[ ص: 776 ] ذكر السويداء وربض الرها فتح
في رجب من هذه السنة اجتمع ابن وثاب وابن عطير ، وتصاهرا ، وجمعا ، وأمدهما بعسكر كثيف ، فساروا جميعهم إلى نصر الدولة بن مروان السويداء ، وكان الروم قد أحدثوا عمارتها في ذلك الوقت ، واجتمع إليها أهل القرى المجاورة لها ، فحصرها المسلمون وفتحوها عنوة ، وقتلوا فيها ثلاثة آلاف وخمسمائة رجل ، وغنموا ما فيها ، وسبوا خلقا كثيرا ، وقصدوا الرها فحصروها ، وقطعوا الميرة عنها ، حتى بلغ مكوك الحنطة دينارا ، واشتد الأمر ، فخرج البطريق الذي فيها متخفيا ، ولحق بملك الروم ، وعرفه الحال ، فسير معه خمسة آلاف فارس ، فعاد بهم .
فعرف ومقدم عساكر ابن وثاب الحال ، فكمنا لهم ، فلما قاربوهم خرج الكمين عليهم ، فقتل من نصر الدولة الروم خلق كثير ، وأسر مثلهم ، وأسر البطريق وحمل إلى باب الرها ، وقالوا لمن فيها : إما أن تفتحوا البلد لنا ، وإما قتلنا البطريق والأسرى الذين معه ! ففتحوا البلد للعجز عن حفظه ، وتحصن أجناد الروم بالقلعة ، ودخل المسلمون المدينة ، وغنموا ما فيها ، وامتلأت أيديهم من الغنائم والسبي ، وأكثروا القتل ، ( وأرسل إلى آمد مائة وستين راحلة عليها رءوس القتلى ) وأقام محاصرا للقلعة . ابن وثاب
ثم إن حسان بن الجراح الطائي سار في خمسة آلاف فارس من العرب والروم نجدة لمن بالرها فسمع بقربه ، فسار إليه مجدا ليلقاه قبل وصوله ، فخرج من ابن وثاب الرها من الروم إلى حران فقاتلهم أهلها ، وسمع الخبر فعاد مسرعا ، فوقع على ابن وثاب الروم ، فقتل منهم كثيرا ، وعاد المنهزمون إلى الرها .