وأيضا : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=31825_29041_24589الله عز وجل ذم عموم الإنسان واستثنى إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون ، [ كما ] قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=19إن الإنسان خلق هلوعا nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=20إذا مسه الشر جزوعا nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=21وإذا مسه الخير منوعا nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=22إلا المصلين nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الذين هم على صلاتهم دائمون ) [ المعارج ] والسلف من الصحابة ومن بعدهم قد فسروا الدائم على الصلاة بالمحافظ على أوقاتها ، وبالدائم على أفعالها بالإقبال عليها ، والآية تعم هذا وهذا ، فإنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23على صلاتهم دائمون ) والدائم على الفعل هو المديم له الذي يفعله دائما ، فإذا كان هذا فيما يفعل في الأوقات المتفرقة : هو أن يفعله كل يوم بحيث لا يفعله تارة ويتركه أخرى ، وسمي ذلك دواما عليه ، فالدوام على الفعل الواحد المتصل أولى أن يكون دواما وأن تتناول الآية ذلك ، وذلك يدل على وجوب إدامة أفعالها ؛ لأن الله عز وجل ذم عموم الإنسان واستثنى المداوم على هذه الصفة ، فتارك إدامة أفعالها يكون مذموما من الشارع ، والشارع لا يذم إلا على ترك واجب أو فعل محرم .
وأيضا : فإنه سبحانه وتعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=22إلا المصلين nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الذين هم على صلاتهم دائمون ) ، فدل ذلك على أن المصلي قد يكون دائما على صلاته وقد لا يكون دائما عليها ، وأن المصلي الذي ليس بدائم مذموم ، وهذا يوجب ذم من لا يديم أفعاله المتصلة والمنفصلة ، وإذا
[ ص: 73 ] وجب دوام أفعالها فذلك هو نفس الطمأنينة ؛ فإنه يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=1542وجوب إدامة الركوع والسجود وغيرهما ، ولو كان المجزئ أقل مما ذكر من الخفض - وهو نقر الغراب - لم يكن ذلك دواما ، ولم يجب الدوام على الركوع والسجود ، وهما أصل أفعال الصلاة .
فعلم أنه كما تجب الصلاة يجب الدوام عليها المتضمن للطمأنينة والسكينة في أفعالها .
وأيضا : فقد قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) [ البقرة ].
وهذا يقتضي
nindex.php?page=treesubj&link=25353ذم غير الخاشعين ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله ) [ البقرة : 143 ] ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13كبر على المشركين ما تدعوهم إليه ) [ الشورى : 13 ] .
فقد دل كتاب الله عز وجل على من كبر عليه ما يحبه الله ، [ فأنه ] مذموم بذلك في الدين مسخوط منه ذلك ، والذم أو السخط لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محرم ، وإذا كان غير الخاشعين مذمومين دل ذلك على وجوب الخشوع .
فمن المعلوم أن الخشوع المذكور في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) لا بد أن يتضمن
nindex.php?page=treesubj&link=25353_30416الخشوع في الصلاة ؛ فإنه لو كان المراد الخشوع خارج الصلاة لفسد المعنى ؛ إذ لو قيل : إن الصلاة لكبيرة إلا على من خشع خارجها ولم يخشع فيها كان
[ ص: 74 ] يقتضي أنها لا تكبر على من لم يخشع فيها وتكبر على من خشع فيها ، وقد انتفى مدلول الآية ، فثبت أن الخشوع واجب في الصلاة .
ويدل على وجوب الخشوع فيها أيضا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قد أفلح المؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الذين هم في صلاتهم خاشعون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=3والذين هم عن اللغو معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=4والذين هم للزكاة فاعلون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5والذين هم لفروجهم حافظون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=7فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=8والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=9والذين هم على صلواتهم يحافظون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=10أولئك هم الوارثون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=11الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) [ المؤمنون ] .
