فصل في
nindex.php?page=treesubj&link=17270هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حكة الجسم وما يولد القمل
في " الصحيحين " من حديث قتادة عن أنس بن مالك قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002546رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما في nindex.php?page=treesubj&link=17270_17360_17622لبس الحرير لحكة كانت بهما )
وفي رواية (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002547أن nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما ، شكوا القمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة لهما ، فرخص لهما في قمص الحرير ، ورأيته عليهما ) .
هذا الحديث يتعلق به أمران : أحدهما : فقهي ، والآخر طبي .
فأما الفقهي : فالذي استقرت عليه سنته صلى الله عليه وسلم إباحة الحرير للنساء مطلقا ، وتحريمه على الرجال إلا لحاجة ومصلحة راجحة ، فالحاجة إما من شدة البرد ولا يجد غيره ، أو لا يجد سترة سواه . ومنها : لباسه للجرب ، والمرض والحكة وكثرة القمل كما دل عليه حديث
أنس هذا الصحيح .
[ ص: 71 ] والجواز : أصح الروايتين عن الإمام
أحمد ، وأصح قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، إذ الأصل عدم التخصيص ، والرخصة إذا ثبتت في حق بعض الأمة لمعنى تعدت إلى كل من وجد فيه ذلك المعنى ، إذ الحكم يعم بعموم سببه .
ومن منع منه قال أحاديث التحريم عامة ، وأحاديث الرخصة يحتمل اختصاصها
nindex.php?page=showalam&ids=38بعبد الرحمن بن عوف والزبير ، ويحتمل تعديها إلى غيرهما . وإذا احتمل الأمران كان الأخذ بالعموم أولى ؛ ولهذا قال بعض الرواة في هذا الحديث : فلا أدري أبلغت الرخصة من بعدهما أم لا ؟
والصحيح عموم الرخصة ، فإنه عرف خطاب الشرع في ذلك ما لم يصرح بالتخصيص ، وعدم إلحاق غير من رخص له أولا به ، كقوله لأبي بردة في تضحيته بالجذعة من المعز : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002548تجزيك ولن تجزي عن أحد بعدك ) وكقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في نكاح من وهبت نفسها له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50خالصة لك من دون المؤمنين ) [ الأحزاب : 50 ] .
وتحريم الحرير إنما كان سدا للذريعة ، ولهذا أبيح للنساء وللحاجة والمصلحة الراجحة ، وهذه قاعدة ما حرم لسد الذرائع ، فإنه يباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة كما حرم النظر سدا لذريعة الفعل ، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة والمصلحة الراجحة ، وكما حرم
nindex.php?page=treesubj&link=1492التنفل بالصلاة في أوقات النهي سدا لذريعة المشابهة الصورية بعباد الشمس ، وأبيحت للمصلحة الراجحة ، وكما حرم ربا الفضل سدا لذريعة ربا النسيئة ، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة من العرايا ،
[ ص: 72 ] وقد أشبعنا الكلام فيما يحل ويحرم من لباس الحرير في كتاب " التحبير لما يحل ويحرم من لباس الحرير "
فَصْلٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=17270هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ حِكَّةِ الْجِسْمِ وَمَا يُوَلِّدُ الْقَمْلَ
فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002546رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=38لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي nindex.php?page=treesubj&link=17270_17360_17622لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا )
وَفِي رِوَايَةٍ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002547أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، شَكَوَا الْقَمْلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ لَهُمَا ، فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ ، وَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا ) .
هَذَا الْحَدِيثُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرَانِ : أَحَدُهُمَا : فِقْهِيٌّ ، وَالْآخَرُ طِبِّيٌّ .
فَأَمَّا الْفِقْهِيُّ : فَالَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ سُنَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبَاحَةُ الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ مُطْلَقًا ، وَتَحْرِيمُهُ عَلَى الرِّجَالِ إِلَّا لِحَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ ، فَالْحَاجَةُ إِمَّا مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ وَلَا يَجِدُ غَيْرَهُ ، أَوْ لَا يَجِدُ سُتْرَةً سِوَاهُ . وَمِنْهَا : لِبَاسُهُ لِلْجَرَبِ ، وَالْمَرَضِ وَالْحِكَّةِ وَكَثْرَةِ الْقَمْلِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ
أنس هَذَا الصَّحِيحُ .
[ ص: 71 ] وَالْجَوَازُ : أَصَحَّ الرّوَايَتَيْنِ عَنِ الْإِمَامِ
أحمد ، وَأَصَحُّ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، إِذِ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّخْصِيصِ ، وَالرُّخْصَةُ إِذَا ثَبَتَتْ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأُمَّةِ لِمَعْنًى تَعَدَّتْ إِلَى كُلِّ مَنْ وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، إِذِ الْحُكْمُ يَعُمُّ بِعُمُومِ سَبَبِهِ .
وَمَنْ مَنَعَ مِنْهُ قَالَ أَحَادِيثُ التَّحْرِيمِ عَامَّةٌ ، وَأَحَادِيثُ الرُّخْصَةِ يُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهَا
nindex.php?page=showalam&ids=38بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ والزبير ، وَيُحْتَمَلُ تَعَدِّيهَا إِلَى غَيْرِهِمَا . وَإِذَا احْتُمِلَ الْأَمْرَانِ كَانَ الْأَخْذُ بِالْعُمُومِ أَوْلَى ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : فَلَا أَدْرِي أَبْلَغَتِ الرُّخْصَةُ مِنْ بَعْدِهِمَا أَمْ لَا ؟
وَالصَّحِيحُ عُمُومُ الرُّخْصَةِ ، فَإِنَّهُ عُرْفُ خِطَابِ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّخْصِيصِ ، وَعَدَمِ إِلْحَاقِ غَيْرِ مَنْ رَخَّصَ لَهُ أَوَّلًا بِهِ ، كَقَوْلِهِ لِأَبِي بُرْدَةَ فِي تَضْحِيَتِهِ بِالْجَذَعَةِ مِنَ الْمَعْزِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16002548تَجْزِيكَ وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ ) وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِكَاحِ مَنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) [ الْأَحْزَابِ : 50 ] .
وَتَحْرِيمُ الْحَرِيرِ إِنَّمَا كَانَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ ، وَلِهَذَا أُبِيحَ لِلنِّسَاءِ وَلِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ ، وَهَذِهِ قَاعِدَةُ مَا حُرِّمَ لِسَدِّ الذَّرَائِعِ ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ كَمَا حَرُمَ النَّظَرُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْفِعْلِ ، وَأُبِيحَ مِنْهُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ وَالْمَصْلَحَةُ الرَّاجِحَةُ ، وَكَمَا حَرُمَ
nindex.php?page=treesubj&link=1492التَّنَفُّلُ بِالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْمُشَابَهَةِ الصُّورِيِّةِ بِعُبَّادِ الشَّمْسِ ، وَأُبِيحَتْ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ ، وَكَمَا حَرُمَ رِبَا الْفَضْلِ سَدًّا لِذَرِيعَةِ رِبَا النَّسِيئَةِ ، وَأُبِيحَ مِنْهُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنَ الْعَرَايَا ،
[ ص: 72 ] وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْكَلَامَ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ فِي كِتَابِ " التَّحْبِيرُ لِمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ "