حدث : الحديث : نقيض القديم . والحدوث : نقيض القدمة . حدث الشيء يحدث حدوثا وحداثة ، وأحدثه هو ، فهو محدث وحديث ، وكذلك استحدثه . وأخذني من ذلك ما قدم وحدث ؛ ولا يقال حدث ، بالضم ، إلا مع قدم ، كأنه إتباع ، ومثله كثير . وقال الجوهري : لا يضم حدث في شيء من الكلام إلا في هذا الموضع ، وذلك لمكان قدم على الازدواج . وفي حديث : ( ابن مسعود ) يعني همومه وأفكاره القديمة والحديثة . يقال : حدث الشيء فإذا قرن بقدم ضم للازدواج . والحدوث : كون شيء لم يكن . وأحدثه الله فحدث . وحدث أمر أي وقع . ومحدثات الأمور : ما ابتدعه أهل الأهواء من الأشياء التي كان السلف الصالح على غيرها . وفي الحديث : ( أنه سلم عليه ، وهو يصلي ، فلم يرد عليه السلام قال : فأخذني ما قدم ، وما حدث ) جمع محدثة بالفتح ، وهي ما لم يكن معروفا في كتاب ، ولا سنة ، ولا إجماع . وفي حديث إياكم ومحدثات الأمور بني قريظة : قيل : حدثها أنها سمت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة كانت أحدثت حدثا ) . وفي حديث كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة المدينة : ( ) الحدث : الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ، ولا معروف في السنة ، والمحدث : يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول ، فمعنى الكسر من نصر جانيا ، وآواه وأجاره من خصمه ، وحال بينه وبين أن يقتص منه ؛ وبالفتح ، هو الأمر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به ، والصبر عليه ، فإنه إذا رضي بالبدعة ، وأقر فاعلها ولم ينكرها عليه ، فقد [ ص: 53 ] آواه . واستحدثت خبرا أي وجدت خبرا ؛ جديدا قال من أحدث فيها حدثا ، أو آوى محدثا : ذو الرمة
أستحدث الركب عن أشياعهم خبرا أم راجع القلب ، من أطرابه ، طرب ؟
وكان ذلك في حدثان أمر كذا أي في حدوثه . وأخذ الأمر بحدثانه وحداثته أي بأوله وابتدائه . وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها : لولا حدثان قومك بالكفر ، لهدمت الكعبة وبنيتها . حدثان الشيء ، بالكسر : أوله ، وهو مصدر حدث يحدث حدوثا وحدثانا ؛ والمراد به قرب عهدهم بالكفر والخروج منه ، والدخول في الإسلام ، وأنه لم يتمكن الدين من قلوبهم ، فلو هدمت الكعبة وغيرتها ، ربما نفروا من ذلك . وفي حديث حنين : ( ) وهو جمع صحة لحديث ، وهو فعيل بمعنى فاعل . ومنه الحديث : أناس حديثة أسنانهم ؛ حداثة السن : كناية عن الشباب وأول العمر ؛ ومنه حديث أم الفضل : ( إني لأعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم ) هي تأنيث الأحدث يريد المرأة التي تزوجها بعد الأولى . وحدثان الدهر وحوادثه : نوبه ، وما يحدث منه واحدها حادث ؛ وكذلك أحداثه ، واحدها حدث . زعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثى الأزهري : الحدث من أحداث الدهر : شبه النازلة . والأحداث : الأمطار الحادثة في أول السنة ؛ قال الشاعر :
تروى من الأحداث ، حتى تلاحقت طرائقه ، واهتز بالشرشر المكر
