(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم ) .
اعلم أنه تعالى لما رغب الإنسان في إنفاق أجود ما يملكه حذره بعد ذلك من وسوسة الشيطان فقال :
[ ص: 57 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشيطان يعدكم الفقر ) أي : يقال : إن أنفقت الأجود صرت فقيرا فلا تبال بقوله فإن الرحمن (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268يعدكم مغفرة منه وفضلا ) وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : اختلفوا في الشيطان فقيل : إبليس ، وقيل : سائر الشياطين ، وقيل : شياطين الجن والإنس ، وقيل : النفس الأمارة بالسوء .
المسألة الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=28851الوعد يستعمل في الخير والشر ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72النار وعدها الله الذين كفروا ) [الحج : 72] ويمكن أن يكون هذا محمولا على التهكم ، كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=21فبشرهم بعذاب أليم ) [آل عمران : 21] .
المسألة الثالثة : الفقر والفقر لغتان ، وهو الضعيف بسبب قلة المال ،
nindex.php?page=treesubj&link=3133وأصل الفقر في اللغة كسر الفقار ، يقال : رجل فقر وفقير إذا كان مكسور الفقار ، قال
طرفة :
إنني لست بمرهون فقر
قال صاحب الكشاف : قرئ الفقر بالضم والفقر بفتحتين .
المسألة الرابعة : أما الكلام في
nindex.php?page=treesubj&link=30480_27820حقيقة الوسوسة ، فقد ذكرناه في أول الكتاب في تفسير " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " روي عن
ابن مسعود رضي الله عنه : إن للشيطان لمة وهي الإيعاد بالشر ، وللملك لمة وهي الوعد بالخير ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله ، ومن وجد الأول فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وقرأ هذه الآية . وروى
الحسن ، قال بعض المهاجرين : من سره أن يعلم مكان الشيطان منه فليتأمل موضعه من المكان الذي منه يجد الرغبة في فعل المنكر .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268ويأمركم بالفحشاء ) ففيه وجوه :
الأول : أن الفحشاء هي البخل (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268ويأمركم بالفحشاء ) أي : ويغريكم على البخل إغراء الآمر للمأمور ،
nindex.php?page=treesubj&link=19088والفاحش عند العرب البخيل ، قال
طرفة :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد
ويعتام منقول من عام فلان إلى اللبن إذا اشتهاه ، وأراد بالفاحش البخيل ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=100&ayano=8وإنه لحب الخير لشديد ) [العاديات : 8] وقد نبه الله تعالى في هذه الآية على لطيفة وهي أن الشيطان يخوفه أولا بالفقر ثم يتوصل بهذا التخويف إلى أن يأمره بالفحشاء ويغريه بالبخل ، وذلك لأن البخل صفة مذمومة عند كل أحد ، فالشيطان لا يمكنه تحسين البخل في عينه إلا بتقديم تلك المقدمة ، وهي
nindex.php?page=treesubj&link=18899التخويف من الفقر .
الوجه الثاني في تفسير الفحشاء : وهو أنه يقول : لا تنفق الجيد من مالك في طاعة الله لئلا تصير فقيرا ، فإذا أطاع الرجل الشيطان في ذلك زاد الشيطان ، فيمنعه من الإنفاق في الكلية حتى لا يعطي لا الجيد ولا الرديء وحتى يمنع الحقوق الواجبة ، فلا يؤدي الزكاة ولا يصل الرحم ولا يرد الوديعة ، فإذا صار هكذا سقط وقع الذنوب عن قلبه ويصير غير مبال بارتكابها ، وهناك يتسع الخرق ويصير مقداما على كل الذنوب ، وذلك هو الفحشاء . وتحقيقه أن لكل خلق طرفين ووسطا ، فالطرف الكامل هو أن يكون بحيث يبذل كل ما يملكه في سبيل الله الجيد والرديء ، والطرف الفاحش الناقص لا ينفق شيئا في سبيل الله لا الجيد ولا الرديء ، والأمر المتوسط أن يبخل بالجيد وينفق الرديء ، فالشيطان إذا أراد نقله من الطرف الفاضل إلى الطرف الفاحش ، لا يمكنه إلا بأن يجره إلى الوسط ، فإن عصى الإنسان الشيطان في هذا المقام انقطع طمعه عنه ،
[ ص: 58 ] وإن أطاعه فيه طمع في أن يجره من الوسط إلى الطرف الفاحش ، فالوسط هو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268يعدكم الفقر ) والطرف الفاحش قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268ويأمركم بالفحشاء ) ثم لما ذكر سبحانه وتعالى
nindex.php?page=treesubj&link=28798درجات وسوسة الشيطان أردفها بذكر إلهامات الرحمن فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268والله يعدكم مغفرة منه وفضلا ) فالمغفرة إشارة إلى منافع الآخرة ، والفضل إشارة إلى ما يحصل في الدنيا من الخلق ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن الملك ينادي كل ليلة "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012009اللهم أعط كل منفق خلفا وكل ممسك تلفا " .