أخبر سبحانه وتعالى أن هؤلاء هم الذين يرثون فردوس الجنة ، وذلك يقتضي أنه لا يرثها غيرهم ، وقد دل هذا على وجوب هذه الخصال ؛ إذ لو كان فيها ما هو مستحب لكانت جنة الفردوس تورث بدونها ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=30394_30415_30416الجنة تنال بفعل الواجبات دون المستحبات ؛ ولهذا لم يذكر في هذه الخصال إلا ما هو واجب ، وإذا كان الخشوع في الصلاة واجبا فالخشوع يتضمن السكينة والتواضع جميعا .
ومنه حديث
عمر رضي الله عنه : حيث رأى رجلا يعبث في صلاته فقال : " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه " أي لسكنت وخضعت ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=39ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت ) [ فصلت : 39 ] فأخبر أنها بعد الخشوع تهتز ، والاهتزاز حركة ، وتربو ، والربو : الارتفاع .
فعلم أن الخشوع فيه سكون وانخفاض ؛ ولهذا
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003842كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حال ركوعه : " اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت [ ص: 75 ] خشع لك سمعي وبصري ومخي وعقلي وعصبي " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه ، فوصف نفسه بالخشوع في حال الركوع ؛ لأن الراكع ساكن متواضع ، وبذلك فسرت الآية ، ففي التفسير المشهور الذي يقال له : تفسير
الوالبي ، عن
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما - وقد رواه المصنفون في التفسير
كأبي بكر بن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935ومحمد بن جرير الطبري وغيرهما ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16442أبي صالح عبد الله بن صالح عن
معاوية بن أبي صالح عن
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2في صلاتهم خاشعون ) يقول : خائفون ساكنون ، ورووا في التفاسير المسندة كتفسير
ابن المنذر وغيره من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
منصور عن
مجاهد " خاشعون " قال : السكون فيها ، قال : وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، ومن حديث
هشام عن
مغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : الخشوع في القلب ، وقال : ساكنون ، قال
الضحاك : الخشوع الرهبة لله ، وروي عن
الحسن : خائفون ، وروى
ابن المنذر من حديث
أبي عبد الرحمن المقبري ، حدثنا
المسعودي ، حدثنا
أبو سنان أنه قال في هذه الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : الخشوع في القلب وأن يلين كنفه للمرء المسلم وأن لا [ تلتفت ] في صلاتك ، وفي تفسير
ابن المنذر أيضا ما في تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه عن
روح ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الذين هم في صلاتهم خاشعون )
[ ص: 76 ] قال : الخشوع في القلب والخوف وغض البصر في الصلاة ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة معمر بن المثنى في كتابه " مجاز القرآن " (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2في صلاتهم خاشعون ) أي لا تطمح أبصارهم ولا يلتفتون .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في كتاب الناسخ والمنسوخ من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه في التفسير ،
وابن المنذر أيضا في التفسير الذي له ، رواه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، حدثني
خالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003843كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع بصره إلى السماء فأمر بالخشوع فرمى ببصره نحو مسجده " أي محل سجوده ، قال
سفيان : وحدثني غيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين " أن هذه الآية نزلت في ذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قد أفلح المؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : هو سكون المرء في صلاته " قال
معمر : وقال
الحسن : " خائفون " وقال
قتادة : " الخشوع في القلب " ومنه
nindex.php?page=treesubj&link=29509_24422_25353خشوع البصر وخفضه وسكونه عند تقليبه في الجهات ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فتول عنهم يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر ) [ القمر ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=43يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=44خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون [ المعارج ] وفي القراءة الأخرى [ في الآية الأولى ] ( [ خاشعا ] أبصارهم ) وفي هاتين الآيتين وصف أجسادهم بالحركة السريعة حيث لم يصف بالخشوع إلا أبصارهم ، بخلاف آية الصلاة ، فإنه وصف
[ ص: 77 ] بالخشوع جملة المصلين بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الذين هم في صلاتهم خاشعون ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) [ القلم ] .