أي مع الشرشر ؛ فأما قول الأعشى :
فإما تريني ولي لمة فإن الحوادث أودى بها
فإنه حذف للضرورة ، وذلك لمكان الحاجة إلى الردف ؛ وأما أبو علي الفارسي فذهب إلى أنه وضع الحوادث موضع الحدثان ، كما وضع الآخر الحدثان موضع الحوادث في قوله :
ألا هلك الشهاب المستنير ومدرهنا الكمي إذا نغير
ووهاب المئين ، إذا ألمت بنا الحدثان ، والحامي النصور
الأزهري : وربما أنثت العرب الحدثان ، يذهبون به إلى الحوادث ، وأنشد الفراء هذين البيتين أيضا ، وقال عوض قوله ووهاب المئين : وحمال المئين ، قال : وقال الفراء : تقول العرب أهلكتنا الحدثان ؛ قال : وأما حدثان الشباب ، فبكسر الحاء وسكون الدال . قال : تقول أتيته في ربى شبابه ، وربان شبابه ، وحدثى شبابه ، وحديث شبابه ، وحدثان شبابه ، بمعنى واحد ؛ قال أبو عمرو الشيباني الجوهري : الحدث والحدثى والحادثة والحدثان ، كله بمعنى ، والحدثان : الفأس ، على التشبيه بحدثان الدهر ؛ قال : ولم يقله أحد ؛ أنشد ابن سيده أبو حنيفة :
وجون تزلق الحدثان فيه إذا أجراؤه نحطوا ، أجابا
الأزهري : أراد بجون جبلا . وقوله أجابا : يعني صدى الجبل يسمعه . والحدثان : الفأس التي لها رأس واحد . وسمى المصدر حدثا ؛ لأن المصادر كلها أعراض حادثة ، وكسره على أحداث ، قال : وأما الأفعال فأمثلة أخذت من أحداث الأسماء . سيبويه الأزهري : شاب حدث فتي السن . : ورجل حدث السن وحديثها : بين الحداثة والحدوثة . ورجال أحداث السن ، وحدثانها ، وحدثاؤها . ويقال : هؤلاء قوم حدثان ، جمع حدث ، وهو الفتي السن . ابن سيده الجوهري : ورجل حدث أي شاب ، فإن ذكرت السن قلت : حديث السن ، وهؤلاء غلمان حدثان أي أحداث . وكل فتي من الناس والدواب والإبل : حدث والأنثى حدثة . واستعمل الحدث في الوعل ، فقال : إذا كان الوعل حدثا ، فهو صدع . والحديث : الجديد من الأشياء . والحديث : الخبر يأتي على القليل والكثير ، والجمع : أحاديث ، كقطيع وأقاطيع ، وهو شاذ على غير قياس ، وقد قالوا في جمعه : حدثان وحدثان ، وهو قليل ؛ أنشد ابن الأعرابي : الأصمعي
تلهي المرء بالحدثان لهوا وتحدجه كما حدج المطيق
وبالحدثان أيضا ؛ ورواه : بالحدثان ؛ وفسره ؛ فقال : إذا أصابه حدثان الدهر من مصائبه ومرازئه ، ألهته بدلها وحديثها عن ذلك . وقوله تعالى : ابن الأعرابي إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا عنى بالحديث القرآن ؛ عن الزجاج . والحديث : ما يحدث به المحدث تحديثا ؛ وقد حدثه الحديث وحدثه به . الجوهري : المحادثة والتحادث والتحدث والتحديث : معروفات . : وقول ابن سيده في تعليل قولهم : لا تأتيني فتحدثني ، قال : كأنك قلت ليس يكون منك إتيان فحديث ، إنما أراد فتحديث ، فوضع الاسم موضع المصدر ، لأن مصدر حدث إنما هو التحديث ، فأما الحديث فليس بمصدر . وقوله تعالى : سيبويه وأما بنعمة ربك فحدث أي بلغ ما أرسلت به ، وحدث بالنبوة التي آتاك الله ، وهي أجل النعم . وسمعت حديثى حسنة ، مثل خطيبى أي حديثا . والأحدوثة : ما حدث به . الجوهري : قال الفراء : نرى أن واحد الأحاديث أحدوثة ، ثم جعلوه جمعا للحديث ؛ قال : ليس الأمر كما زعم ابن بري الفراء ؛ لأن الأحدوثة ، بمعنى الأعجوبة ، يقال : قد صار فلان أحدوثة . فأما أحاديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فلا يكون واحدها إلا حديثا ، ولا يكون أحدوثة ، قال : وكذلك ذكره في باب ما جاء جمعه على غير واحده المستعمل ، كعروض وأعاريض ، وباطل وأباطيل . وفي حديث فاطمة ، عليها السلام : أنها جاءت إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فوجدت عنده حداثا ؛ أي جماعة يتحدثون ؛ وهو جمع على غير قياس ، حملا على نظيره نحو سامر وسمار فإن السمار المحدثون . وفي الحديث : ( يبعث الله السحاب فيضحك أحسن الضحك ويتحدث أحسن الحديث ) . قال سيبويه ابن الأثير : جاء في الخبر أن حديثه الرعد ، وضحكه البرق ، وشبهه بالحديث لأنه يخبر عن المطر وقرب مجيئه ، فصار كالمحدث به ؛ ومنه قول نصيب :
فعاجوا ، فأثنوا بالذي أنت أهله [ ص: 54 ] ولو سكتوا ، أثنت عليك الحقائب
وهو كثير في كلامهم . ويجوز أن يكون أراد بالضحك : افترار الأرض بالنبات وظهور الأزهار ، وبالحديث : ما يتحدث به الناس في صفة النبات وذكره ؛ ويسمى هذا النوع في علم البيان : المجاز التعليقي ، وهو من أحسن أنواعه . ورجل حدث وحدث وحدث وحديث ومحدث ، بمعنى واحد : كثير الحديث ، حسن السياق له ؛ كل هذا على النسب ونحوه . والأحاديث في الفقه وغيره معروفة ، ويقال : صار فلان أحدوثة أي أكثروا فيه الأحاديث . وفلان حدثك أي محدثك والقوم يتحادثون ويتحدثون ، وتركت البلاد تحدث أي تسمع فيها دويا ؛ حكاه عن ابن سيده ثعلب . ورجل حديث ، مثال فسيق أي كثير الحديث . ورجل حدث ملوك ، بكسر الحاء ، إذا كان صاحب حديثهم وسمرهم ؛ وحدث نساء : يتحدث إليهن ، كقولك : تبع نساء ، وزير نساء . وتقول : افعل ذلك الأمر بحدثانه وبحدثانه أي أوله وطراءته . ويقال للرجل الصادق الظن : محدث ، بفتح الدال مشددة . وفي الحديث : ( قد كان في الأمم محدثون ، فإن يكن في أمتي أحد ، ) جاء في الحديث : تفسيره أنهم الملهمون ؛ والملهم : هو الذي يلقى في نفسه الشيء ، فيخبر به حدسا وفراسة ، وهو نوع يخص الله به من يشاء من عباده الذين اصطفى مثل فعمر بن الخطاب عمر ، كأنهم حدثوا بشيء فقالوه . ومحادثة السيف : جلاؤه . وأحدث الرجل سيفه ، وحادثه إذا جلاه . وفي حديث الحسن : ( حادثوا هذه القلوب بذكر الله فإنها سريعة الدثور ) معناه : اجلوها بالمواعظ ، واغسلوا الدرن عنها ، وشوقوها حتى تنفوا عنها الطبع والصدأ الذي تراكب عليها من الذنوب وتعاهدوها بذلك ، كما يحادث السيف بالصقال ؛ قال لبيد :
كنصل السيف ، حودث بالصقال
والحدث : الإبداء ؛ وقد أحدث : من الحدث . ويقال : أحدث الرجل إذا صلع ، أو فصع ، وخضف ، أي ذلك فعل فهو محدث ؛ قال : وأحدث الرجل وأحدثت المرأة إذا زنيا ؛ يكنى بالإحداث عن الزنا . والحدث مثل الولي ، وأرض محدوثة : أصابها الحدث . والحدث : موضع متصل ببلاد الروم مؤنثة .