وفي هذه الآية لطيفة وهي أن
nindex.php?page=treesubj&link=28798_28806الشيطان يعدك الفقر في غد دنياك ، والرحمن يعدك المغفرة في غد عقباك ، ووعد الرحمن في غد العقبى أولى بالقبول من وجوه :
أحدها : أن وجدان غد الدنيا مشكوك فيه ، ووجدان غد العقبى متيقن مقطوع به .
وثانيها : أن بتقدير وجدان غد الدنيا ، فقد يبقى المال المبخول به وقد لا يبقى ، وعند وجدان غد العقبى لا بد من وجدان المغفرة الموعود بها من عند الله تعالى ؛ لأنه الصادق الذي يمتنع وجود الكذب في كلامه .
وثالثها : أن بتقدير بقاء المال المبخول به في غد الدنيا ، فقد يتمكن الإنسان من الانتفاع به وقد لا يتمكن إما بسبب خوف أو مرض أو اشتغال بمهم آخر ، وعند وجدان غد العقبى الانتفاع حاصل بمغفرة الله وفضله وإحسانه .
ورابعها : أن بتقدير حصول الانتفاع بالمال المبخول به غد الدنيا لا شك أن ذلك الانتفاع ينقطع ولا يبقى ، وأما الانتفاع بمغفرة الله وفضله وإحسانه فهو الباقي الذي لا ينقطع ولا يزول .
وخامسها : أن
nindex.php?page=treesubj&link=29497الانتفاع بلذات الدنيا مشوب بالمضار ، فلا ترى شيئا من اللذات إلا ويكون سببا للمحنة من ألف وجه بخلاف منافع الآخرة فإنها خالصة عن الشوائب ، ومن تأمل فيما ذكرناه علم أن الانقياد لوعد الرحمن بالفضل والمغفرة أولى من الانقياد لوعد الشيطان .
إذا عرفت هذا فنقول : المراد بالمغفرة تكفير الذنوب كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) [التوبة : 13] وفي الآية لفظان يدلان على كمال هذه المغفرة :
أحدها : التنكير في لفظة المغفرة ، والمعنى مغفرة أي مغفرة .
والثاني : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268مغفرة منه ) فقوله : ( منه ) يدل على كمال حال هذه المغفرة ؛ لأن كمال كرمه ونهاية جوده معلوم لجميع العقلاء ، وكون المغفرة منه معلوم أيضا لكل أحد فلما خص هذه المغفرة بأنها منه علم أن المقصود تعظيم حال هذه المغفرة ؛ لأن عظم المعطي يدل على عظم العطية ، وكمال هذه المغفرة يحتمل أن يكون المراد منه ما قاله في آية أخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) [الفرقان : 70] ويحتمل أن يكون المراد منه أن يجعله شفيعا في غفران ذنوب سائر المذنبين ، ويحتمل أن يكون كمال تلك المغفرة أمرا لا يصل إليه عقلنا ما دمنا في دار الدنيا ، فإن تفاصيل أحوال الآخرة ، أكثرها محجوبة عنا ما دمنا في الدنيا .
وأما معنى الفضل فهو الخلف المعجل في الدنيا ، وهذا الفضل يحتمل عندي وجوها :
أحدها : أن المراد من هذا الفضل الفضيلة الحاصلة للنفس وهي
nindex.php?page=treesubj&link=23468_19913فضيلة الجود والسخاء ، وذلك لأن مراتب السعادة ثلاث : نفسانية ، وبدنية ، وخارجية ، وملك المال من الفضائل الخارجية ، وحصول خلق الجود والسخاوة من الفضائل النفسانية .
وأجمعوا على أن أشرف هذه المراتب الثلاث السعادات النفسانية ، وأخسها السعادات الخارجية ، فمتى لم يحصل إنفاق المال كانت السعادة الخارجية حاصلة والنقيضة النفسانية معها حاصلة ، ومتى حصل الإنفاق حصل الكمال النفساني والنقصان الخارجي ، ولا شك أن هذه الحالة أكمل ، فثبت أن
nindex.php?page=treesubj&link=19922_19923مجرد الإنفاق يقتضي حصول ما وعد الله به من حصول الفضل .
والثاني : وهو أنه
nindex.php?page=treesubj&link=19929_19913متى حصلت ملكة الإنفاق زالت عن الروح هيئة الاشتغال بلذات الدنيا والتهالك في مطالبها ، ولا مانع للروح من تجلي نور جلال الله لها إلا
[ ص: 59 ] حب الدنيا ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012010لولا أن الشياطين يوحون إلى قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات " وإذا زال عن وجه القلب غبار حب الدنيا استنار بأنوار عالم القدس وصار كالكوكب الدري والتحق بأرواح الملائكة ، وهذا هو الفضل لا غير .
والثالث ، وهو أحسن الوجوه : أنه مهما عرف من الإنسان كونه منفقا لأمواله في وجوه الخيرات مالت القلوب إليه فلا يضايقونه في مطالبه ، فحينئذ تنفتح عليه أبواب الدنيا ، ولأن أولئك الذين أنفق ماله عليهم يعينونه بالدعاء والهمة فيفتح الله عليه أبواب الخير .
ثم ختم الآية بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268والله واسع عليم ) أي أنه واسع المغفرة ، قادر على إغنائكم ، وإخلاف ما تنفقونه ، وهو عليم لا يخفى عليه ما تنفقون ، فهو يخلفه عليكم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) .
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا رَغَّبَ الْإِنْسَانَ فِي إِنْفَاقِ أَجْوَدِ مَا يَمْلِكُهُ حَذَرَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ فَقَالَ :
[ ص: 57 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ) أَيْ : يُقَالُ : إِنْ أَنْفَقْتَ الْأَجْوَدَ صِرْتَ فَقِيرًا فَلَا تُبَالِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ الرَّحْمَنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ) وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْطَانِ فَقِيلَ : إِبْلِيسُ ، وَقِيلَ : سَائِرُ الشَّيَاطِينِ ، وَقِيلَ : شَيَاطِينُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، وَقِيلَ : النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28851الْوَعْدُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) [الْحَجِّ : 72] وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَحْمُولًا عَلَى التَّهَكُّمِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=21فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) [آلِ عِمْرَانَ : 21] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الْفَقْرُ وَالْفُقْرُ لُغَتَانِ ، وَهُوَ الضَّعِيفُ بِسَبَبِ قِلَّةِ الْمَالِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=3133وَأَصْلُ الْفَقْرِ فِي اللُّغَةِ كَسْرُ الْفَقَارِ ، يُقَالُ : رَجُلٌ فَقِرٌ وَفَقِيرٌ إِذَا كَانَ مَكْسُورَ الْفَقَارِ ، قَالَ
طَرفَةُ :
إِنَّنِي لَسْتُ بِمَرْهُونِ فَقِرْ
قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ : قُرِئَ الْفُقْرُ بِالضَّمِّ وَالْفَقَرُ بِفَتْحَتَيْنِ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : أَمَّا الْكَلَامُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30480_27820حَقِيقَةِ الْوَسْوَسَةِ ، فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي تَفْسِيرِ " أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " رُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً وَهِيَ الْإِيعَادُ بِالشَّرِّ ، وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً وَهِيَ الْوَعْدُ بِالْخَيْرِ ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ ، وَمِنْ وَجَدَ الْأَوَّلَ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ . وَرَوَى
الْحَسَنُ ، قَالَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ مَكَانَ الشَّيْطَانِ مِنْهُ فَلْيَتَأَمَّلْ مَوْضِعَهُ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ يَجِدُ الرَّغْبَةَ فِي فِعْلِ الْمُنْكَرِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ) فَفِيهِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْفَحْشَاءَ هِيَ الْبُخْلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ) أَيْ : وَيُغْرِيكُمْ عَلَى الْبُخْلِ إِغْرَاءَ الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19088وَالْفَاحِشُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْبَخِيلُ ، قَالَ
طَرَفَةُ :
أَرَى الْمَوْتَ يَعْتَامُ الْكِرَامَ وَيَصْطَفِي عَقِيلَةَ مَالِ الْفَاحِشِ الْمُتَشَدِّدِ
وَيَعْتَامُ مَنْقُولٌ مَنْ عَامَ فُلَانٌ إِلَى اللَّبَنِ إِذَا اشْتَهَاهُ ، وَأَرَادَ بِالْفَاحِشِ الْبَخِيلَ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=100&ayano=8وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) [الْعَادِيَاتِ : 8] وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى لَطِيفَةٍ وَهِيَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُخَوِّفُهُ أَوَّلًا بِالْفَقْرِ ثُمَّ يَتَوَصَّلُ بِهَذَا التَّخْوِيفِ إِلَى أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْفَحْشَاءِ وَيُغْرِيَهُ بِالْبُخْلِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبُخْلَ صِفَةٌ مَذْمُومَةٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ ، فَالشَّيْطَانُ لَا يُمْكِنُهُ تَحْسِينُ الْبُخْلِ فِي عَيْنِهِ إِلَّا بِتَقْدِيمِ تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ ، وَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=18899التَّخْوِيفُ مِنَ الْفَقْرِ .
الْوَجْهُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْفَحْشَاءِ : وَهُوَ أَنَّهُ يَقُولُ : لَا تُنْفِقِ الْجَيِّدَ مِنْ مَالِكَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لِئَلَّا تَصِيرَ فَقِيرًا ، فَإِذَا أَطَاعَ الرَّجُلُ الشَّيْطَانَ فِي ذَلِكَ زَادَ الشَّيْطَانُ ، فَيَمْنَعُهُ مِنَ الْإِنْفَاقِ فِي الْكُلِّيَّةِ حَتَّى لَا يُعْطِيَ لَا الْجَيِّدَ وَلَا الرَّدِيءَ وَحَتَّى يَمْنَعَ الْحُقُوقَ الْوَاجِبَةَ ، فَلَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا يَصِلُ الرَّحِمَ وَلَا يَرُدُّ الْوَدِيعَةَ ، فَإِذَا صَارَ هَكَذَا سَقَطَ وَقْعُ الذُّنُوبِ عَنْ قَلْبِهِ وَيَصِيرُ غَيْرَ مُبَالٍ بِارْتِكَابِهَا ، وَهُنَاكَ يَتَّسِعُ الْخَرْقُ وَيَصِيرُ مِقْدَامًا عَلَى كُلِّ الذُّنُوبِ ، وَذَلِكَ هُوَ الْفَحْشَاءُ . وَتَحْقِيقُهُ أَنْ لِكُلِّ خَلْقٍ طَرَفَيْنِ وَوَسَطًا ، فَالطَّرَفُ الْكَامِلُ هُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَبْذُلُ كُلَّ مَا يَمْلِكُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْجَيِّدَ وَالرَّدِيءَ ، وَالطَّرَفُ الْفَاحِشُ النَّاقِصُ لَا يُنْفِقُ شَيْئًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا الْجَيِّدَ وَلَا الرَّدِيءَ ، وَالْأَمْرُ الْمُتَوَسِّطُ أَنْ يَبْخَلَ بِالْجَيِّدِ وَيُنْفِقَ الرَّدِيءَ ، فَالشَّيْطَانُ إِذَا أَرَادَ نَقْلَهُ مِنَ الطَّرَفِ الْفَاضِلِ إِلَى الطَّرَفِ الْفَاحِشِ ، لَا يُمْكِنُهُ إِلَّا بِأَنْ يَجُرَّهُ إِلَى الْوَسَطِ ، فَإِنْ عَصَى الْإِنْسَانُ الشَّيْطَانَ فِي هَذَا الْمَقَامِ انْقَطَعَ طَمَعُهُ عَنْهُ ،
[ ص: 58 ] وَإِنْ أَطَاعَهُ فِيهِ طَمِعَ فِي أَنْ يَجُرَّهُ مِنَ الْوَسَطِ إِلَى الطَّرَفِ الْفَاحِشِ ، فَالْوَسَطُ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ) وَالطَّرْفُ الْفَاحِشُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ) ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=28798دَرَجَاتِ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ أَرْدَفَهَا بِذِكْرِ إِلْهَامَاتِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ) فَالْمَغْفِرَةُ إِشَارَةٌ إِلَى مَنَافِعِ الْآخِرَةِ ، وَالْفَضْلُ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَحْصُلُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْخَلْقِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَلَكَ يُنَادِي كُلَّ لَيْلَةٍ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012009اللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفًا وَكُلَّ مُمْسِكٍ تَلَفًا " .
