قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم [ ص: 230 ] nindex.php?page=treesubj&link=29028قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وجه الاتصال أن الإنسان قد يترك الجهاد خوفا على نفسه من القتل ، وخوفا من لزوم الموت ، فبين أن الحياة الدنيا منقضية فلا ينبغي أن يترك أمر الله محافظة على ما لا يبقى . و " ما " صلة تقديره : اعلموا أن الحياة الدنيا لعب باطل ، ولهو فرح ثم ينقضي . وقال
قتادة : لعب ولهو : أكل وشرب . وقيل : إنه على المعهود من اسمه ، قال
مجاهد : كل لعب لهو . وقد مضى هذا المعنى في ( الأنعام ) وقيل : اللعب ما رغب في الدنيا ، واللهو ما ألهى عن الآخرة ، أي : شغل عنها . وقيل : اللعب : الاقتناء ، واللهو : النساء .
" وزينة " الزينة ما يتزين به ، فالكافر يتزين بالدنيا ولا يعمل للآخرة ، وكذلك من تزين في غير طاعة الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وتفاخر بينكم أي : يفخر بعضكم على بعض بها . وقيل : بالخلقة والقوة . وقيل : بالأنساب على عادة العرب في
nindex.php?page=treesubj&link=32508المفاخرة بالآباء . وفي صحيح
مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831329إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831330أربع في أمتي من أمر الجاهلية : الفخر في الأحساب الحديث . وقد تقدم جميع هذا .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وتكاثر في الأموال والأولاد لأن عادة الجاهلية أن تتكاثر بالأبناء والأموال ، وتكاثر المؤمنين بالإيمان والطاعة . قال بعض المتأخرين : لعب كلعب الصبيان ولهو كلهو الفتيان
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وزينة كزينة النسوان
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وتفاخر كتفاخر الأقران
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وتكاثر كتكاثر الدهقان . وقيل : المعنى أن الدنيا كهذه الأشياء في الزوال والفناء . وعن
علي رضي الله عنه قال
لعمار : لا تحزن على الدنيا ، فإن الدنيا ستة أشياء : مأكول ومشروب وملبوس ومشموم ومركوب ومنكوح ، فأحسن طعامها العسل وهو بزقة ذبابة ، وأكثر شرابها الماء يستوي فيه جميع الحيوان ، وأفضل ملبوسها الديباج وهو نسج دودة ، وأفضل المشموم المسك وهو دم فأرة ، وأفضل المركوب الفرس وعليها يقتل الرجال ، وأما المنكوح فالنساء وهو مبال في مبال ، والله إن المرأة لتزين أحسنها يراد به أقبحها . ثم ضرب الله تعالى لها مثلا بالزرع في غيث فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20كمثل غيث أي : مطر
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20أعجب الكفار نباته الكفار هنا : الزراع لأنهم يغطون البذر . والمعنى أن الحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين إليه لخضرته بكثرة الأمطار ، ثم لا يلبث أن يصير هشيما كأن لم يكن ، وإذا أعجب الزراع فهو غاية ما يستحسن . وقد مضى معنى هذا المثل في ( يونس ) و ( الكهف ) . وقيل : الكفار هنا الكافرون بالله عز وجل ، لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا من
[ ص: 231 ] المؤمنين . وهذا قول حسن ، فإن أصل الإعجاب لهم وفيهم ، ومنهم يظهر ذلك ، وهو التعظيم للدنيا وما فيها . وفي الموحدين من ذلك فروع تحدث من شهواتهم ، وتتقلل عندهم وتدق إذا ذكروا الآخرة . وموضع الكاف رفع على الصفة .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20ثم يهيج أي : يجف بعد خضرته
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20فتراه مصفرا أي : متغيرا عما كان عليه من النضرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20ثم يكون حطاما أي : فتاتا وتبنا فيذهب بعد حسنه ، كذلك دنيا الكافر .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وفي الآخرة عذاب شديد أي : للكافرين . والوقف عليه حسن ، ويبتدئ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20ومغفرة من الله ورضوان أي : للمؤمنين .
. وقال
الفراء :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة تقديره إما عذاب شديد وإما مغفرة ، فلا يوقف على شديد .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور هذا تأكيد ما سبق ، أي : تغر الكفار ، فأما المؤمن فالدنيا له متاع بلاغ إلى الجنة . وقيل : العمل للحياة الدنيا متاع الغرور تزهيدا في العمل للدنيا ، وترغيبا في العمل للآخرة .
nindex.php?page=treesubj&link=29028قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21سابقوا إلى مغفرة من ربكم أي : سارعوا بالأعمال الصالحة التي توجب المغفرة لكم من ربكم . وقيل : سارعوا بالتوبة ، لأنها تؤدي إلى المغفرة ؛ قاله
الكلبي . وقيل التكبيرة الأولى مع الإمام ؛ قاله
مكحول . وقيل : الصف الأول .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21وجنة عرضها كعرض السماء والأرض لو وصل بعضها ببعض . قال
الحسن : يعني جميع السماوات والأرضين مبسوطتان كل واحدة إلى صاحبتها . وقيل : يريد لرجل واحد أي : لكل واحد جنة بهذه السعة . وقال
ابن كيسان : عنى به جنة واحدة من الجنات . والعرض أقل من الطول ، ومن عادة العرب أنها تعبر عن سعة الشيء بعرضه دون طوله . قال :
كأن بلاد الله وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل
وقد مضى هذا كله في ( آل عمران ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب : قال قوم من أهل
الحيرة لعمر رضي الله عنه : أرأيت قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21وجنة عرضها كعرض السماء والأرض فأين النار ؟ فقال لهم
عمر : أرأيتم الليل إذا ولى وجاء النهار أين يكون الليل ؟ فقالوا : لقد نزعت بما في التوراة مثله .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21أعدت للذين آمنوا بالله ورسله شرط الإيمان لا غير ، وفيه تقوية الرجاء . وقد قيل : شرط الإيمان هنا ، وزاد عليه في ( آل عمران ) فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء أي : إن
nindex.php?page=treesubj&link=30404الجنة لا تنال ولا تدخل إلا برحمة الله تعالى وفضله . وقد مضى هذا في ( الأعراف ) وغيرها .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21والله ذو الفضل العظيم .