ذكر المغيرة عن البصرة وولاية أبي موسى عزل
في هذه السنة عزل عمر عن المغيرة بن شعبة البصرة ، واستعمل عليها أبا موسى ، وأمره أن يشخص إليه في ربيع الأول ; قاله المغيرة بن شعبة . الواقدي
وكان سبب عزله أنه كان بين أبي بكرة منافرة ، وكانا متجاورين بينهما طريق ، وكانا في مشربتين في كل واحدة منهما كوة مقابلة الأخرى ، فاجتمع إلى والمغيرة بن شعبة أبي بكرة نفر يتحدثون في مشربته ، فهبت الريح ففتحت باب الكوة ، فقام أبو بكرة ليسده ، فبصر بالمغيرة وقد فتحت الريح باب كوة مشربته ، وهو بين رجلي امرأة ، فقال للنفر : قوموا فانظروا . فقاموا فنظروا ، وهم أبو بكرة ونافع بن كلدة ، وهو أخو وزياد بن أبيه أبي بكرة لأمه ، وشبل بن معبد البجلي ، فقال لهم : اشهدوا ، قالوا : ومن هذه ؟ قال : أم جميل بنت الأفقم ، وكانت من بني عامر بن صعصعة ، وكانت تغشى المغيرة والأمراء ، وكان بعض النساء يفعلن ذلك في زمانها ، فلما قامت عرفوها . فلما خرج المغيرة إلى الصلاة منعه أبو بكرة وكتب إلى عمر ، فبعث عمر أبا موسى أميرا على البصرة وأمره بلزوم السنة ، فقال : أعني بعدة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم في هذه الأمة كالملح . قال له : خذ من أحببت . فأخذ معه تسعة وعشرين رجلا ، منهم : أنس بن مالك وعمران بن حصين وهشام بن عامر ، وخرج معهم فقدم البصرة ، فدفع الكتاب بإمارته إلى المغيرة ، وهو أوجز كتاب وأبلغه : أما بعد فإنه بلغني نبأ عظيم ، فبعثت أبا موسى أميرا ، فسلم إليه ما في يدك والعجل . فأهدى إليه المغيرة وليدة تسمى عقيلة .
ورحل المغيرة ومعه أبو بكرة والشهود ، فقدموا على عمر ، فقال له المغيرة : سل [ ص: 364 ] هؤلاء الأعبد كيف رأوني أمستقبلهم أم مستدبرهم ، وكيف رأوا المرأة أو عرفوها ، فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر ، أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إلي في منزلي على امرأتي ؟ والله ما أتيت إلا امرأتي ! وكانت تشبهها . فشهد أبو بكرة أنه رآه على أم جميل يدخله كالميل في المكحلة ، وأنه رآهما مستدبرين ، وشهد شبل ونافع مثل ذلك . وأما زياد فإنه قال : رأيته جالسا بين رجلي امرأة ، فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان ، واستين مكشوفتين وسمعت حفزا شديدا . قال : هل رأيت كالميل في المكحلة ؟ قال : لا . قال : هل تعرف المرأة ؟ قال : لا ولكن أشبهها . قال : فتنح . وأمر بالثلاثة فجلدوا الحد . فقال المغيرة : اشفني من الأعبد . قال : اسكت أسكت الله نأمتك ، أما والله لو تمت الشهادة لرجمتك بأحجارك !