فصل .
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا علم من الرجل أنه من أهل الزكاة أعطاه ، وإن سأله أحد من أهل الزكاة ولم يعرف حاله ، أعطاه بعد أن يخبره أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب .
[ ص: 9 ] وكان يأخذها من أهلها ، ويضعها في حقها .
وكان من هديه ، وما فضل عنهم منها حملت إليه ففرقها هو صلى الله عليه وسلم ، ولذلك كان يبعث سعاته إلى البوادي ، ولم يكن يبعثهم إلى القرى ، بل أمر تفريق الزكاة على المستحقين الذين في بلد المال أن يأخذ الصدقة من أغنياء معاذ بن جبل أهل اليمن ، ويعطيها فقراءهم ، ولم يأمره بحملها إليه .
ولم يكن من هديه أن يبعث سعاته إلا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي والزروع والثمار ، وكان يبعث الخارص فيخرص على أرباب النخيل تمر نخيلهم ، وينظر كم يجيء منه وسقا ، فيحسب عليهم من الزكاة بقدره ، وكان يأمر [ ص: 10 ] الخارص أن يدع لهم الثلث أو الربع فلا يخرصه عليهم ، لما يعرو النخيل من النوائب ، وكان هذا الخرص لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتصرم ، وليتصرف فيها أربابها بما شاءوا ويضمنوا قدر الزكاة ، ولذلك كان يبعث الخارص إلى من ساقاه من أهل خيبر وزارعه ، فيخرص عليهم الثمار والزروع ويضمنهم شطرها ، وكان يبعث إليهم ، فأرادوا أن يرشوه فقال عبد الله بن رواحة عبد الله : ( ) . تطعموني السحت ؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي ، ولأنتم [ ص: 11 ] أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير ، ولا يحملني بغضي لكم وحبي إياه أن لا أعدل عليكم ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض
ولم يكن من هديه أخذ ، ولا البغال ولا الحمير ، ولا الخضراوات ، ولا المباطخ والمقاثي والفواكه التي لا تكال ولا تدخر إلا العنب والرطب ، فإنه كان يأخذ الزكاة منه جملة ولم يفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس . الزكاة من الخيل والرقيق