ذكر وعمره وصفته المأمون وفاة
وفي هذه السنة توفي لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب ، فلما اشتد مرضه وحضره الموت ، كان عنده من يلقنه ، فعرض عليه الشهادة وعنده المأمون ابن ماسويه الطبيب ، فقال لذلك الرجل : دعه ، فإنه لا يفرق في هذه الحال بين ربه وماني . ففتح عينيه ، وأراد أن يبطش به ، فعجز عن ذلك ، وأراد الكلام فعجز عنه ، ثم إنه تكلم فقال : يا من لا يموت ارحم من يموت . ثم توفي من ساعته . المأمون
ولما توفي حمله ابنه العباس ، وأخوه المعتصم إلى طرسوس ، فدفناه بدار خاقان خادم الرشيد ، وصلى عليه المعتصم ، ووكلوا به حرسا من أبناء أهل طرسوس وغيرهم ، مائة رجل ، وأجري على كل رجل منهم تسعون درهما .
وكانت خلافته عشرين سنة وخمسة أشهر وعشرين يوما ، سوى سنين كان دعي له فيها بمكة ، وأخوه الأمين محصور ببغداذ ، وكان مولده للنصف من ربيع الأول سنة سبعين ومائة ، وكانت كنيته أبا العباس ، وكان ربعة ، أبيض ، جميلا ، طويل اللحية رقيقها ، قد وخطها الشيب . وقيل : كان أسمر ، تعلوه صفرة ، أجنى ، أعين ، ضيق البلجة ، بخده خال أسود .