(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) .
واعلم أن هذا هو الحكم الرابع من أحكام الطلاق ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=11485بيان الخلع، واعلم أنه تعالى لما أمر أن يكون التسريح مقرونا بالإحسان، بين في هذه الآية أن من جملة الإحسان أنه إذا طلقها لا يأخذ منها شيئا من الذي أعطاها من المهر والثياب وسائر ما تفضل به عليها؛ وذلك لأنه ملك بضعها، واستمتع بها في مقابلة ما أعطاها، فلا يجوز أن يأخذ منها شيئا، ويدخل في هذا النهي أن يضيق عليها ليلجئها إلى الافتداء، كما قال في سورة النساء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ) [النساء : 19] . وقوله هاهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ) هو كقوله هناك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) [النساء : 19] فثبت أن الإتيان بالفاحشة المبينة قد يكون بالبذاء وسوء الخلق، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) [الطلاق : 1] فقيل : المراد من الفاحشة المبينة البذاء على أحمائها ، وقال أيضا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=20فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ) [النساء : 20] فعظم في أخذ شيء من ذلك بعد الإفضاء.
فإن قيل : لمن الخطاب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229ولا يحل لكم أن تأخذوا ) ، فإن كان للأزواج لم يطابقه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فإن خفتم ألا يقيما حدود الله ) وإن قلت : للأئمة والحكام ، فهؤلاء لا يأخذون منهن شيئا.
قلنا : الأمران جائزان ، فيجوز أن يكون أول الآية خطابا للأزواج وآخرها خطابا للأئمة والحكام، وذلك غير غريب في القرآن، ويجوز أن يكون الخطاب كله للأئمة والحكام؛ لأنهم هم الذين يأمرون بالأخذ
[ ص: 86 ] والإيتاء عند الترافع إليهم ، فكأنهم هم الآخذون والمؤتون.
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ) فاعلم
nindex.php?page=treesubj&link=11529أنه تعالى لما منع الرجل أن يأخذ من امرأته عند الطلاق شيئا استثنى هذه الصورة ، وهي مسألة الخلع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=11485بَيَانُ الْخُلْعِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ أَنْ يَكُونَ التَّسْرِيحُ مَقْرُونًا بِالْإِحْسَانِ، بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْإِحْسَانِ أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا لَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا مِنَ الَّذِي أَعْطَاهَا مِنَ الْمَهْرِ وَالثِّيَابِ وَسَائِرِ مَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْهَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَلَكَ بُضْعَهَا، وَاسْتَمْتَعَ بِهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا أَعْطَاهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا النَّهْيِ أَنْ يُضَيِّقَ عَلَيْهَا لِيُلْجِئَهَا إِلَى الِافْتِدَاءِ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ) [النِّسَاءِ : 19] . وَقَوْلُهُ هَاهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ) هُوَ كَقَوْلِهِ هُنَاكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=19إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [النِّسَاءِ : 19] فَثَبَتَ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ قَدْ يَكُونُ بِالْبَذَاءِ وَسُوءِ الْخُلُقِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [الطَّلَاقِ : 1] فَقِيلَ : الْمُرَادُ مِنَ الْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ الْبَذَاءُ عَلَى أَحْمَائِهَا ، وَقَالَ أَيْضًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=20فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) [النِّسَاءِ : 20] فَعَظَّمَ فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِفْضَاءِ.
فَإِنْ قِيلَ : لِمَنِ الْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا ) ، فَإِنْ كَانَ لِلْأَزْوَاجِ لَمْ يُطَابِقْهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ) وَإِنْ قُلْتَ : لِلْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ ، فَهَؤُلَاءِ لَا يَأْخُذُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا.
قُلْنَا : الْأَمْرَانِ جَائِزَانِ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْآيَةِ خِطَابًا لِلْأَزْوَاجِ وَآخِرُهَا خِطَابًا لِلْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ، وَذَلِكَ غَيْرُ غَرِيبٍ فِي الْقُرْآنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ كُلُّهُ لِلْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْأَخْذِ
[ ص: 86 ] وَالْإِيتَاءِ عِنْدَ التَّرَافُعِ إِلَيْهِمْ ، فَكَأَنَّهُمْ هُمُ الْآخِذُونَ وَالْمُؤْتُونَ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ) فَاعْلَمْ
nindex.php?page=treesubj&link=11529أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا مَنَعَ الرَّجُلَ أَنَّ يَأْخُذَ مِنِ امْرَأَتِهِ عِنْدَ الطَّلَاقِ شَيْئًا اسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةَ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخُلْعِ .