المسألة الثامنة : ذكر بعض أصحابنا قولين
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في أن
nindex.php?page=treesubj&link=20762_28971بسم الله الرحمن الرحيم هل هي آية من أوائل سائر السور أم لا ؟ أما المحققون من الأصحاب فقد اتفقوا على أن بسم الله قرآن من سائر السور ، وجعلوا القولين في أنها هل هي آية تامة وحدها من أول كل سورة أو هي وما بعدها آية ، وقال بعض الحنفية : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي خالف الإجماع في هذه المسألة ؛ لأن أحدا ممن قبله لم يقل : إن بسم الله آية من أوائل سائر السور . ودليلنا أن بسم الله مكتوب في أوائل السور بخط القرآن ، فوجب كونه قرآنا ، واحتج المخالف بما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=16011235أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سورة الملك : إنها ثلاثون آية ، وفي سورة الكوثر :
إنها ثلاث آيات ، ثم أجمعوا على أن هذا العدد حاصل بدون التسمية ، فوجب أن لا تكون التسمية آية من هذه السور ، والجواب أنا إذا قلنا بسم الله الرحمن الرحيم مع ما بعده آية واحدة فهذا الإشكال زائل ، فإن قالوا : لما اعترفتم بأنها آية تامة من أول الفاتحة ، فكيف يمكنكم أن تقولوا : إنها بعض آية من سائر السور ؟ قلنا : هذا غير بعيد ، ألا ترى أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ) آية تامة ، ثم صار مجموع قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) [ يونس : 10 ] آية واحدة ؛ فكذا هاهنا . وأيضا فقوله : سورة الكوثر ثلاث آيات يعني ما هو خاصية هذه السورة ، ثلاث آيات ، وأما التسمية فهي كالشيء المشترك فيه بين جميع السور ، فسقط هذا السؤال .
المسألة التاسعة : يروى عن
أحمد بن حنبل أنه قال : التسمية آية من الفاتحة ، إلا أنه يسر بها في كل ركعة . وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإنه قال : إنها آية منها ويجهر بها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : ليست آية من الفاتحة ، إلا أنها يسر بها في كل ركعة ولا يجهر بها أيضا ، فنقول : الجهر بها سنة ، ويدل عليه وجوه وحجج .
الحجة الأولى : قد دللنا على أن التسمية آية من الفاتحة ، وإذا ثبت هذا فنقول : الاستقراء دل على أن السورة الواحدة إما أن تكون بتمامها سرية أو جهرية ، فأما أن يكون بعضها سريا وبعضها جهريا ، فهذا مفقود في جميع السور ؛ وإذا ثبت هذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=1564_1567الجهر بالتسمية مشروعا في القراءة الجهرية .
الحجة الثانية : أن قوله :
nindex.php?page=treesubj&link=28971_1564بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أنه ثناء على الله وذكر له بالتعظيم ، فوجب أن يكون الإعلان به مشروعا لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ) [ البقرة : 200 ] ومعلوم أن الإنسان إذا كان مفتخرا بأبيه غير مستنكف منه فإنه يعلن بذكره ويبالغ في إظهاره ، أما إذا أخفى ذكره أو أسره دل ذلك على كونه مستنكفا منه ، فإذا كان المفتخر بأبيه يبالغ في الإعلان والإظهار وجب أن يكون إعلان ذكر
[ ص: 168 ] الله أولى عملا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ) .
