(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) وفيه قولان :
الأول : لن تقدروا على التسوية بينهن في ميل الطباع ، وإذا لم تقدروا عليه لم تكونوا مكلفين به . قالت
المعتزلة : فهذا يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=20715تكليف ما لا يطاق غير واقع ولا جائز الوقوع ، وقد ذكرنا أن الإشكال لازم عليهم في العلم وفي الدواعي .
الثاني : لا تستطيعون التسوية بينهن في الأقوال والأفعال ؛ لأن التفاوت في الحب يوجب التفاوت في نتائج الحب ؛ لأن الفعل بدون الداعي ، ومع قيام الصارف محال .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129nindex.php?page=treesubj&link=28975_33367فلا تميلوا كل الميل ) والمعنى : أنكم لستم منهيين عن حصول التفاوت في الميل القلبي ؛ لأن ذلك خارج عن وسعكم ، ولكنكم منهيون عن إظهار ذلك التفاوت في القول والفعل . روى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي -رحمة الله عليه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012495عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقسم ، ويقول : "هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك" .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129فتذروها كالمعلقة ) يعني : تبقى لا أيما ولا ذات بعل ، كما أن الشيء المعلق لا يكون على الأرض ولا على السماء ، وفي قراءة
أبي : فتذروها كالمسجونة ، وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012496 " من nindex.php?page=treesubj&link=33367كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل " .
وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعث إلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال فقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : إلى كل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمر بمثل هذا ؟ فقالوا : لا ، بعث إلى القرشيات بمثل هذا ، وإلى غيرهن بغيره ، فقالت للرسول : ارفع رأسك وقل لعمر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدل بيننا قي القسمة بماله ونفسه ، فرجع الرسول فأخبره فأتم لهن جميعا .
[ ص: 55 ] ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129وإن تصلحوا ) بالعدل في القسم ( وتتقوا ) الجور (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129فإن الله كان غفورا رحيما ) ؛ ما حصل في القلب من الميل إلى بعضهن دون البعض .
وقيل : المعنى : وإن تصلحوا ما مضى من ميلكم وتتداركوه بالتوبة ، وتتقوا في المستقبل عن مثله غفر الله لكم ذلك ، وهذا الوجه أولى ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=33367التفاوت في الميل القلبي لما كان خارجا عن الوسع لم يكن فيه حاجة إلى المغفرة .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ) .
واعلم أنه تعالى ذكر جواز الصلح إن أرادا ذلك ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=17961_11698رغبا في المفارقة فالله سبحانه بين جوازه بهذه الآية أيضا ، ووعد لهما أن يغني كل واحد منهما عن صاحبه بعد الطلاق ، أو يكون المعنى أنه يغني كل واحد منهما بزوج خير من زوجه الأول ، ويعيش أهنأ من عيشه الأول .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وكان الله واسعا حكيما ) والمعنى : أنه تعالى لما وعد كل واحد منهما بأنه يغنيه من سعته وصف نفسه بكونه واسعا ، وإنما جاز وصف الله تعالى بذلك ؛ لأنه تعالى واسع الرزق ، واسع الفضل ، واسع الرحمة ، واسع القدرة ، واسع العلم ، فلو ذكر تعالى أنه واسع في كذا لاختص ذلك بذلك المذكور ، ولكنه لما ذكر الواسع وما أضافه إلى شيء معين دل على أنه واسع في جميع الكمالات ، وتحقيقه في العقل أن الموجود إما واجب لذاته ، وإما ممكن لذاته ، والواجب لذاته واحد وهو الله سبحانه وتعالى ، وما سواه ممكن لذاته لا يوجد إلا بإيجاد الله الواجب لذاته ، وإذا كان كذلك كان كل ما سواه من الموجودات فإنما يوجد بإيجاده وتكوينه ، فلزم من هذا كونه واسع العلم والقدرة والحكمة ، والرحمة ، والفضل والجود ، والكرم . وقوله : ( حكيما ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد فيما حكم ووعظ وقال
الكلبي : يريد فيما حكم على الزوج من إمساكها بمعروف أو تسريح بإحسان .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ) وَفِيهِ قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : لَنْ تَقْدِرُوا عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ فِي مَيْلِ الطِّبَاعِ ، وَإِذَا لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ لَمْ تَكُونُوا مُكَلَّفِينَ بِهِ . قَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20715تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ وَلَا جَائِزِ الْوُقُوعِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِشْكَالَ لَازِمٌ عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ وَفِي الدَّوَاعِي .
الثَّانِي : لَا تَسْتَطِيعُونَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُنَّ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ ؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْحُبِّ يُوجِبُ التَّفَاوُتَ فِي نَتَائِجِ الْحُبِّ ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ بِدُونِ الدَّاعِي ، وَمَعَ قِيَامِ الصَّارِفِ مُحَالٌ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129nindex.php?page=treesubj&link=28975_33367فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ) وَالْمَعْنَى : أَنَّكُمْ لَسْتُمْ مَنْهِيِّينَ عَنْ حُصُولِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَيْلِ الْقَلْبِيِّ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ وُسْعِكُمْ ، وَلَكِنَّكُمْ مَنْهِيُّونَ عَنْ إِظْهَارِ ذَلِكَ التَّفَاوُتِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ . رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012495عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْسِمُ ، وَيَقُولُ : "هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا لَا أَمْلِكُ" .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ) يَعْنِي : تَبْقَى لَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ ، كَمَا أَنَّ الشَّيْءَ الْمُعَلَّقَ لَا يَكُونُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا عَلَى السَّمَاءِ ، وَفِي قِرَاءَةِ
أُبَيٍّ : فَتَذَرُوهَا كَالْمَسْجُونَةِ ، وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012496 " مَنْ nindex.php?page=treesubj&link=33367كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ مَعَ إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ " .
وَرُوِيَ أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بَعَثَ إِلَى أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ فَقَالَتْ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ : إِلَى كُلِّ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عُمَرُ بِمِثْلِ هَذَا ؟ فَقَالُوا : لَا ، بَعَثَ إِلَى الْقُرَشِيَّاتِ بِمِثْلِ هَذَا ، وَإِلَى غَيْرِهِنَّ بِغَيْرِهِ ، فَقَالَتْ لِلرَّسُولِ : ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ لِعُمَرَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْدِلُ بَيْنَنَا قِي الْقِسْمَةِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ فَأَتَمَّ لَهُنَّ جَمِيعًا .
[ ص: 55 ] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129وَإِنْ تُصْلِحُوا ) بِالْعَدْلِ فِي الْقَسْمِ ( وَتَتَّقُوا ) الْجَوْرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=129فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) ؛ مَا حَصَلَ فِي الْقَلْبِ مِنَ الْمَيْلِ إِلَى بَعْضِهِنَّ دُونَ الْبَعْضِ .
وَقِيلَ : الْمَعْنَى : وَإِنْ تُصْلِحُوا مَا مَضَى مِنْ مَيْلِكُمْ وَتَتَدَارَكُوهُ بِالتَّوْبَةِ ، وَتَتَّقُوا فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَنْ مِثْلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33367التَّفَاوُتَ فِي الْمَيْلِ الْقَلْبِيِّ لَمَّا كَانَ خَارِجًا عَنِ الْوُسْعِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَاجَةٌ إِلَى الْمَغْفِرَةِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ جَوَازَ الصُّلْحِ إِنْ أَرَادَا ذَلِكَ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=17961_11698رَغِبَا فِي الْمُفَارَقَةِ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَّنَ جَوَازَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا ، وَوَعَدَ لَهُمَا أَنْ يُغْنِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ ، أَوْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُغْنِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِزَوْجٍ خَيْرٍ مِنْ زَوْجِهِ الْأَوَّلِ ، وَيَعِيشُ أَهْنَأَ مِنْ عَيْشِهِ الْأَوَّلِ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَعَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ يُغْنِيهِ مِنْ سَعَتِهِ وَصَفَ نَفْسَهُ بِكَوْنِهِ وَاسِعًا ، وَإِنَّمَا جَازَ وَصْفُ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَاسِعُ الرِّزْقِ ، وَاسِعُ الْفَضْلِ ، وَاسِعُ الرَّحْمَةِ ، وَاسِعُ الْقُدْرَةِ ، وَاسِعُ الْعِلْمِ ، فَلَوْ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ وَاسِعٌ فِي كَذَا لَاخْتَصَّ ذَلِكَ بِذَلِكَ الْمَذْكُورِ ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْوَاسِعَ وَمَا أَضَافَهُ إِلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَاسِعٌ فِي جَمِيعِ الْكَمَالَاتِ ، وَتَحْقِيقُهُ فِي الْعَقْلِ أَنَّ الْمَوْجُودَ إِمَّا وَاجِبٌ لِذَاتِهِ ، وَإِمَّا مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ ، وَالْوَاجِبُ لِذَاتِهِ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَمَا سِوَاهُ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ لَا يُوجَدُ إِلَّا بِإِيجَادِ اللَّهِ الْوَاجِبِ لِذَاتِهِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ كُلُّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ فَإِنَّمَا يُوجَدُ بِإِيجَادِهِ وَتَكْوِينِهِ ، فَلَزِمَ مِنْ هَذَا كَوْنُهُ وَاسِعَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ ، وَالرَّحْمَةِ ، وَالْفَضْلِ وَالْجُودِ ، وَالْكَرَمِ . وَقَوْلُهُ : ( حَكِيمًا ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : يُرِيدُ فِيمَا حَكَمَ وَوَعَظَ وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : يُرِيدُ فِيمَا حَكَمَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْ إِمْسَاكِهَا بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ .