ذكر المعتضد بوصيف ومن معه ظفر
في هذه السنة هرب وصيف خادم محمد بن أبي الساج من برذعة إلى ملطية من أعمال مولاه ، وكتب إلى المعتضد يسأله أن يوليه الثغور ، فأخذ رسله وقررهم عن سبب مفارقة وصيف مولاه ، فذكروا له أنه فارقه على مواطأة منهما أنه متى ولي وصيف الثغور سار إليه مولاه ، وقصدا ديار مضر وتغلبا عليها .
فسار المعتضد نحوه ، فنزل العين السوداء ، وأراد الرحيل في طريق المصيصة ، [ ص: 509 ] فأتته العيون فأخبروه أن وصيفا يريد عين زربة ، فسأل أهل المعرفة بذلك الطريق ، وسألهم عن أقرب الطرق إلى لقاء وصيف ، فأخذوه وساروا به نحوه ، وقدم جمعا من عسكره بين يديه ، فلقوا وصيفا فقاتلوه ، وأخذوه أسيرا ، فأحضروه عند المعتضد فحبسه ، وأمر فنودي في أصحاب وصيف بالأمان ، وأمر العسكر برد ما نهبوه منهم ، ففعلوا ذلك .
وكانت الوقعة لثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة ; فلما فرغ منه رحل إلى المصيصة ، وأحضر رؤساء طرسوس فقبض عليهم لأنهم كاتبوا وصيفا ، وأمر بإحراق مراكب طرسوس التي كانوا يغزون فيها ، وجميع آلاتها ، وكان من جملتها نحو من خمسين مركبا قديمة ، قد أنفق عليها من الأموال ما لا يحصى ، ولا يمكن عمل مثلها ، فأضر ذلك بالمسلمين ، وفت في أعضادهم ، و [ قوي ] أمر الروم أن يغزو في البحر ، وكان إحراقها بإشارة دميانة غلام يازمان لشيء كان في نفسه على أهل طرسوس ، واستعمل على أهل الثغور الحسن بن علي كورة .
وسار المعتضد إلى أنطاكية وحلب وغيرهما ، وعاد إلى بغداذ .
( وفيها توفيت ابنة خمارويه زوج المعتضد ) .