ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=31807الأحداث التي كانت في عهد آدم في الدنيا
وكان أول ذلك قتل
قابيل بن آدم أخاه
هابيل ، وأهل العلم مختلفون في اسم
قابيل ، فبعضهم يقول : قين ، وبعضهم يقول : قائين ، وبعضهم يقول قاين ، وبعضهم يقول : قابيل .
واختلفوا أيضا في سبب قتله ، فقيل : كان سببه أن
آدم كان يغشى
حواء في الجنة قبل أن يصيب الخطيئة فحملت له فيها
بقابيل بن آدم وتوأمته ، فلم تجد عليهما وحما ، ولا وصبا ، ولم تجد عليهما طلقا حين ولدتهما ولم تر معهما دما لطهر الجنة ، فلما أكلا من الشجرة ، وهبطا إلى الأرض فاطمأنا بها تغشاها فحملت
بهابيل ، وتوأمته ، فوجدت عليهما الوحم ، والوصب ، والطلق حين ولدتهما ، ورأت معهما الدم ، وكانت
حواء فيما يذكرون لا تحمل إلا توأما ذكرا وأنثى ، فولدت
حواء لآدم أربعين ولدا لصلبه من ذكر وأنثى في عشرين بطنا ، وكان الولد منهم أي أخواته شاء تزوج إلا توأمته التي تولد معه ، فإنها لا تحل له ، وذلك أنه لم يكن يومئذ نساء إلا أخواتهم ، وأمهم
حواء ، فأمر
آدم ابنه
قابيل أن ينكح توأمة
هابيل ، وأمر
هابيل أن ينكح توأمة أخيه
قابيل .
وقيل : بل كان
آدم غائبا ، وكان لما أراد السير قال للسماء : احفظي ولدي بالأمانة ، فأبت ، وقال للأرض فأبت ، وللجبال فأبت ، وقال
لقابيل ، فقال : نعم تذهب وترجع وستجده كما يسرك . فانطلق
آدم فكان ما نذكره .
[ ص: 39 ] وفيه قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا . فلما قال
آدم لقابيل وهابيل في معنى نكاح أختيهما ما قال لهما سلم
هابيل لذلك ورضي به ، وأبى ذلك
قابيل وكرهه تكرها عن أخت
هابيل ورغب بأخته عن
هابيل ، وقال : نحن من ولادة الجنة وهما من ولادة الأرض فأنا أحق بأختي .
وقال بعض أهل العلم : إن أخت
قابيل كانت من أحسن الناس فضن بها على أخيه ، وأرادها لنفسه ، وإنهما لم يكونا من ولادة الجنة إنما كانا من ولادة الأرض ، والله أعلم .
فقال له أبوه
آدم : يا بني ، إنها لا تحل لك ، فأبى أن يقبل ذلك من أبيه . فقال له أبوه : يا بني ، فقرب قربانا ، ويقرب أخوك
هابيل قربانا ، فأيكما قبل الله قربانه فهو أحق بها . وكان
قابيل على بذر الأرض
وهابيل على رعاية الماشية ، فقرب
قابيل قمحا ، وقرب
هابيل أبكار غنمه . وقيل : قرب بقرة ، فأرسل الله نارا بيضاء فأكلت قربان
هابيل ، وتركت قربان
قابيل ، وبذلك كان يقبل القربان إذا قبله الله ، فلما قبل الله قربان
هابيل ، وكان في ذلك القضاء له بأخت
قابيل ، غضب
قابيل ، وغلب عليه الكبر ، واستحوذ عليه الشيطان ، وقال : لأقتلنك حتى لا تنكح أختي . قال
هابيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إنما يتقبل الله من المتقين nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فطوعت له نفسه قتل أخيه فاتبعه وهو في ماشيته فقتله ، فهما اللذان قص الله خبرهما في القرآن ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر إلى آخر القصة .