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28798_28806الشَّيْطَانَ يَعِدُكَ الْفَقْرَ فِي غَدِ دُنْيَاكَ ، وَالرَّحْمَنُ يَعِدُكَ الْمَغْفِرَةَ فِي غَدِ عُقْبَاكَ ، وَوَعْدُ الرَّحْمَنِ فِي غَدِ الْعُقْبَى أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ وِجْدَانَ غَدِ الدُّنْيَا مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَوِجْدَانَ غَدِ الْعُقْبَى مُتَيَقِّنٌ مَقْطُوعٌ بِهِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ بِتَقْدِيرِ وِجْدَانِ غَدِ الدُّنْيَا ، فَقَدْ يَبْقَى الْمَالُ الْمَبْخُولُ بِهِ وَقَدْ لَا يَبْقَى ، وَعِنْدَ وِجْدَانِ غَدِ الْعُقْبَى لَا بُدَّ مِنْ وِجْدَانِ الْمَغْفِرَةِ الْمَوْعُودِ بِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ الصَّادِقُ الَّذِي يَمْتَنِعُ وُجُودُ الْكَذِبِ فِي كَلَامِهِ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّ بِتَقْدِيرِ بَقَاءِ الْمَالِ الْمَبْخُولِ بِهِ فِي غَدِ الدُّنْيَا ، فَقَدْ يَتَمَكَّنُ الْإِنْسَانُ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَقَدْ لَا يَتَمَكَّنُ إِمَّا بِسَبَبِ خَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ أَوِ اشْتِغَالٍ بِمُهِمٍّ آخَرَ ، وَعِنْدَ وِجْدَانِ غَدِ الْعُقْبَى الِانْتِفَاعُ حَاصِلٌ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ .
وَرَابِعُهَا : أَنَّ بِتَقْدِيرِ حُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَالِ الْمَبْخُولِ بِهِ غَدِ الدُّنْيَا لَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ الِانْتِفَاعَ يَنْقَطِعُ وَلَا يَبْقَى ، وَأَمَّا الِانْتِفَاعُ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ فَهُوَ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ وَلَا يَزُولُ .
وَخَامِسُهَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29497الِانْتِفَاعَ بِلَذَّاتِ الدُّنْيَا مَشُوبٌ بِالْمَضَارِّ ، فَلَا تَرَى شَيْئًا مِنَ اللَّذَّاتِ إِلَّا وَيَكُونُ سَبَبًا لِلْمِحْنَةِ مَنْ أَلْفِ وَجْهٍ بِخِلَافِ مَنَافِعِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهَا خَالِصَةٌ عَنِ الشَّوَائِبِ ، وَمَنْ تَأَمَّلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ عَلِمَ أَنَّ الِانْقِيَادَ لِوَعْدِ الرَّحْمَنِ بِالْفَضْلِ وَالْمَغْفِرَةِ أَوْلَى مِنَ الِانْقِيَادِ لِوَعْدِ الشَّيْطَانِ .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : الْمُرَادُ بِالْمَغْفِرَةِ تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) [التَّوْبَةِ : 13] وَفِي الْآيَةِ لَفْظَانِ يَدُلَّانِ عَلَى كَمَالِ هَذِهِ الْمَغْفِرَةِ :
أَحَدُهَا : التَّنْكِيرُ فِي لَفْظَةِ الْمَغْفِرَةِ ، وَالْمَعْنَى مَغْفِرَةً أَيَّ مَغْفِرَةٍ .
وَالثَّانِي : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268مَغْفِرَةً مِنْهُ ) فَقَوْلُهُ : ( مِنْهُ ) يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ حَالِ هَذِهِ الْمَغْفِرَةِ ؛ لِأَنَّ كَمَالَ كَرَمِهِ وَنِهَايَةَ جُودِهِ مَعْلُومٌ لِجَمِيعِ الْعُقَلَاءِ ، وَكَوْنُ الْمَغْفِرَةِ مِنْهُ مَعْلُومٌ أَيْضًا لِكُلِّ أَحَدٍ فَلَمَّا خَصَّ هَذِهِ الْمَغْفِرَةَ بِأَنَّهَا مِنْهُ عُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمُ حَالِ هَذِهِ الْمَغْفِرَةِ ؛ لِأَنَّ عِظَمَ الْمُعْطِي يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ الْعَطِيَّةِ ، وَكَمَالُ هَذِهِ الْمَغْفِرَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا قَالَهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=70فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ) [الْفُرْقَانِ : 70] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يَجْعَلَهُ شَفِيعًا فِي غُفْرَانِ ذُنُوبِ سَائِرِ الْمُذْنِبِينَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَمَالُ تِلْكَ الْمَغْفِرَةِ أَمْرًا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ عَقْلُنَا مَا دُمْنَا فِي دَارِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ تَفَاصِيلَ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ ، أَكْثَرُهَا مَحْجُوبَةٌ عَنَّا مَا دُمْنَا فِي الدُّنْيَا .
