حجج : الحج : القصد . حج إلينا فلان أي قدم ؛ وحجه يحجه حجا : قصده . وحججت فلانا واعتمدته أي قصدته . ورجل محجوج أي مقصود . وقد حج بنو فلان فلانا إذا أطالوا الاختلاف إليه ؛ قال المخبل السعدي :
وأشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا
أي يقصدونه ويزورونه . قال : يقول يكثرون الاختلاف إليه ، هذا الأصل ، ثم تعورف استعماله في القصد إلى مكة للنسك والحج إلى البيت خاصة ، تقول حج يحج حجا . والحج : قصد التوجه إلى البيت بالأعمال المشروعة فرضا وسنة ، تقول : حججت البيت أحجه حجا إذا قصدته ، وأصله من ذلك . وجاء في التفسير : أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم الحج ، فقام رجل من بني أسد فقال : يا رسول الله ، أفي كل عام ؟ فأعرض عنه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فعاد الرجل ثانية ، فأعرض عنه ، ثم عاد ثالثة ، فقال عليه الصلاة والسلام : ما يؤمنك أن أقول نعم ، فتجب ، فلا تقومون بها فتكفرون ؟ أي تدفعون وجوبها لثقلها فتكفرون . وأراد ، عليه الصلاة والسلام : ما يؤمنك أن يوحى إلي أن قل نعم فأقول ؟ وحجه يحجه ، وهو الحج . قال ابن السكيت : حجه يحجه حجا ، كما قالوا : ذكره ذكرا ؛ وقوله أنشده سيبويه ثعلب :
يوم ترى مرضعة خلوجا وكل أنثى حملت خدوجا
وكل صاح ثملا مؤوجا ويستخف الحرم المحجوجا
فسره فقال : يستخف الناس الذهاب إلى هذه المدينة لأن الأرض دحيت من مكة ، فيقول : يذهب الناس إليها لأن يحشروا منها . ويقال : إنما يذهبون إلى بيت المقدس . ورجل حاج وقوم حجاج وحجيج والحجيج : جماعة الحاج . قال الأزهري : ومثله غاز وغزي ، وناج ونجي وناد وندي ، للقوم يتناجون ويجتمعون في مجلس ، وللعادين على أقدامهم عدي ؛ وتقول : حججت البيت أحجه حجا ، فأنا حاج . وربما أظهروا التضعيف في ضرورة الشعر ؛ قال الراجز :
بكل شيخ عامر أو حاجج
ويجمع على حج مثل بازل وبزل ، وعائذ وعوذ ؛ وأنشد أبو زيد لجرير يهجو الأخطل ويذكر ما صنعه الجحاف بن حكيم السلمي من قتل بني تغلب قوم الأخطل بالبشر ، وهو ماء لبني تميم :
قد كان في جيف بدجلة ، حرقت أو في الذين على الرحوب شغول
وكأن عافية النسور عليهم حج ، بأسفل ذي المجاز نزول
يقول : لما كثرت قتلى بني تغلب جافت الأرض ؛ فحرقوا ليزول نتنهم . والرحوب : ماء لبني تغلب . والمشهور في رواية البيت : حج ، بالكسر ، وهو اسم الحاج . وعافية النسور : هي الغاشية التي تغشى لحومهم . وذو المجاز : سوق من أسواق العرب . والحج ، بالكسر : الاسم . والحجة : المرة الواحدة ، وهو من الشواذ ؛ لأن القياس بالفتح . وأما قولهم : أقبل الحاج والداج ؛ فقد يكون أن يراد به الجنس ، وقد يكون اسما للجمع كالجامل والباقر . وروى الأزهري عن أبي طالب في قولهم : ما حج ولكنه دج ؛ قال : الحج الزيارة والإتيان ، وإنما سمي حاجا بزيارة بيت الله تعالى ؛ قال دكين :
ظل يحج ، وظللنا نحجبه وظل يرمى بالحصى مبوبه
قال : والداج الذي يخرج للتجارة . وفي الحديث : ) الحاج والحاجة : أحد الحجاج ، والداج والداجة : الأتباع ؛ يريد الجماعة الحاجة ومن معهم من أتباعهم ؛ ومنه الحديث : لم يترك حاجة ولا داجة هؤلاء الداج وليسوا بالحاج ) يقال للرجل الكثير الحج : إنه لحجاج ، بفتح الجيم من غير إمالة ، وكل نعت على فعال فهو غير ممال الألف ، فإذا صيروه اسما خاصا تحول عن حال النعت ، ودخلته الإمالة ، كاسم الحجاج والعجاج . والحج : الحجاج ؛ قال :