[ ص: 40 ] قال : فلما قتله سقط في يده ولم يدر كيف يواريه ، وذلك أنه كان فيما يزعمون أول قتيل من بني
آدم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال ياويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32لمسرفون . فلما قتل أخاه قال الله تعالى : يا
قابيل ، أين أخوك
هابيل ؟ قال : لا أدري ، ما كنت عليه رقيبا ! فقال الله تعالى : إن صوت دم أخيك يناديني من الأرض الآن ، أنت ملعون من الأرض التي فتحت فاها فبلعت دم أخيك ، فإذا أنت عملت في الأرض فإنها لا تعود تعطيك حرثها حتى تكون فزعا تائها في الأرض . فقال
قابيل : عظمت خطيئتي إن لم تغفرها .
قيل : كان قتله عند
عقبة حراء . ثم نزل من الجبل آخذا بيد أخته قليما فهرب بها إلى
عدن من
اليمن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لما قتل أخاه أخذ بيد أخته ثم هبط بها من جبل
نود إلى الحضيض ، فقال له
آدم : اذهب فلا تزال مرعوبا لا تأمن من تراه . فكان لا يمر به أحد من ولده إلا رماه ، فأقبل
ابن لقابيل أعمى ومعه ابن له ، فقال للأعمى ابنه : هذا أبوك
قابيل فارمه ، فرمى الأعمى أباه
قابيل فقتله ، فقال ابن الأعمى لأبيه : قتلت أباك ! فرفع الأعمى يده فلطم ابنه فمات . فقال : يا ويلتي قتلت أبي برميتي وبني بلطمتي .
ولما قتل
هابيل كان عمره عشرين سنة ، وكان
لقابيل يوم قتله خمس وعشرون سنة .
وقال
الحسن : كان الرجلان اللذان ذكرهما الله تعالى في القرآن بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق من بني
إسرائيل ، ولم يكونا من بني
آدم لصلبه ، وكان
آدم أول من مات .
وقال
أبو جعفر : الصحيح عندنا أنهما ابنا
آدم لصلبه للحديث الصحيح عن
[ ص: 41 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025785ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها ، وذلك لأنه أول من سن القتل فبان لهذا أنهما لصلب آدم ، فإن القتل مازال بين بني آدم قبل بني إسرائيل . وفي هذا الحديث أنه
nindex.php?page=treesubj&link=31822أول من سن القتل ، ومن الدليل على أنه مات من ذرية
آدم قبله ما ورد في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هو الذي خلقكم من نفس واحدة إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190جعلا له شركاء فيما آتاهما .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والسدي ، وغيرهم قالوا : كانت
حواء تلد
لآدم فتعبدهم ، أي تسميهم
عبد الله ،
وعبد الرحمن ، ونحو ذلك ، فيصيبهم الموت ، فأتاها إبليس فقال : لو سميتهما بغير هذه الأسماء لعاش ولدكما . فولدت ولدا فسمته
عبد الحارث ، وهو اسم إبليس ، فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هو الذي خلقكم من نفس واحدة الآيات . وقد روي هذا المعنى مرفوعا .
قلت : إنما كان الله تعالى يميت أولادهم أولا ، وأحيا هذا المسمى
بعبد الحارث امتحانا واختبارا ، وإن كان الله تعالى يعلم الأشياء بغير امتحان ، لكن علما لا يتعلق به الثواب والعقاب . ومن الدليل على أن القاتل والمقتول ابنا
آدم لصلبه ما رواه العلماء عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أن
آدم قال لما قتل
هابيل :
تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي طعم ولون
وقل بشاشة الوجه المليح
في أبيات غيرها .
[ ص: 42 ] وقد زعم أكثر علماء
الفرس أن
جيومرث هو
آدم ، وزعم بعضهم أنه ابن
آدم لصلبه من
حواء ، وقالوا فيه أقوالا كثيرة يطول بذكرها الكتاب إذ كان قصدنا ذكر الملوك وأيامهم ، ولم يكن ذكر الاختلاف في نسب ملك من جنس ما أنشأنا له الكتاب ، فإن ذكرنا من ذلك شيئا فلتعريف من ذكرنا ليعرفه من لم يكن عارفا به .