وَأَمَّا مَعْنَى الْفَضْلِ فَهُوَ الْخَلْفُ الْمُعَجَّلُ فِي الدُّنْيَا ، وَهَذَا الْفَضْلُ يَحْتَمِلُ عِنْدِي وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ الْفَضِيلَةُ الْحَاصِلَةُ لِلنَّفْسِ وَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=23468_19913فَضِيلَةُ الْجُودِ وَالسَّخَاءِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَرَاتِبَ السَّعَادَةِ ثَلَاثٌ : نَفْسَانِيَّةٌ ، وَبَدَنِيَّةٌ ، وَخَارِجِيَّةٌ ، وَمِلْكُ الْمَالِ مِنَ الْفَضَائِلِ الْخَارِجِيَّةِ ، وَحُصُولُ خَلْقِ الْجُودِ وَالسَّخَاوَةِ مِنَ الْفَضَائِلِ النَّفْسَانِيَّةِ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَشْرَفَ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ السِّعَادَاتُ النَّفْسَانِيَّةُ ، وَأَخَسَّهَا السِّعَادَاتُ الْخَارِجِيَّةُ ، فَمَتَى لَمْ يَحْصُلْ إِنْفَاقُ الْمَالِ كَانَتِ السَّعَادَةُ الْخَارِجِيَّةُ حَاصِلَةً وَالنَّقِيضَةُ النَّفْسَانِيَّةُ مَعَهَا حَاصِلَةً ، وَمَتَى حَصَلَ الْإِنْفَاقُ حَصَلَ الْكَمَالُ النَّفْسَانِيُّ وَالنُّقْصَانُ الْخَارِجِيُّ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ أَكْمَلُ ، فَثَبَتَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19922_19923مُجَرَّدَ الْإِنْفَاقِ يَقْتَضِي حُصُولَ مَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ مِنْ حُصُولِ الْفَضْلِ .
وَالثَّانِيَ : وَهُوَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=19929_19913مَتَى حَصَلَتْ مَلَكَةُ الْإِنْفَاقِ زَالَتْ عَنِ الرُّوحِ هَيْئَةُ الِاشْتِغَالِ بِلَذَّاتِ الدُّنْيَا وَالتَّهَالُكُ فِي مَطَالِبِهَا ، وَلَا مَانِعَ لِلرُّوحِ مِنْ تَجَلِّي نُورِ جَلَالِ اللَّهِ لَهَا إِلَّا
[ ص: 59 ] حُبَّ الدُّنْيَا ، وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012010لَوْلَا أَنَّ الشَّيَاطِينَ يُوحُونَ إِلَى قُلُوبِ بَنِي آدَمَ لَنَظَرُوا إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ " وَإِذَا زَالَ عَنْ وَجْهِ الْقَلْبِ غُبَارُ حُبِّ الدُّنْيَا اسْتَنَارَ بِأَنْوَارِ عَالَمِ الْقُدْسِ وَصَارَ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ وَالْتَحَقَ بِأَرْوَاحِ الْمَلَائِكَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْفَضْلُ لَا غَيْرَ .
وَالثَّالِثَ ، وَهُوَ أَحْسَنُ الْوُجُوهِ : أَنَّهُ مَهْمَا عُرِفَ مِنَ الْإِنْسَانِ كَوْنُهُ مُنْفِقًا لِأَمْوَالِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرَاتِ مَالَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْهِ فَلَا يُضَايِقُونَهُ فِي مَطَالِبِهِ ، فَحِينَئِذٍ تَنْفَتِحُ عَلَيْهِ أَبْوَابُ الدُّنْيَا ، وَلِأَنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَيْهِمْ يُعِينُونَهُ بِالدُّعَاءِ وَالْهِمَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَبْوَابَ الْخَيْرِ .
ثُمَّ خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) أَيْ أَنَّهُ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ، قَادِرٌ عَلَى إِغْنَائِكُمْ ، وَإِخْلَافِ مَا تُنْفِقُونَهُ ، وَهُوَ عَلِيمٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا تُنْفِقُونَ ، فَهُوَ يُخْلِفُهُ عَلَيْكُمْ .