الحجة الثالثة : هي أن الجهر بذكر الله يدل على كونه مفتخرا بذلك الذكر غير مبال بإنكار من ينكره ، ولا شك أن هذا مستحسن في العقل ، فيكون في الشرع كذلك ؛ لقوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011229ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " ومما يقوي هذا الكلام أيضا أن الإخفاء والسر لا يليق إلا بما يكون فيه عيب ونقصان ، فيخفيه الرجل ويسره ؛ لئلا ينكشف ذلك العيب . أما الذي يفيد أعظم أنواع الفخر والفضيلة والمنقبة فكيف يليق بالعقل إخفاؤه ؟ ومعلوم أنه
nindex.php?page=treesubj&link=24582لا منقبة للعبد أعلى وأكمل من كونه ذاكرا لله بالتعظيم ؛ ولهذا قال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011237طوبى لمن مات ولسانه رطب من ذكر الله " وكان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب عليه السلام يقول : يا من ذكره شرف للذاكرين . ومثل هذا كيف يليق بالعاقل أن يسعى في إخفائه ؟ ولهذا السبب نقل أن
عليا رضي الله عنه كان مذهبه
nindex.php?page=treesubj&link=1564_1567الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات ، وأقول : إن هذه الحجة قوية في نفسي ، راسخة في عقلي ، لا تزول البتة بسبب كلمات المخالفين .
الحجة الرابعة : ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بإسناده ، أن
معاوية قدم
المدينة ، فصلى بهم ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ولم يكبر عند الخفض إلى الركوع والسجود ، فلما سلم ناداه المهاجرون والأنصار : يا
معاوية ، سرقت منا الصلاة ، أين بسم الله الرحمن الرحيم ؟ وأين التكبير عند الركوع والسجود ؟ ثم إنه أعاد الصلاة مع التسمية والتكبير . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن
معاوية كان سلطانا عظيم القوة شديد الشوكة فلولا أن الجهر بالتسمية كان كالأمر المتقرر عند كل الصحابة من المهاجرين والأنصار وإلا لما قدروا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية .
الحجة الخامسة : روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في السنن الكبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011238كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم ، ثم إن الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي روى الجهر عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
وابن الزبير ، وأما أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى في دينه
بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011239اللهم أدر الحق مع علي حيث دار .
الحجة السادسة : أن قوله بسم الله الرحمن الرحيم يتعلق بفعل لا بد من إضماره ، والتقدير : بإعانة اسم الله اشرعوا في الطاعات ، أو ما يجري مجرى هذا المضمر ، ولا شك أن استماع هذه الكلمة ينبه العقل على أنه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله ، وينبه العقل على أنه لا يتم شيء من الخيرات والبركات إلا إذا وقع الابتداء فيه بذكر الله ، ومن المعلوم أن المقصود من جميع العبادات والطاعات حصول هذه المعاني في العقول ، فإذا كان استماع هذه الكلمة يفيد هذه الخيرات الرفيعة والبركات العالية دخل هذا القائل تحت قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) ؛ لأن هذا القائل بسبب إظهار هذه الكلمة أمر بما هو أحسن أنواع الأمر بالمعروف ، وهو الرجوع إلى الله بالكلية والاستعانة بالله في كل الخيرات ، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يليق بالعاقل أن يقول إنه بدعة ؟
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلَيْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20762_28971بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ أَوَائِلِ سَائِرِ السُّوَرِ أَمْ لَا ؟ أَمَّا الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْأَصْحَابِ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ قُرْآنٌ مِنْ سَائِرِ السُّوَرِ ، وَجَعَلُوا الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّهَا هَلْ هِيَ آيَةٌ تَامَّةٌ وَحْدَهَا مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ أَوْ هِيَ وَمَا بَعْدَهَا آيَةٌ ، وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؛ لِأَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ قَبْلَهُ لَمْ يَقُلْ : إِنَّ بِسْمِ اللَّهِ آيَةٌ مِنْ أَوَائِلِ سَائِرِ السُّوَرِ . وَدَلِيلُنَا أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ مَكْتُوبٌ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ بِخَطِّ الْقُرْآنِ ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ قُرْآنًا ، وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=16011235أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي سُورَةِ الْمُلْكِ : إِنَّهَا ثَلَاثُونَ آيَةً ، وَفِي سُورَةِ الْكَوْثَرِ :
إِنَّهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ ، ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ حَاصِلٌ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ التَّسْمِيَةُ آيَةً مِنْ هَذِهِ السُّوَرِ ، وَالْجَوَابُ أَنَّا إِذَا قُلْنَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَعَ مَا بَعْدَهُ آيَةٌ وَاحِدَةٌ فَهَذَا الْإِشْكَالُ زَائِلٌ ، فَإِنْ قَالُوا : لَمَّا اعْتَرَفْتُمْ بِأَنَّهَا آيَةٌ تَامَّةٌ مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ ، فَكَيْفَ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَقُولُوا : إِنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ مِنْ سَائِرِ السُّوَرِ ؟ قُلْنَا : هَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) آيَةٌ تَامَّةٌ ، ثُمَّ صَارَ مَجْمُوعُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [ يُونُسَ : 10 ] آيَةً وَاحِدَةً ؛ فَكَذَا هَاهُنَا . وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ : سُورَةُ الْكَوْثَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ يَعْنِي مَا هُوَ خَاصِّيَّةُ هَذِهِ السُّورَةِ ، ثَلَاثُ آيَاتٍ ، وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ فَهِيَ كَالشَّيْءِ الْمُشْتَرَكِ فِيهِ بَيْنَ جَمِيعِ السُّورِ ، فَسَقَطَ هَذَا السُّؤَالُ .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : يُرْوَى عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ : التَّسْمِيَةُ آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ ، إِلَّا أَنَّهُ يُسَرُّ بِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ . وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ : إِنَّهَا آيَةٌ مِنْهَا وَيَجْهَرُ بِهَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : لَيْسَتْ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ ، إِلَّا أَنَّهَا يُسَرُّ بِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَلَا يُجْهَرُ بِهَا أَيْضًا ، فَنَقُولُ : الْجَهْرُ بِهَا سُنَّةٌ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ وَحُجَجٌ .
الْحُجَّةُ الْأُولَى : قَدْ دَلَلْنَا عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ : الِاسْتِقْرَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّ السُّورَةَ الْوَاحِدَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِتَمَامِهَا سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا سِرِّيًّا وَبَعْضُهَا جَهْرِيًّا ، فَهَذَا مَفْقُودٌ فِي جَمِيعِ السُّوَرِ ؛ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=1564_1567الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيَةِ مَشْرُوعًا فِي الْقِرَاءَةِ الْجَهْرِيَّةِ .
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28971_1564بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا شَكَّ أَنَّهُ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَذِكْرٌ لَهُ بِالتَّعْظِيمِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْإِعْلَانُ بِهِ مَشْرُوعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) [ الْبَقَرَةِ : 200 ] وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ مُفْتَخِرًا بِأَبِيهِ غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْلِنُ بِذِكْرِهِ وَيُبَالِغُ فِي إِظْهَارِهِ ، أَمَّا إِذَا أَخْفَى ذِكْرَهُ أَوْ أَسَرَّهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِهِ مُسْتَنْكِفًا مِنْهُ ، فَإِذَا كَانَ الْمُفْتَخِرُ بِأَبِيهِ يُبَالِغُ فِي الْإِعْلَانِ وَالْإِظْهَارِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ إِعْلَانُ ذِكْرِ
[ ص: 168 ] اللَّهِ أَوْلَى عَمَلًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ) .