وقد خالف علماء
الفرس فيما قالوا من ذلك آخرون من غيرهم ممن زعم أنه
آدم ، ووافق علماء
الفرس على اسمه ، وخالفهم في عينه وصفته ، فزعم أن
جيومرث الذي زعمت
الفرس أنه
آدم ، إنما هو
حام بن يافث بن نوح ، وأنه كان معمرا سيدا نزل جبل
دنباوند من جبال
طبرستان من أرض المشرق ، وتملك بها
وبفارس ، وعظم أمره وأمر ولده حتى ملكوا
بابل ، وملكوا في بعض الأوقات الأقاليم كلها ، وابتنى
جيومرث المدن ، والحصون ، وأعد السلاح ، واتخذ الحيل ، وتجبر في آخر أمره ، وتسمى
بآدم ، وقال : من سماني بغيره قتلته ، وتزوج ثلاثين امرأة ، فكثر منهن نسله ، وأن
ماري ابنه
وماريانة أخته ممن كانا ولدا في آخر عمره ، فأعجب بهما وقدمهما ، فصار الملوك من نسلهما .
قال
أبو جعفر : وإنما ذكرت من أمر
جيومرث في هذا الموضع ما ذكرت لأنه لا تدافع بين علماء الأمم أنه أبو
الفرس من العجم ، وإنما اختلفوا فيه هل هو
آدم أبو البشر ، أم غيره على ما ذكرنا ؟ ومع ذلك فلأن ملكه وملك أولاده لم يزل منتظما على سياق متصل بأرض المشرق وجبالها إلى أن قتل
يزدجرد بن شهريار بمرو أيام
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، والتاريخ على أسماء ملوكهم أسهل بيانا ، وأقرب إلى التحقيق منه على أعمار ملوك غيرهم من الأمم ، إذ لا يعلم أمة من الأمم الذين ينتسبون إلى
آدم دامت لهم المملكة واتصل الملك لملوكهم يأخذه آخرهم عن أولهم ، وغابرهم عن سالفهم سواهم .
وأنا ذاكر ما انتهى إلينا من القول في
nindex.php?page=treesubj&link=31824عمر آدم ، وأعمار من بعده من ولده من الملوك ، والأنبياء ،
وجيومرث أبي
الفرس ، فأذكر ما اختلفوا فيه من أمرهم إلى الحال التي اجتمعوا
[ ص: 43 ] عليها ، واتفقوا على ملك منهم في زمان بعينه أنه هو الملك في ذلك الزمان إن شاء الله .
وكان
آدم مع ما أعطاه الله تعالى من ملك الأرض نبيا رسولا إلى ولده ، وأنزل الله عليه إحدى وعشرين صحيفة كتبها
آدم بيده علمه إياها
جبرائيل .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025786وروى أبو ذر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا . قال : قلت : يا رسول الله ، كم الرسل من ذلك ؟ قال : ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا ، يعني كثيرا ، طيبا قال : قلت : من أولهم ؟ قال : آدم . قال : قلت : يا رسول الله ، وهو نبي مرسل ؟ قال : نعم ، خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، ثم سواه قبلا ، وكان ممن أنزل عليه تحريم الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وحروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=31807الْأَحْدَاثِ الَّتِي كَانَتْ فِي عَهْدِ آدَمَ فِي الدُّنْيَا
وَكَانَ أَوَّلُ ذَلِكَ قَتْلَ
قَابِيلَ بْنِ آدَمَ أَخَاهُ
هَابِيلَ ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي اسْمِ
قَابِيلَ ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : قَيْنُ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : قَائِينُ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ قَايِنُ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : قَابِيلُ .
