ثم قال تعالى : ( لا تكلف نفس إلا وسعها ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : يقال : كلفه الأمر فتكلف وكلف، وقيل : إن أصله من الكلف، وهو الأثر على الوجه من السواد، فمعنى تكلف الأمر : اجتهد أن يبين فيه أثره ، وكلفه : ألزمه ما يظهر فيه أثره، والوسع ما يسع الإنسان فيطيق أخذه، من سعة الملك أي العرض، ولو ضاق لعجز عنه، والسعة بمنزلة القدرة، فلهذا قيل : الوسع فوق الطاقة. التكليف : الإلزام،
المسألة الثانية : المراد من الآية أن أب هذا الصبي لا يكلف الإنفاق عليه وعلى أمه إلا ما تتسع له قدرته؛ لأن الوسع في اللغة ما تتسع له القدرة، ولا يبلغ استغراقها، وبين أنه لا يلزم الأب إلا ذلك، وهو نظير قوله في سورة الطلاق : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) [ الطلاق : 6 ] ثم قال : ( وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ) [ الطلاق : 6 ] ثم بين في بقوله : ( النفقة أنها على قدر إمكان الرجل لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ) [الطلاق : 7 ] .