ذكر العلوي صاحب الزنج إحراق قنطرة
ولما اشتغل الموفق بعلته أعاد الخبيث القنطرة التي غرق عندها نصير ، وزاد فيها وأحكمها ، ونصب دونها أدقال ساج ، وألبسها الحديد ، وسكر أمام ذلك سكرا من حجارة ليضيق المدخل على الشذا ، وتحتد جرية الماء في النهر ، فندب الموفق أصحابه ، وسير طائفة من شرقي نهر أبي الخصيب ، وطائفة من غربيه ، وأرسل معهما النجارين ، والفعلة لقطع القنطرة ، وما جعل أمامها ، وأمر بسفن مملوءة من القصب أن يصب عليها النفط ، وتدخل النهر ، ويلقى فيها النار ليحترق الجسر ، وفرق جنده على الخبثاء ليمنعوهم عن معاونة من عند القنطرة .
فسار الناس إلى ما أمرهم به عاشر شوال ، وتقدمت الطائفتان إلى الجسر ، فلقيهما [ ص: 407 ] أنكلاي ابن الخبيث ، وعلي بن أبان ، وسليمان بن جامع ، واشتبكت الحرب ، ودامت ، وحامى أولئك عن القنطرة لعلمهم بما عليهم في قطعها من المضرة ، وأن الوصول إلى الجسرين العظيمين اللذين يأتي ذكرهما يسهل .
ودامت الحرب على القنطرة إلى العصر ، ثم إن غلمان الموفق أزالوا الخبثاء عنها ، وقطعها النجارون ، ونقضوها ، وما كان عمل من الأدقال الساج ، وكان قطعها قد تعذر عليهم ، فأدخلوا تلك السفن التي فيها القصب ، والنفط ، وأضرموها نارا ، فوافت القنطرة ، فأحرقوها ، فوصل النجارون بذلك إلى ما أرادوا ، وأمكن أصحاب الشذا دخول النهر ، فدخلوا ، وقتلوا الزنج حتى أجلوهم عن مواقفهم إلى الجسر الأول الذي يتلو هذه القنطرة ، وقتل من الزنج خلق كثير ، واستأمن بشر كثير ، ووصل أصحاب الموفق إلى الجسر المغرب ، فكره أن يدركهم الليل ، فأمرهم بالرجوع فرجعوا ، وكتب إلى البلدان أن يقرأ على المنابر أن يؤتى المحسن على قدر إحسانه ليزدادوا جدا في حرب عدوه ، وأخرب من الغد برجين من حجارة كانوا عملوهما ليمنعوا الشذا من الخروج منه إذا دخلته ، فلما أخربهما سهل له ما أراد من دخول النهر ، والخروج منه .