شهد : من أسماء الله عز وجل : الشهيد . قال أبو إسحاق : الشهيد من أسماء الله الأمين في شهادته . قال : وقيل الشهيد الذي لا يغيب عن علمه شيء . والشهيد : الحاضر . وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل ، فإذا اعتبر العلم مطلقا ، فهو العليم ، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة ، فهو الخبير ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة ، فهو الشهيد ، وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق يوم القيامة . : الشاهد العالم الذي يبين ما علمه شهد شهادة ; ومنه قوله تعالى : ابن سيده شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان أي الشهادة بينكم شهادة اثنين فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه . وقال الفراء : إن شئت رفعت اثنين بحين الوصية ، أي ليشهد منكم اثنان ذوا عدل أو آخران من غير دينكم من اليهود والنصارى ، هذا للسفر والضرورة إذ لا تجوز شهادة كافر على مسلم إلا في هذا . ورجل شاهد ، وكذلك الأنثى لأن أعرف ذلك إنما هو في المذكر ، والجمع أشهاد وشهود ، وشهيد ، والجمع شهداء . والشهد : اسم للجميع عند ، وقال سيبويه الأخفش : هو جمع . وأشهدتهم عليه . واستشهده : سأله الشهادة . وفي التنزيل : [ ص: 152 ] واستشهدوا شهيدين . والشهادة خبر قاطع تقول منه : شهد الرجل على كذا ، وربما قالوا شهد الرجل بسكون الهاء للتخفيف ; عن الأخفش . وقولهم : اشهد بكذا أي احلف . والتشهد في الصلاة : معروف ; : والتشهد قراءة التحيات لله واشتقاقه من " أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ، وهو تفعل من الشهادة . وفي ابن سيده : كان يعلمنا التشهد . كما يعلمنا السورة من القرآن ابن مسعود ; يريد تشهد الصلاة التحيات . وقال حديث في قول المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله أعلم أن لا إله إلا الله وأبين أن لا إله إلا الله . قال : وقوله أشهد أن محمدا رسول الله أعلم وأبين أن أبو بكر بن الأنباري محمدا رسول الله . وقوله عز وجل : شهد الله أنه لا إله إلا هو قال أبو عبيدة : معنى شهد الله قضى الله أنه لا إله إلا هو وحقيقته علم الله وبين الله ; لأن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه فالله قد دل على توحيده بجميع ما خلق ، فبين أنه لا يقدر أحد أن ينشيء شيئا واحدا مما أنشأ ، وشهدت الملائكة لما عاينت من عظيم قدرته وشهد أولو العلم بما ثبت عندهم وتبين من خلقه الذي لا يقدر عليه غيره . وقال أبو العباس : شهد الله ، بين الله وأظهر . وشهد الشاهد عند الحاكم أي بين ما يعلمه وأظهره ، يدل على ذلك قوله تعالى : شاهدين على أنفسهم بالكفر وذلك أنهم يؤمنون بأنبياء شعروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وحثوا على اتباعه ، ثم خالفوهم فكذبوه ، فبينوا بذلك الكفر على أنفسهم ، وإن لم يقولوا نحن كفار ; وقيل : معنى قوله : شاهدين على أنفسهم بالكفر معناه : أن كل فرقة تنسب إلى دين اليهود والنصارى والمجوس سوى مشركي العرب كانوا لا يمتنعون من هذا الاسم ، فقبولهم إياه شهادتهم على أنفسهم بالشرك ، وكانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك . وسأل المنذري عن قول الله عز وجل : أحمد بن يحيى شهد الله أنه لا إله إلا هو فقال : كل ما كان شهد الله فإنه بمعنى علم الله . قال وقال : معناه قال الله ، ويكون معناه علم الله ، ويكون معناه كتب الله ; وقال ابن الأعرابي : معناه بين الله أن لا إله إلا هو . وشهد فلان على فلان بحق ، فهو شاهد وشهيد . واستشهد فلان ، فهو شهيد . والمشاهدة : المعاينة . وشهده شهودا أي حضره ، فهو شاهد . وقوم شهود أي حضور ، وهو في الأصل مصدر وشهد أيضا مثل راكع وركع . وشهد له بكذا شهادة أي أدى ما عنده من الشهادة ، فهو شاهد ، والجمع شهد مثل صاحب وصحب وسافر وسفر ، وبعضهم ينكره ، وجمع الشهد شهود وأشهاد . والشهيد : الشاهد ، والجمع الشهداء . وأشهدته على كذا فشهد عليه أي صار شاهدا عليه . وأشهدت الرجل على إقرار الغريم واستشهدته بمعنى ; ومنه قوله تعالى : ابن الأنباري واستشهدوا شهيدين من رجالكم أي أشهدوا شاهدين . يقال للشاهد : شهيد ، ويجمع شهداء . وأشهدني إملاكه : أحضرني . واستشهدت فلانا على فلان إذا سألته إقامة شهادة احتملها . وفي الحديث : ; قال خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها ابن الأثير : هو الذي لا يعلم صاحب الحق أن له معه شهادة ; وقيل : هي في الأمانة والوديعة وما لا يعلمه غيره ; وقيل : هو مثل في سرعة إجابة الشاهد إذا استشهد أن لا يؤخرها ويمنعها ; وأصل الشهادة : الإخبار بما شاهده . ومنه : يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون ، هذا عام في الذي يؤدي الشهادة قبل أن يطلبها صاحب الحق منه ولا تقبل شهادته ولا يعمل بها ، والذي قبله خاص ; وقيل : معناه هم الذين يشهدون بالباطل الذي لم يحملوا الشهادة عليه ولا كانت عندهم . وفي الحديث : أي لا تسمع شهادتهم ; وقيل : لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم الخالية . وفي اللعانون لا يكونون شهداء ; الأمر بالشهادة أمر تأديب وإرشاد لما يخاف من تسويل النفس ، وانبعاث الرغبة فيها ، فيدعوه إلى الخيانة بعد الأمانة ، وربما نزل به حادث الموت فادعاها ورثته وجعلوها في جملة تركته . وفي الحديث : حديث اللقطة : فليشهد ذا عدل ; ارتفع شاهداك بفعل مضمر معناه ما قال شاهداك ; وحكى شاهداك أو يمينه اللحياني : إن الشهادة ليشهدون بكذا أي أهل الشهادة ، كما يقال : إن المجلس ليشهد بكذا أي أهل المجلس . ابن بزرج : شهدت على شهادة سوء ; يريد شهداء سوء . وكلا تكون الشهادة كلاما يؤدى وقوما يشهدون . والشاهد والشهيد : الحاضر ، والجمع شهداء وشهد وأشهاد وشهود ; وأنشد ثعلب :
كأني وإن كانت شهودا عشيرتي إذا غبت عني يا عثيم غريب
أي إذا غبت عني فإني لا أكلم عشيرتي ولا آنس بهم حتى كأني غريب . الليث : لغة تميم شهيد بكسر الشين يكسرون فعيلا في كل شيء كان ثانيه أحد حروف الحلق ، وكذلك سفلى مضر يقولون فعيلا ، قال : ولغة شنعاء يكسرون كل فعيل ، والنصب اللغة العالية . وشهد الأمر والمصر شهادة ، فهو شاهد من قوم شهد ، حكاه . وقوله تعالى : سيبويه وذلك يوم مشهود أي محضور يحضره أهل السماء والأرض . ومثله : إن قرآن الفجر كان مشهودا يعني صلاة الفجر يحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار . وقوله تعالى : أو ألقى السمع وهو شهيد أي أحضر سمعه وقلبه شاهد لذلك غير غائب عنه . وفي حديث علي عليه السلام : وشهيدك على أمتك يوم القيامة أي شاهدك . وفي الحديث : هو شاهد أي يشهد لمن حضر صلاته . وقوله تعالى : سيد الأيام يوم الجمعة فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله الشهادة معناها اليمين هاهنا . وقوله عز وجل : إنا أرسلناك شاهدا أي على أمتك بالإبلاغ والرسالة ، وقيل : مبينا . وقوله : ونزعنا من كل أمة شهيدا أي اخترنا منها نبيا ، وكل نبي شهيد أمته . وقوله عز وجل : تبغونها عوجا وأنتم شهداء أي أنتم تشهدون وتعلمون أن نبوة محمد حق ; لأن الله عز وجل قد بينه في كتابكم . وقوله عز وجل : ويوم يقوم الأشهاد يعني الملائكة والأشهاد : جمع شاهد مثل ناصر ، وأنصار وصاحب وأصحاب ، وقيل : إن الأشهاد هم الأنبياء والمؤمنون يشهدون على المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قال مجاهد في قوله تعالى : ويتلوه شاهد منه أي حافظ ملك . وروى شمر في حديث أنه ذكر صلاة العصر ، ثم قال : [ ص: 153 ] ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد ، قال : قلنا أبي أيوب الأنصاري لأبي أيوب : ما الشاهد ؟ قال : النجم كأنه يشهد في الليل أي يحضر ويظهر . وصلاة الشاهد : صلاة المغرب ، وهو اسمها ; قال شمر : هو راجع إلى ما فسره أبو أيوب أنه النجم ; قال غيره : وتسمى هذه الصلاة صلاة البصر ; لأنه تبصر في وقته نجوم السماء فالبصر يدرك رؤية النجم ; ولذلك قيل له صلاة البصر ، وقيل في صلاة الشاهد إنها صلاة الفجر ; لأن المسافر يصليها كالشاهد لا يقصر منها ; قال :فصبحت قبل أذان الأول تيماء والصبح كسيف الصيقل
قبل صلاة الشاهد المستعجل
أنا أقول سأموت مشهدا
وفي الحديث : ; قال : الشهيد في الأصل من قتل مجاهدا في سبيل الله ، ثم اتسع فيه فأطلق على من سماه النبي صلى الله عليه وسلم من المبطون والغرق والحرق وصاحب الهدم وذات الجنب وغيرهم ، وسمي شهيدا ; لأن ملائكته شهود له بالجنة ; وقيل : لأنه حي لم يمت كأنه شاهد أي حاضر ، وقيل : لأن ملائكة الرحمة تشهده ، وقيل : لقيامه بشهادة الحق في أمر الله حتى قتل ، وقيل : لأنه يشهد ما أعد الله له من الكرامة بالقتل ، وقيل غير ذلك ، فهو فعيل بمعنى فاعل وبمعنى مفعول على اختلاف التأويل . والشهد والشهد : العسل ما دام لم يعصر من شمعه ، واحدته شهدة وشهدة ويكسر على الشهاد ; قال المبطون شهيد والغريق شهيد أمية :إلى ردح من الشيزى ملاء لباب البر يلبك بالشهاد
قامت تناجي عامرا فأشهدا فداسها ليلته حتى اغتدى
فجاءت بمثل السابري تعجبوا له والثرى ما جف عنه شهودها
فلا تحسبني كافرا لك نعمة على شاهدي يا شاهد الله فاشهد
لله در أبيك رب عميدر حسن الرواء وقلبه مدكوك
له غائب لم يبتذله وشاهد
قال : الشاهد من جريه ما يشهد له على سبقه وجودته ، وقال غيره : شاهده بذله جريه وغائبه مصون جريه .