْفِكْرِ وَالتَّعَلُّمِ قَطُّ ، ثُمَّ إِنَّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً ظَهَرَ هَذَا الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَيْهِ ، وَظُهُورُ مِثْلِ هَذَا الْكِتَابِ الشَّرِيفِ الْعَالِي عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ الَّذِي لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ التَّعَلُّمِ ، لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْوَحْيِ . فَهَذَا بُرْهَانٌ قَاهِرٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28741_28899الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ قَاهِرٌ ظَاهِرٌ ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا كَانَ طَلَبُ آيَةٍ أُخْرَى سِوَى الْقُرْآنِ مِنَ الِاقْتِرَاحَاتِ الَّتِي لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا فِي إِثْبَاتِ نُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَتَقْرِيرِ رِسَالَتِهِ ، وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ مُفَوَّضًا إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنْ شَاءَ أَظْهَرَهَا ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُظْهِرْهَا ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْغَيْبِ ، فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَنْتَظِرَ أَنَّهُ هَلْ يَفْعَلُهُ اللَّهُ أَمْ لَا ؟ وَلَكِنْ سَوَاءٌ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ ثَبَتَتِ النُّبُوَّةُ ، وَظَهَرَ صِدْقُهُ فِي ادِّعَاءِ الرِّسَالَةِ ، وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْمَقْصُودُ بِحُصُولِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَبِعَدَمِهَا ، فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ جَوَابٌ ظَاهِرٌ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَطْلُوبِ .