ذكر أسد الختل
وفيها غزا غزوة أسد الختل ، فوجه مصعب بن عمرو الخزاعي إليها ، فسار فنزل بقرب بدر طرخان فطلب الأمان ليخرج إلى أسد ، فآمنه مصعب ، فسيره إلى أسد ، فسأله أن [ ص: 243 ] يقبل منه ألف ألف درهم ، فأبى أسد وقال : إنك دخلتها وأنت غريب من أهل الباميان ، اخرج من الختل كما دخلت . قال بدرطرخان : فأنت دخلت إلى خراسان على عشرة من الدواب ولو خرجت منها لم تحتمل على خمسمائة بعير وغير ذلك ، إني دخلت الختل شابا ، فاردد علي شبابي ، وخذ ما كسبت منها .
فغضب أسد ورده إلى مصعب ليمكنه من العود إلى حصنه ، فوصل بدرطرخان مع مولى لأسد إلى مصعب ، فأخذه سلمة بن عبيد الله ، وهو من الموالي ، وقال : إن الأمير يندم على تركه وحبسه عنده .
وأقبل أسد بالناس ، فقال لمجشر بن مزاحم : كيف أنت ؟ قال مجشر : كنت أمس أحسن حالا مني اليوم ، كان بدرطرخان في أيدينا وعرض ما عرض ، فلا الأمير قبل منه ما عرض عليه ، ولا هو شد يده عليه ، ولكنه خلى سبيله ، وأمر بإدخاله حصنه . فندم أسد عند ذلك وأرسل إلى مصعب يسأله : هل دخل بدرطرخان حصنه أم لا ؟ فجاء الرسول فوجده عند سلمة بن عبيد الله ، فحوله أسد إليه وأمر به فقطعت يده ، وقال : من هاهنا من أولياء أبي فديك - رجل من الأزد كان بدرطرخان قد قتله ؟ - فقام رجل من الأزد فقال : أنا . فقال : اضرب عنقه ، ففعل . وغلب أسد على القلعة العظمى ، وبقيت قلعة فوقها صغيرة وفيها ولده وأمواله فلم يوصل إليها . وفرق أسد العسكر في أودية الختل فملأ أيديهم من الغنائم والسبي ، وهرب أهله إلى الصين .