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ : هِيَ أَنَّ الْجَهْرَ بِذِكْرِ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مُفْتَخِرًا بِذَلِكَ الذِّكْرِ غَيْرَ مُبَالٍ بِإِنْكَارِ مَنْ يُنْكِرُهُ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُسْتَحْسَنٌ فِي الْعَقْلِ ، فَيَكُونُ فِي الشَّرْعِ كَذَلِكَ ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011229مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ " وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا الْكَلَامَ أَيْضًا أَنَّ الْإِخْفَاءَ وَالسِّرَّ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِمَا يَكُونُ فِيهِ عَيْبٌ وَنُقْصَانٌ ، فَيُخْفِيهِ الرَّجُلُ وَيُسِرُّهُ ؛ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ ذَلِكَ الْعَيْبُ . أَمَّا الَّذِي يُفِيدُ أَعْظَمَ أَنْوَاعِ الْفَخْرِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْمَنْقَبَةِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَقْلِ إِخْفَاؤُهُ ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=24582لَا مَنْقَبَةَ لِلْعَبْدِ أَعْلَى وَأَكْمَلُ مِنْ كَوْنِهِ ذَاكِرًا لِلَّهِ بِالتَّعْظِيمِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011237طُوبَى لِمَنْ مَاتَ وَلِسَانُهُ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ " وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ : يَا مَنْ ذِكْرُهُ شَرَفٌ لِلذَّاكِرِينَ . وَمِثْلُ هَذَا كَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يَسْعَى فِي إِخْفَائِهِ ؟ وَلِهَذَا السَّبَبِ نُقِلَ أَنَّ
عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مَذْهَبُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=1564_1567الْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ ، وَأَقُولُ : إِنَّ هَذِهِ الْحُجَّةَ قَوِيَّةٌ فِي نَفْسِي ، رَاسِخَةٌ فِي عَقْلِي ، لَا تَزُولُ الْبَتَّةَ بِسَبَبِ كَلِمَاتِ الْمُخَالِفِينَ .
الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ : مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ ، أَنَّ
مُعَاوِيَةَ قَدِمَ
الْمَدِينَةَ ، فَصَلَّى بِهِمْ وَلَمْ يَقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، وَلَمْ يُكَبِّرْ عِنْدَ الْخَفْضِ إِلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ نَادَاهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ : يَا
مُعَاوِيَةُ ، سَرَقْتَ مِنَّا الصَّلَاةَ ، أَيْنَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ؟ وَأَيْنَ التَّكْبِيرُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ؟ ثُمَّ إِنَّهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : إِنَّ
مُعَاوِيَةَ كَانَ سُلْطَانًا عَظِيمَ الْقُوَّةِ شَدِيدَ الشَّوْكَةِ فَلَوْلَا أَنَّ الْجَهْرَ بِالتَّسْمِيَةِ كَانَ كَالْأَمْرِ الْمُتَقَرِّرِ عِنْدَ كُلِّ الصَّحَابَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَإِلَّا لَمَا قَدَرُوا عَلَى إِظْهَارِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ .
الْحُجَّةُ الْخَامِسَةُ : رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011238كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ فِي الصَّلَاةِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، ثُمَّ إِنَّ الشَّيْخَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيَّ رَوَى الْجَهْرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ ،
وَابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَأَمَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَجْهَرُ بِالتَّسْمِيَةِ فَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ ، وَمَنِ اقْتَدَى فِي دِينِهِ
بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَدِ اهْتَدَى ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011239اللَّهُمَّ أَدِرِ الْحَقَّ مَعَ عَلِيٍّ حَيْثُ دَارَ .
الْحُجَّةُ السَّادِسَةُ : أَنَّ قَوْلَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ لَا بُدَّ مِنْ إِضْمَارِهِ ، وَالتَّقْدِيرُ : بِإِعَانَةِ اسْمِ اللَّهِ اشْرَعُوا فِي الطَّاعَاتِ ، أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى هَذَا الْمُضْمَرِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اسْتِمَاعَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ يُنَبِّهُ الْعَقْلَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ ، وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ ، وَيُنَبِّهُ الْعَقْلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتِمُّ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ إِلَّا إِذَا وَقَعَ الِابْتِدَاءُ فِيهِ بِذِكْرِ اللَّهِ ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ حُصُولُ هَذِهِ الْمَعَانِي فِي الْعُقُولِ ، فَإِذَا كَانَ اسْتِمَاعُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ يُفِيدُ هَذِهِ الْخَيْرَاتِ الرَّفِيعَةَ وَالْبَرَكَاتِ الْعَالِيَةَ دَخَلَ هَذَا الْقَائِلُ تَحْتَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ بِسَبَبِ إِظْهَارِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ أَمَرَ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ أَنْوَاعِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَهُوَ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فِي كُلِّ الْخَيْرَاتِ ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ بِدْعَةٌ ؟