ومن ذلك : خشوع الأصوات ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108وخشعت الأصوات للرحمن ) [ طه : 108 ] وهو انخفاضها وسكونها ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=44وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=45وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي ) [ الشورى : 44 ، 45 ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=2وجوه يومئذ خاشعة nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=3عاملة ناصبة nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=4تصلى نارا حامية nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=5تسقى من عين آنية ) [ الغاشية ] وهذا يكون يوم القيامة ، وهذا هو الصواب من القولين بلا ريب ، كما قال في القسم الآخر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=8وجوه يومئذ ناعمة nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=9لسعيها راضية nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=10في جنة عالية ) [ الغاشية ] وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=72ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=73وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) [ الأنبياء ] .
وإذا كان الخشوع في الصلاة واجبا وهو متضمن للسكون والخشوع ،
nindex.php?page=treesubj&link=1542_25353فمن نقر نقر الغراب لم يخشع في سجوده ، وكذلك من لم يرفع رأسه من الركوع ويستقر قبل أن ينخفض لم يسكن ؛ لأن السكون هو الطمأنينة بعينها ، فمن لم يطمئن لم يسكن ، ومن لم يسكن لم يخشع في ركوعه ولا في سجوده ، ومن لم يخشع كان آثما عاصيا ، وهو الذي بيناه .
[ ص: 78 ] ويدل على وجوب الخشوع في الصلاة : أن النبي صلى الله عليه وسلم توعد تاركيه كالذي يرفع بصره إلى السماء ، فإنه حركته ورفعه ، وهو ضد حال الخاشع ، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003844nindex.php?page=treesubj&link=25353_22750ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم ؟ " فاشتد قوله في ذلك فقال : " لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم " ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003845دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وفيه ناس يصلون رافعي أبصارهم إلى السماء فقال : " لينتهين رجال يشخصون أبصارهم إلى السماء أو لا ترجع إليهم أبصارهم " الأول : في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والثاني : في
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وكلاهما في سنن
أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003846كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع بصره في الصلاة فلما نزلت هذه الآية ( nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قد أفلح المؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الذين هم في صلاتهم خاشعون ) لم يكن يجاوز بصره موضع سجوده " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في كتاب الناسخ والمنسوخ .
فلما كان
nindex.php?page=treesubj&link=22750رفع البصر إلى السماء ينافي الخشوع حرمه النبي صلى الله عليه وسلم وتوعد عليه .
وَأَيْضًا : فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31825_29041_24589اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَمَّ عُمُومَ الْإِنْسَانِ وَاسْتَثْنَى إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ، [ كَمَا ] قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=19إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=20إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=21وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=22إِلَّا الْمُصَلِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ) [ الْمَعَارِجِ ] وَالسَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَدْ فَسَّرُوا الدَّائِمَ عَلَى الصَّلَاةِ بِالْمُحَافِظِ عَلَى أَوْقَاتِهَا ، وَبِالدَّائِمِ عَلَى أَفْعَالِهَا بِالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا ، وَالْآيَةُ تَعُمُّ هَذَا وَهَذَا ، فَإِنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ) وَالدَّائِمُ عَلَى الْفِعْلِ هُوَ الْمُدِيمُ لَهُ الَّذِي يَفْعَلُهُ دَائِمًا ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِيمَا يُفْعَلُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ : هُوَ أَنْ يَفْعَلَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِحَيْثُ لَا يَفْعَلُهُ تَارَةً وَيَتْرُكُهُ أُخْرَى ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ دَوَامًا عَلَيْهِ ، فَالدَّوَامُ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ الْمُتَّصِلِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ دَوَامًا وَأَنْ تَتَنَاوَلَ الْآيَةُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ إِدَامَةِ أَفْعَالِهَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَمَّ عُمُومَ الْإِنْسَانِ وَاسْتَثْنَى الْمُدَاوِمَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ، فَتَارِكُ إِدَامَةِ أَفْعَالِهَا يَكُونُ مَذْمُومًا مِنَ الشَّارِعِ ، وَالشَّارِعُ لَا يَذُمُّ إِلَّا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ .
وَأَيْضًا : فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=22إِلَّا الْمُصَلِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ) ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ قَدْ يَكُونُ دَائِمًا عَلَى صَلَاتِهِ وَقَدْ لَا يَكُونُ دَائِمًا عَلَيْهَا ، وَأَنَّ الْمُصَلِّيَ الَّذِي لَيْسَ بِدَائِمٍ مَذْمُومٌ ، وَهَذَا يُوجِبُ ذَمَّ مَنْ لَا يُدِيمُ أَفْعَالَهُ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ ، وَإِذَا
[ ص: 73 ] وَجَبَ دَوَامُ أَفْعَالِهَا فَذَلِكَ هُوَ نَفْسُ الطُّمَأْنِينَةِ ؛ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=1542وُجُوبِ إِدَامَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَغَيْرِهِمَا ، وَلَوْ كَانَ الْمُجْزِئُ أَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ مِنَ الْخَفْضِ - وَهُوَ نَقْرُ الْغُرَابِ - لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَوَامًا ، وَلَمْ يَجِبِ الدَّوَامُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، وَهُمَا أَصْلُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ .
فَعُلِمَ أَنَّهُ كَمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ يَجِبُ الدَّوَامُ عَلَيْهَا الْمُتَضَمِّنُ لِلطُّمَأْنِينَةِ وَالسَّكِينَةِ فِي أَفْعَالِهَا .
وَأَيْضًا : فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) [ الْبَقَرَةِ ].
وَهَذَا يَقْتَضِي
nindex.php?page=treesubj&link=25353ذَمَّ غَيْرِ الْخَاشِعِينَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ) [ الْبَقَرَةِ : 143 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=13كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ) [ الشُّورَى : 13 ] .
فَقَدْ دَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ كَبُرَ عَلَيْهِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ ، [ فَأَنَّهُ ] مَذْمُومٌ بِذَلِكَ فِي الدِّينِ مَسْخُوطٌ مِنْهُ ذَلِكَ ، وَالذَّمُّ أَوِ السُّخْطُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ ، وَإِذَا كَانَ غَيْرُ الْخَاشِعِينَ مَذْمُومِينَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْخُشُوعِ .
فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْخُشُوعَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) لَا بُدَّ أَنْ يَتَضَمَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=25353_30416الْخُشُوعَ فِي الصَّلَاةِ ؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْخُشُوعَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَفَسَدَ الْمَعْنَى ؛ إِذْ لَوْ قِيلَ : إِنَّ الصَّلَاةَ لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى مَنْ خَشَعَ خَارِجَهَا وَلَمْ يَخْشَعْ فِيهَا كَانَ
[ ص: 74 ] يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَكْبُرُ عَلَى مَنْ لَمْ يَخْشَعْ فِيهَا وَتَكْبُرُ عَلَى مَنْ خَشَعَ فِيهَا ، وَقَدِ انْتَفَى مَدْلُولُ الْآيَةِ ، فَثَبَتَ أَنَّ الْخُشُوعَ وَاجِبٌ فِي الصَّلَاةِ .
وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْخُشُوعِ فِيهَا أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=3وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=4وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=7فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=8وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=9وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=10أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=11الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [ الْمُؤْمِنُونَ ] .
أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ يَرِثُونَ فِرْدَوْسَ الْجَنَّةِ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا غَيْرُهُمْ ، وَقَدْ دَلَّ هَذَا عَلَى وُجُوبِ هَذِهِ الْخِصَالِ ؛ إِذْ لَوْ كَانَ فِيهَا مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ لَكَانَتْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ تُورَثُ بِدُونِهَا ؛ لَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30394_30415_30416الْجَنَّةَ تُنَالُ بِفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ دُونَ الْمُسْتَحَبَّاتِ ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الْخِصَالِ إِلَّا مَا هُوَ وَاجِبٌ ، وَإِذَا كَانَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبًا فَالْخُشُوعُ يَتَضَمَّنُ السَّكِينَةَ وَالتَّوَاضُعَ جَمِيعًا .
وَمِنْهُ حَدِيثُ
عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : حَيْثُ رَأَى رَجُلًا يَعْبَثُ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ : " لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ " أَيْ لَسَكَنَتْ وَخَضَعَتْ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=39وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ) [ فُصِّلَتْ : 39 ] فَأَخْبَرَ أَنَّهَا بَعْدَ الْخُشُوعِ تَهْتَزُّ ، وَالِاهْتِزَازُ حَرَكَةٌ ، وَتَرْبُو ، وَالرَّبْوُّ : الِارْتِفَاعُ .
فَعُلِمَ أَنَّ الْخُشُوعَ فِيهِ سُكُونٌ وَانْخِفَاضٌ ؛ وَلِهَذَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003842كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَالِ رُكُوعِهِ : " اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ [ ص: 75 ] خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَقْلِي وَعَصَبِي " رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فِي صَحِيحِهِ ، فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِالْخُشُوعِ فِي حَالِ الرُّكُوعِ ؛ لِأَنَّ الرَّاكِعَ سَاكِنٌ مُتَوَاضِعٌ ، وَبِذَلِكَ فُسِّرَتِ الْآيَةُ ، فَفِي التَّفْسِيرِ الْمَشْهُورِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : تَفْسِيرُ
الوالبي ، عَنْ
علي بن أبي طلحة عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَدْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي التَّفْسِيرِ
كأبي بكر بن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16442أَبِي صَالِحٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ
معاوية بن أبي صالح عَنْ
علي بن أبي طلحة عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) يَقُولُ : خَائِفُونَ سَاكِنُونَ ، وَرَوَوْا فِي التَّفَاسِيرِ الْمُسْنَدَةِ كَتَفْسِيرِ
ابن المنذر وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ
منصور عَنْ
مجاهد " خَاشِعُونَ " قَالَ : السُّكُونُ فِيهَا ، قَالَ : وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ، وَمِنْ حَدِيثِ
هشام عَنْ
مغيرة عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ : الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ ، وَقَالَ : سَاكِنُونَ ، قَالَ
الضحاك : الْخُشُوعُ الرَّهْبَةُ لِلَّهِ ، وَرُوِيَ عَنِ
الحسن : خَائِفُونَ ، وَرَوَى
ابن المنذر مِنْ حَدِيثِ
أبي عبد الرحمن المقبري ، حَدَّثَنَا
المسعودي ، حَدَّثَنَا
أبو سنان أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) قَالَ : الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ وَأَنْ يَلِينَ كَنَفُهُ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ وَأَنْ لَا [ تَلْتَفِتَ ] فِي صَلَاتِكَ ، وَفِي تَفْسِيرِ
ابن المنذر أَيْضًا مَا فِي تَفْسِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ عَنْ
روح ، حَدَّثَنَا
سعيد ، عَنْ
قتادة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ )
[ ص: 76 ] قَالَ : الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ وَالْخَوْفُ وَغَضُّ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى فِي كِتَابِهِ " مَجَازِ الْقُرْآنِ " (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) أَيْ لَا تَطْمَحُ أَبْصَارُهُمْ وَلَا يَلْتَفِتُونَ .
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ ،
وابن المنذر أَيْضًا فِي التَّفْسِيرِ الَّذِي لَهُ ، رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ ، حَدَّثَنِي
خالد ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003843كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَأُمِرَ بِالْخُشُوعِ فَرَمَى بِبَصَرِهِ نَحْوَ مَسْجِدِهِ " أَيْ مَحَلِّ سُجُودِهِ ، قَالَ
سفيان : وَحَدَّثَنِي غَيْرُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ " أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) قَالَ : هُوَ سُكُونُ الْمَرْءِ فِي صَلَاتِهِ " قَالَ
معمر : وَقَالَ
الحسن : " خَائِفُونَ " وَقَالَ
قتادة : " الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ " وَمِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29509_24422_25353خُشُوعُ الْبَصَرِ وَخَفْضُهُ وَسُكُونُهُ عِنْدَ تَقْلِيبِهِ فِي الْجِهَاتِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=6فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=7خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ) [ الْقَمَرِ ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=43يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=44خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [ الْمَعَارِجِ ] وَفِي الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى [ فِي الْآيَةِ الْأُولَى ] ( [ خَاشِعًا ] أَبْصَارُهُمْ ) وَفِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَصَفَ أَجْسَادَهُمْ بِالْحَرَكَةِ السَّرِيعَةِ حَيْثُ لَمْ يَصِفْ بِالْخُشُوعِ إِلَّا أَبْصَارَهُمْ ، بِخِلَافِ آيَةِ الصَّلَاةِ ، فَإِنَّهُ وَصَفَ
[ ص: 77 ] بِالْخُشُوعِ جُمْلَةَ الْمُصَلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=45وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=43خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) [ الْقَلَمِ ] .
وَمِنْ ذَلِكَ : خُشُوعُ الْأَصْوَاتِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ ) [ طَهَ : 108 ] وَهُوَ انْخِفَاضُهَا وَسُكُونُهَا ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=44وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=45وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ) [ الشُّورَى : 44 ، 45 ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=2وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=3عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=4تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=5تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) [ الْغَاشِيَةِ ] وَهَذَا يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ بِلَا رَيْبٍ ، كَمَا قَالَ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=8وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=9لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=10فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ) [ الْغَاشِيَةِ ] وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=72وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=73وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ ] .
وَإِذَا كَانَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبًا وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلسُّكُونِ وَالْخُشُوعِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=1542_25353فَمَنْ نَقَرَ نَقْرَ الْغُرَابِ لَمْ يَخْشَعْ فِي سُجُودِهِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَيَسْتَقِرَّ قَبْلَ أَنْ يَنْخَفِضَ لَمْ يَسْكُنْ ؛ لِأَنَّ السُّكُونَ هُوَ الطُّمَأْنِينَةُ بِعَيْنِهَا ، فَمَنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ لَمْ يَسْكُنْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْكُنْ لَمْ يَخْشَعْ فِي رُكُوعِهِ وَلَا فِي سُجُودِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَخْشَعْ كَانَ آثِمًا عَاصِيًا ، وَهُوَ الَّذِي بَيَّنَّاهُ .
[ ص: 78 ] وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَعَّدَ تَارِكِيهِ كَالَّذِي يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِنَّهُ حَرَكَتُهُ وَرَفْعُهُ ، وَهُوَ ضِدُّ حَالِ الْخَاشِعِ ، فَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003844nindex.php?page=treesubj&link=25353_22750مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ ؟ " فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : " لِيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ " ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=98جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003845دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَفِيهِ نَاسٌ يُصَلُّونَ رَافِعِي أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : " لَيَنْتَهِيَنَّ رِجَالٌ يُشْخِصُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبْصَارُهُمْ " الْأَوَّلُ : فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَالثَّانِي : فِي
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وَكِلَاهُمَا فِي سُنَنِ
أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنِ مَاجَهْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16003846كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=1قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=2الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) لَمْ يَكُنْ يُجَاوِزُ بَصَرُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ " رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ .
فَلَمَّا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=22750رَفْعُ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ يُنَافِي الْخُشُوعَ حَرَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَعَّدَ عَلَيْهِ .