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي سَبَبِ قَتْلِهِ ، فَقِيلَ : كَانَ سَبَبُهُ أَنَّ
آدَمَ كَانَ يَغْشَى
حَوَّاءَ فِي الْجَنَّةِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَ الْخَطِيئَةَ فَحَمَلَتْ لَهُ فِيهَا
بِقَابِيلَ بْنِ آدَمَ وَتَوْأَمَتِهِ ، فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِمْا وَحَمًا ، وَلَا وَصَبًا ، وَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِمْا طَلْقًا حِينَ وَلَدَتْهُمَا وَلَمْ تَرَ مَعَهُمَا دَمًا لِطُهْرِ الْجَنَّةِ ، فَلَمَّا أَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ ، وَهَبَطَا إِلَى الْأَرْضِ فَاطْمَأَنَّا بِهَا تَغَشَّاهَا فَحَمَلَتْ
بِهَابِيلَ ، وَتَوْأَمَتِهِ ، فَوَجَدَتْ عَلَيْهِمْا الْوَحَمَ ، وَالْوَصَبَ ، وَالطَّلْقَ حِينَ وَلَدَتْهُمَا ، وَرَأَتْ مَعَهُمَا الدَّمَ ، وَكَانَتْ
حَوَّاءُ فِيمَا يَذْكُرُونَ لَا تَحْمَلُ إِلَّا تَوْأَمًا ذَكَرًا وَأُنْثَى ، فَوَلَدَتْ
حَوَّاءُ لِآدَمَ أَرْبَعِينَ وَلَدًا لِصُلْبِهِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فِي عِشْرِينَ بَطْنًا ، وَكَانَ الْوَلَدُ مِنْهُمْ أَيَّ أَخَوَاتِهِ شَاءَ تَزَوَّجَ إِلَّا تَوْأَمَتَهُ الَّتِي تُولَدُ مَعَهُ ، فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ نِسَاءٌ إِلَّا أَخَوَاتُهُمْ ، وَأُمُّهُمْ
حَوَّاءُ ، فَأَمَرَ
آدَمُ ابْنَهُ
قَابِيلَ أَنْ يَنْكِحَ تَوْأَمَةَ
هَابِيلَ ، وَأَمَرَ
هَابِيلَ أَنْ يَنْكِحَ تَوْأَمَةَ أَخِيهِ
قَابِيلَ .
وَقِيلَ : بَلْ كَانَ
آدَمُ غَائِبًا ، وَكَانَ لَمَّا أَرَادَ السَّيْرَ قَالَ لِلسَّمَاءِ : احْفَظِي وَلَدِي بِالْأَمَانَةِ ، فَأَبَتْ ، وَقَالَ لِلْأَرْضِ فَأَبَتْ ، وَلِلْجِبَالِ فَأَبَتْ ، وَقَالَ
لِقَابِيلَ ، فَقَالَ : نَعَمْ تَذْهَبُ وَتَرْجِعُ وَسَتَجِدُهُ كَمَا يَسُرُّكَ . فَانْطَلَقَ
آدَمُ فَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ .
[ ص: 39 ] وَفِيهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا . فَلَمَّا قَالَ
آدَمُ لِقَابِيلَ وَهَابِيلَ فِي مَعْنَى نِكَاحِ أُخْتَيْهِمَا مَا قَالَ لَهُمَا سَلَّمَ
هَابِيلُ لِذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ ، وَأَبَى ذَلِكَ
قَابِيلُ وَكَرِهَهُ تَكَرُّهًا عَنْ أُخْتِ
هَابِيلَ وَرَغِبَ بِأُخْتِهِ عَنْ
هَابِيلَ ، وَقَالَ : نَحْنُ مِنْ وِلَادَةِ الْجَنَّةِ وَهُمَا مِنْ وِلَادَةِ الْأَرْضِ فَأَنَا أَحَقُّ بِأُخْتِي .
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إِنَّ أُخْتَ
قَابِيلَ كَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ فَضَنَّ بِهَا عَلَى أَخِيهِ ، وَأَرَادَهَا لِنَفْسِهِ ، وَإِنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا مِنْ وِلَادَةِ الْجَنَّةِ إِنَّمَا كَانَا مِنْ وِلَادَةِ الْأَرْضِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ
آدَمُ : يَا بُنَيَّ ، إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَكَ ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْ أَبِيهِ . فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ : يَا بُنَيَّ ، فَقَرِّبْ قُرْبَانًا ، وَيُقَرِّبُ أَخُوكَ
هَابِيلُ قُرْبَانًا ، فَأَيُّكُمَا قَبِلَ اللَّهُ قُرْبَانَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا . وَكَانَ
قَابِيلُ عَلَى بَذْرِ الْأَرْضِ
وَهَابِيلُ عَلَى رِعَايَةِ الْمَاشِيَةِ ، فَقَرَّبَ
قَابِيلُ قَمْحًا ، وَقَرَّبَ
هَابِيلُ أَبْكَارَ غَنَمِهِ . وَقِيلَ : قَرَّبَ بَقَرَةً ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ نَارًا بَيْضَاءَ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ
هَابِيلَ ، وَتَرَكَتْ قُرْبَانَ
قَابِيلَ ، وَبِذَلِكَ كَانَ يُقْبَلُ الْقُرْبَانُ إِذَا قَبِلَهُ اللَّهُ ، فَلَمَّا قَبِلَ اللَّهُ قُرْبَانَ
هَابِيلَ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْقَضَاءُ لَهُ بِأُخْتِ
قَابِيلَ ، غَضِبَ
قَابِيلُ ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الْكِبْرُ ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ ، وَقَالَ : لَأَقْتُلَنَّكَ حَتَّى لَا تَنْكِحَ أُخْتِي . قَالَ
هَابِيلُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=28لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=30فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَاتَّبَعَهُ وَهُوَ فِي مَاشِيَتِهِ فَقَتَلَهُ ، فَهُمَا اللَّذَانِ قَصَّ اللَّهُ خَبَرَهُمَا فِي الْقُرْآنِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ .
[ ص: 40 ] قَالَ : فَلَمَّا قَتَلَهُ سُقِطَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ يُوَارِيهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ بَنِي
آدَمَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32لَمُسْرِفُونَ . فَلَمَّا قَتَلَ أَخَاهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَا
قَابِيلُ ، أَيْنَ أَخُوكَ
هَابِيلُ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي ، مَا كُنْتُ عَلَيْهِ رَقِيبًا ! فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّ صَوْتَ دَمِ أَخِيكَ يُنَادِينِي مِنَ الْأَرْضِ الْآنَ ، أَنْتَ مَلْعُونٌ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا فَبَلَعَتْ دَمَ أَخِيكَ ، فَإِذَا أَنْتَ عَمِلْتَ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ تُعْطِيكَ حَرْثَهَا حَتَّى تَكُونَ فَزِعًا تَائِهًا فِي الْأَرْضِ . فَقَالَ
قَابِيلُ : عَظُمَتْ خَطِيئَتِي إِنْ لَمْ تَغْفِرْهَا .
قِيلَ : كَانَ قَتْلُهُ عِنْدَ
عَقَبَةِ حِرَاءٍ . ثُمَّ نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ آخِذًا بِيَدِ أُخْتِهِ قُلَيْمَا فَهَرَبَ بِهَا إِلَى
عَدَنَ مِنَ
الْيَمَنِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لَمَّا قَتَلَ أَخَاهُ أَخَذَ بِيَدِ أُخْتِهِ ثُمَّ هَبَطَ بِهَا مِنْ جَبَلِ
نُودٍ إِلَى الْحَضِيضِ ، فَقَالَ لَهُ
آدَمُ : اذْهَبْ فَلَا تَزَالُ مَرْعُوبًا لَا تَأْمَنُ مَنْ تَرَاهُ . فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ إِلَّا رَمَاهُ ، فَأَقْبَلَ
ابْنٌ لِقَابِيلَ أَعْمَى وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ ، فَقَالَ لِلْأَعْمَى ابْنُهُ : هَذَا أَبُوكَ
قَابِيلُ فَارْمِهِ ، فَرَمَى الْأَعْمَى أَبَاهُ
قَابِيلَ فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ ابْنُ الْأَعْمَى لِأَبِيهِ : قَتَلْتَ أَبَاكَ ! فَرَفَعَ الْأَعْمَى يَدَهُ فَلَطَمَ ابْنَهُ فَمَاتَ . فَقَالَ : يَا وَيْلَتِي قَتَلْتُ أَبِي بِرَمْيَتِي وَبُنَيَّ بِلَطْمَتِي .
وَلَمَّا قُتِلَ
هَابِيلُ كَانَ عُمْرُهُ عِشْرِينَ سَنَةً ، وَكَانَ
لِقَابِيلَ يَوْمَ قَتَلَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً .
وَقَالَ
الْحَسَنُ : كَانَ الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ ، وَلَمْ يَكُونَا مِنْ بَنِي
آدَمَ لِصُلْبِهِ ، وَكَانَ
آدَمُ أَوَّلَ مَنْ مَاتَ .
وَقَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا ابْنَا
آدَمَ لِصُلْبِهِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ
[ ص: 41 ] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025785مَا مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ فَبَانَ لِهَذَا أَنَّهُمَا لِصُلْبِ آدَمَ ، فَإِنَّ الْقَتْلَ مَازَالَ بَيْنَ بَنِي آدَمَ قَبْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=31822أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّةِ
آدَمَ قَبْلَهُ مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=190جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا .
عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،
وَالسُّدَّيِّ ، وَغَيْرِهِمْ قَالُوا : كَانَتْ
حَوَّاءُ تَلِدُ
لِآدَمَ فَتُعَبِّدُهُمْ ، أَيْ تُسَمِّيهِمْ
عَبْدَ اللَّهِ ،
وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، فَيُصِيبُهُمُ الْمَوْتُ ، فَأَتَاهَا إِبْلِيسُ فَقَالَ : لَوْ سَمَّيْتِهِمَا بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَعَاشَ وَلَدُكُمَا . فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَسَمَّتْهُ
عَبْدَ الْحَارِثِ ، وَهُوَ اسْمُ إِبْلِيسَ ، فَنَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=189هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ الْآيَاتِ . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا .
قُلْتُ : إِنَّمَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى يُمِيتُ أَوْلَادَهُمْ أَوَّلًا ، وَأَحْيَا هَذَا الْمُسَمَّى
بِعَبْدِ الْحَارِثِ امْتِحَانًا وَاخْتِبَارًا ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ بِغَيْرِ امْتِحَانٍ ، لَكِنْ عِلْمًا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ . وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ وَالْمَقْتُولَ ابْنَا
آدَمَ لِصُلْبِهِ مَا رَوَاهُ الْعُلَمَاءُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ
آدَمَ قَالَ لَمَّا قُتِلَ
هَابِيلُ :
تَغَيَّرَتِ الْبِلَادُ وَمَنْ عَلَيْهَا فَوَجْهُ الْأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيحْ تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَوْنٍ
وَقَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الْمَلِيحْ
فِي أَبْيَاتٍ غَيْرِهَا .
[ ص: 42 ] وَقَدْ زَعَمَ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ
الْفُرْسِ أَنَّ
جُيُومَرْثَ هُوَ
آدَمُ ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ ابْنُ
آدَمَ لِصُلْبِهِ مِنْ
حَوَّاءَ ، وَقَالُوا فِيهِ أَقْوَالًا كَثِيرَةً يَطُولُ بِذِكْرِهَا الْكِتَابُ إِذْ كَانَ قَصْدُنَا ذِكْرَ الْمُلُوكِ وَأَيَّامِهِمْ ، وَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي نَسَبِ مَلِكٍ مِنْ جِنْسٍ مَا أَنْشَأْنَا لَهُ الْكِتَابَ ، فَإِنْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلِتَعْرِيفِ مَنْ ذَكَرْنَا لِيَعْرِفَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِ .
وَقَدْ خَالَفَ عُلَمَاءَ
الْفُرْسِ فِيمَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ آخَرُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ
آدَمُ ، وَوَافَقَ عُلَمَاءُ
الْفُرْسِ عَلَى اسْمِهِ ، وَخَالَفَهُمْ فِي عَيْنِهِ وَصِفَتِهِ ، فَزَعَمَ أَنَّ
جُيُومَرْثَ الَّذِي زَعَمَتِ
الْفُرْسُ أَنَّهُ
آدَمُ ، إِنَّمَا هُوَ
حَامُ بْنُ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ ، وَأَنَّهُ كَانَ مُعَمَّرًا سَيِّدًا نَزَلَ جَبَلَ
دُنْبَاوَنْدَ مِنْ جِبَالِ
طَبَرِسْتَانَ مِنْ أَرْضِ الْمَشْرِقِ ، وَتَمَلَّكَ بِهَا
وَبِفَارِسَ ، وَعَظُمَ أَمْرُهُ وَأَمْرُ وَلَدِهِ حَتَّى مَلَكُوا
بَابِلَ ، وَمَلَكُوا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ الْأَقَالِيمَ كُلَّهَا ، وَابْتَنَى
جُيُومَرْثُ الْمُدُنَ ، وَالْحُصُونَ ، وَأَعَدَّ السِّلَاحَ ، وَاتَّخَذَ الْحِيَلَ ، وَتَجَبَّرَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ ، وَتَسَمَّى
بِآدَمَ ، وَقَالَ : مَنْ سَمَّانِي بِغَيْرِهِ قَتَلْتُهُ ، وَتَزَوَّجَ ثَلَاثِينَ امْرَأَةً ، فَكَثُرَ مِنْهُنَّ نَسْلُهُ ، وَأَنَّ
مَارِيَ ابْنَهُ
وَمَارِيَانَةَ أُخْتَهُ مِمَّنْ كَانَا وُلِدَا فِي آخِرِ عُمُرِهِ ، فَأُعْجِبَ بِهِمَا وَقَدَّمَهُمَا ، فَصَارَ الْمُلُوكُ مِنْ نَسْلِهِمَا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ مِنْ أَمْرِ
جُيُومَرْثَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا ذَكَرْتُ لِأَنَّهُ لَا تَدَافُعَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْأُمَمِ أَنَّهُ أَبُو
الْفُرْسِ مِنَ الْعَجَمِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ هُوَ
آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ ، أَمْ غَيْرُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَلِأَنَّ مُلْكَهُ وَمُلْكَ أَوْلَادِهِ لَمْ يَزَلْ مُنْتَظِمًا عَلَى سِيَاقٍ مُتَّصِلٍ بِأَرْضِ الْمَشْرِقِ وَجِبَالِهَا إِلَى أَنْ قُتِلَ
يَزْدَجِرْدُ بْنُ شَهْرَيَارَ بِمَرْوَ أَيَّامَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَالتَّارِيخُ عَلَى أَسْمَاءِ مُلُوكِهِمْ أَسْهَلُ بَيَانًا ، وَأَقْرَبُ إِلَى التَّحْقِيقِ مِنْهُ عَلَى أَعْمَارِ مُلُوكِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ ، إِذْ لَا يُعْلَمُ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إِلَى
آدَمَ دَامَتْ لَهُمُ الْمَمْلَكَةُ وَاتَّصَلَ الْمُلْكُ لِمُلُوكِهِمْ يَأْخُذُهُ آخِرُهُمْ عَنْ أَوَّلِهِمْ ، وَغَابِرُهُمْ عَنْ سَالِفِهِمْ سِوَاهُمْ .
وَأَنَا ذَاكِرٌ مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31824عُمُرِ آدَمَ ، وَأَعْمَارِ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ وَلَدِهِ مِنَ الْمُلُوكِ ، وَالْأَنْبِيَاءِ ،
وَجُيُومَرْثَ أَبِي
الْفُرْسِ ، فَأَذْكُرُ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ أَمْرِهِمْ إِلَى الْحَالِ الَّتِي اجْتَمَعُوا
[ ص: 43 ] عَلَيْهَا ، وَاتَّفَقُوا عَلَى مَلِكٍ مِنْهُمْ فِي زَمَانٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ هُوَ الْمَلِكُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَكَانَ
آدَمُ مَعَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مُلْكِ الْأَرْضِ نَبِيًّا رَسُولًا إِلَى وَلَدِهِ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ صَحِيفَةً كَتَبَهَا
آدَمُ بِيَدِهِ عَلَّمَهُ إِيَّاهَا
جَبْرَائِيلُ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025786وَرَوَى أَبُو ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : الْأَنْبِيَاءُ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا . قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا ، يَعْنِي كَثِيرًا ، طَيِّبًا قَالَ : قُلْتُ : مَنْ أَوَّلُهُمْ ؟ قَالَ : آدَمُ . قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَهُوَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، ثُمَّ سَوَّاهُ قَبْلًا ، وَكَانَ مِمَّنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ ، وَالدَّمِ ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ ، وَحُرُوفُ الْمُعْجَمِ فِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَرَقَةً .