(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل ) قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) .
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في الآية حذف ، والتقدير : وقال الله لهم إني معكم ، إلا أنه حذف ذلك لاتصال الكلام بذكرهم .
المسألة الثانية : قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12إني معكم ) خطاب لمن ؟ فيه قولان :
الأول : أنه خطاب للنقباء ، أي وقال الله للنقباء : إني معكم .
والثاني : أنه خطاب لكل
بني إسرائيل ، وكلاهما محتمل إلا أن الأول أولى ؛ لأن الضمير يكون عائدا إلى أقرب المذكورات ، وأقرب المذكور هنا النقباء ، والله أعلم .
المسألة الثالثة : أن الكلام قد تم عند قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وقال الله إني معكم ) والمعنى إني معكم بالعلم والقدرة فأسمع كلامكم وأرى أفعالكم وأعلم ضمائركم وأقدر على إيصال الجزاء إليكم ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12إني معكم ) مقدمة معتبرة جدا في الترغيب والترهيب ، ثم لما وضع الله تعالى هذه المقدمة الكلية ذكر بعدها جملة شرطية ، والشرط فيها مركب من أمور خمسة ، وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا ) والجزاء هو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12لأكفرن عنكم سيئاتكم ) وذلك إشارة إلى إزالة العقاب . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) وهو إشارة إلى إيصال الثواب ، وفي الآية سؤالات :
[ ص: 147 ]
السؤال الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=30172_30601_32946_28912لم أخر الإيمان بالرسل عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع أنه مقدم عليها ؟
والجواب : أن
اليهود كانوا مقرين بأنه لا بد في حصول النجاة من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة إلا أنهم كانوا مصرين على تكذيب بعض الرسل ، فذكر بعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أنه لا بد من الإيمان بجميع الرسل حتى يحصل المقصود ، وإلا لم يكن لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تأثير في حصول النجاة بدون الإيمان بجميع الرسل .
والسؤال الثاني : ما
nindex.php?page=treesubj&link=10566_10567معنى التعزير ؟ الجواب : قال
الزجاج : العزر في اللغة الرد ، وتأويل عزرت فلانا ، أي فعلت به ما يرده عن القبيح ويزجره عنه ، ولهذا قال الأكثرون : معنى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وعزرتموهم ) أي نصرتموهم ؛ وذلك لأن من نصر إنسانا فقد رد عنه أعداءه . قال : ولو كان التعزير هو التوقير لكان قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9وتعزروه وتوقروه ) ( الفتح : 9 ) تكرارا .
والسؤال الثالث : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وأقرضتم الله قرضا حسنا ) دخل تحت إيتاء الزكاة ، فما الفائدة في الإعادة ؟
والجواب : المراد بإيتاء الزكاة الواجبات . وبهذا الإقراض
nindex.php?page=treesubj&link=26093_23468الصدقات المندوبة ، وخصها بالذكر تنبيها على شرفها وعلو مرتبتها . قال
الفراء : ولو قال : وأقرضتم الله إقراضا حسنا لكان صوابا أيضا إلا أنه قد يقام الاسم مقام المصدر ، ومثله قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=37فتقبلها ربها بقبول حسن ) ( آل عمران : 37 ) ولم يقل بتقبل ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=37وأنبتها نباتا حسنا ) ولم يقل إنباتا .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل ) أي أخطأ الطريق المستقيم الذي هو الدين الذي شرعه الله تعالى لهم .
فإن قيل : من كفر قبل ذلك أيضا فقد ضل سواء السبيل .
قلنا : أجل ، ولكن الضلال بعده أظهر وأعظم ؛ لأن الكفر إنما عظم قبحه لعظم النعمة المكفورة ، فإذا زادت النعمة زاد قبح الكفر وبلغ النهاية القصوى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) .
وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي الْآيَةِ حَذْفٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ إِنِّي مَعَكُمْ ، إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ ذَلِكَ لِاتِّصَالِ الْكَلَامِ بِذِكْرِهِمْ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12إِنِّي مَعَكُمْ ) خِطَابٌ لِمَنْ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ خِطَابٌ لِلنُّقَبَاءِ ، أَيْ وَقَالَ اللَّهُ لِلنُّقَبَاءِ : إِنِّي مَعَكُمْ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ خِطَابٌ لِكُلِّ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكِلَاهُمَا مُحْتَمَلٌ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَكُونُ عَائِدًا إِلَى أَقْرَبِ الْمَذْكُورَاتِ ، وَأَقْرَبُ الْمَذْكُورِ هُنَا النُّقَبَاءُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : أَنَّ الْكَلَامَ قَدْ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ) وَالْمَعْنَى إِنِّي مَعَكُمْ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ فَأَسْمَعُ كَلَامَكُمْ وَأَرَى أَفْعَالَكُمْ وَأَعْلَمُ ضَمَائِرَكُمْ وَأَقْدِرُ عَلَى إِيصَالِ الْجَزَاءِ إِلَيْكُمْ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12إِنِّي مَعَكُمْ ) مُقَدِّمَةٌ مُعْتَبَرَةٌ جِدًّا فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ ، ثُمَّ لَمَّا وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ الْكُلِّيَّةَ ذَكَرَ بَعْدَهَا جُمْلَةً شَرْطِيَّةً ، وَالشَّرْطُ فِيهَا مُرَكَّبٌ مِنْ أُمُورٍ خَمْسَةٍ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) وَالْجَزَاءُ هُوَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى إِزَالَةِ الْعِقَابِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى إِيصَالِ الثَّوَابِ ، وَفِي الْآيَةِ سُؤَالَاتٌ :
[ ص: 147 ]
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30172_30601_32946_28912لِمَ أَخَّرَ الْإِيمَانَ بِالرُّسُلِ عَنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا ؟
وَالْجَوَابُ : أَنَّ
الْيَهُودَ كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ النَّجَاةِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا مُصِرِّينَ عَلَى تَكْذِيبِ بَعْضِ الرُّسُلِ ، فَذَكَرَ بَعْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْإِيمَانِ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ حَتَّى يَحْصُلَ الْمَقْصُودُ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ تَأْثِيرٌ فِي حُصُولِ النَّجَاةِ بِدُونِ الْإِيمَانِ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ .
وَالسُّؤَالُ الثَّانِي : مَا
nindex.php?page=treesubj&link=10566_10567مَعْنَى التَّعْزِيرِ ؟ الْجَوَابُ : قَالَ
الزَّجَّاجُ : الْعَزْرُ فِي اللُّغَةِ الرَّدُّ ، وَتَأْوِيلُ عَزَّرْتُ فُلَانًا ، أَيْ فَعَلْتُ بِهِ مَا يَرُدُّهُ عَنِ الْقَبِيحِ وَيَزْجُرُهُ عَنْهُ ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ : مَعْنَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ) أَيْ نَصَرْتُمُوهُمْ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ نَصَرَ إِنْسَانًا فَقَدْ رَدَّ عَنْهُ أَعْدَاءَهُ . قَالَ : وَلَوْ كَانَ التَّعْزِيرُ هُوَ التَّوْقِيرُ لَكَانَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=9وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ) ( الْفَتْحِ : 9 ) تَكْرَارًا .
وَالسُّؤَالُ الثَّالِثُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) دَخَلَ تَحْتَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، فَمَا الْفَائِدَةُ فِي الْإِعَادَةِ ؟
وَالْجَوَابُ : الْمُرَادُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَاتُ . وَبِهَذَا الْإِقْرَاضِ
nindex.php?page=treesubj&link=26093_23468الصَّدَقَاتُ الْمَنْدُوبَةُ ، وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهَا وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهَا . قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَلَوْ قَالَ : وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ إِقْرَاضًا حَسَنًا لَكَانَ صَوَابًا أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَامُ الِاسْمُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=37فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ ) ( آلِ عِمْرَانَ : 37 ) وَلَمْ يَقُلْ بَتَقَبُّلٍ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=37وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ) وَلَمْ يَقُلْ إِنْبَاتًا .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) أَيْ أَخْطَأَ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ الَّذِي هُوَ الدِّينُ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ .
فَإِنْ قِيلَ : مَنْ كَفَرَ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ .
قُلْنَا : أَجَلْ ، وَلَكِنَّ الضَّلَالَ بَعْدَهُ أَظْهَرُ وَأَعْظَمُ ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ إِنَّمَا عَظُمَ قُبْحُهُ لِعِظَمِ النِّعْمَةِ الْمَكْفُورَةِ ، فَإِذَا زَادَتِ النِّعْمَةُ زَادَ قُبْحُ الْكُفْرِ وَبَلَغَ النِّهَايَةَ الْقُصْوَى .