ذكر الملك الرحيم بالأهواز انهزام
لما انصرف الأمير أبو منصور ، وهزارسب ، ومن معهما من منزلهم قريب تستر ، على ما ذكرناه ، مضوا إلى أيذج وأقاموا فيها ، وخافوا الملك الرحيم ، واستضعفوا نفوسهم عن مقاومته ، فاتفق رأيهم على أن راسلوا السلطان طغرلبك ، وبذلوا له الطاعة ، وطلبوا منه المساعدة ، فأرسل إليهم عسكرا كثيرا ، وكان قد ملك أصبهان وفرغ باله منها .
وعرف الملك الرحيم ذلك وقد فارقه كثير من عسكره ، منهم : ، البساسيري ونور الدولة دبيس بن مزيد ، والعرب والأكراد ، وبقي في الديلم الأهوازية وطائفة قليلة م الأتراك البغداذيين كانوا وصلوا إليه أخيرا ، فقرر رأيه على أن عاد من عسكر مكرم إلى الأهواز لأنها أحصن ، وينتظر بالمقام فيها وصول العساكر ، ورأى أن يرسل أخاه الأمير أبا سعد إلى فارس ، حيث طلب إلى إصطخر ، على ما ذكرناه ، وسير معه جمعا صالحا من العساكر ، ظنا منه أن أخاه إذا وصل إلى فارس وملكت قلعة إصطخر - انزعج الأمير أبو منصور وهزارسب ومن معهما ، واشتغلوا بتلك النواحي عنه ، فازداد قلقا وضعفا ، فلم يلتفت أولئك إلى الأمير أبي سعد بل ساروا مجدين إلى الأهواز ، فوصلوها أواخر ربيع الآخر .
ووقعت الحرب بين الفريقين يومين متتابعين كثر فيهما القتال واشتد ، فانهزم [ ص: 95 ] الملك الرحيم ، وسار في نفر قليل إلى واسط ، ولقي في طريقه مشقة ، وسلم واستقر بواسط فيمن لحق به من المنهزمين ، ونهبت الأهواز ، وأحرق فيها عدة محال ، وفقد في الوقعة الوزير كمال الملك أبو المعالي بن عبد الرحيم ، ( وزير الملك الرحيم ) ، فلم يعرف له خبر .