كأنما ، أصواتها بالوادي أصوات حج من عمان عادي
هكذا أنشده بكسر الحاء . قال ابن دريد : وقالوا حجة واحدة ، يريدون عمل سنة واحدة . قال سيبويه الأزهري : الحج قضاء نسك سنة واحدة ، وبعض يكسر الحاء فيقول : الحج والحجة ؛ وقرئ : ولله على الناس حج البيت والفتح أكثر . وقال في قوله تعالى : الزجاج ولله على الناس حج البيت يقرأ بفتح الحاء وكسرها ، والفتح الأصل . والحج : اسم العمل . واحتج البيت : كحجه عن الهجري ؛ وأنشد :
تركت احتجاج البيت ، حتى تظاهرت [ ص: 38 ] علي ذنوب بعدهن ذنوب
وقوله تعالى : الحج أشهر معلومات هي شوال وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة . وقال الفراء : معناه وقت الحج هذه الأشهر . وروي عن الأثرم وغيره : ما سمعناه من العرب حججت حجة ، ولا رأيت رأية ، وإنما يقولون حججت حجة . قال : والحج والحج ليس عند بينهما فرقان . وغيره يقول : الحج حج البيت ، والحج عمل السنة . وتقول : حججت فلانا إذا أتيته مرة بعد مرة ، فقيل : حج الكسائي البيت لأن الناس يأتونه كل سنة . قال : كلام العرب كله على فعلت فعلة إلا قولهم حججت حجة ، ورأيت رؤية . والحجة : السنة ، والجمع حجج . وذو الحجة : شهر الحج ، سمي بذلك للحج فيه ، والجمع ذوات الحجة ، وذوات القعدة ، ولم يقولوا : ذوو على واحده . وامرأة حاجة ونسوة حواج الكسائي بيت الله بالإضافة إذا كن قد حججن ، وإن لم يكن قد حججن ، قلت : حواج بيت الله ، فتنصب البيت لأنك تريد التنوين في حواج ، إلا أنه لا ينصرف ، كما يقال : هذا ضارب زيد أمس ، وضارب زيدا غدا ، فتدل بحذف التنوين على أنه قد ضربه ، وبإثبات التنوين على أنه لم يضربه . وأحججت فلانا إذا بعثته ليحج . وقولهم : وحجة الله لا أفعل ! بفتح أوله وخفض آخره ، يمين للعرب . الأزهري : ومن أمثال العرب : لج فحج ؛ معناه لج فغلب من لاجه بحججه . يقال : حاججته أحاجه حجاجا ومحاجة حتى حججته أي غلبته بالحجج التي أدليت بها ؛ قيل : معنى قوله لج فحج أي أنه لج وتمادى به لجاجه ، وأداه اللجاج إلى أن حج البيت الحرام ، وما أراده ؛ أريد : أنه هاجر أهله بلجاجه حتى خرج حاجا . والمحجة : الطريق ؛ وقيل : جادة الطريق ؛ وقيل : محجة الطريق سننه . والحجوج : الطريق تستقيم مرة وتعوج أخرى ؛ وأنشد :
أجد أيامك من حجوج إذا استقام مرة يعوج
والحجة : البرهان ؛ وقيل : الحجة ما دوفع به الخصم ؛ وقال الأزهري : الحجة الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة . وهو رجل محجاج أي جدل . والتحاج : التخاصم ؛ وجمع الحجة : حجج وحجاج . وحاجه محاجة وحجاجا : نازعه الحجة . وحجه يحجه حجا : غلبه على حجته . وفي الحديث : ( آدم موسى ) أي غلبه بالحجة . واحتج بالشيء : اتخذه حجة ؛ قال فحج الأزهري : إنما سميت حجة لأنها تحج أي تقصد لأن القصد لها وإليها ؛ وكذلك محجة الطريق هي المقصد والمسلك . وفي حديث الدجال : ( ) أي محاجه ومغالبه بإظهار الحجة عليه . والحجة : الدليل والبرهان . يقال : حاججته فأنا محاج وحجيج ، فعيل بمعنى فاعل . ومنه حديث إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه معاوية : ( فجعلت أحج خصمي أي أغلبه بالحجة ) . وحجه يحجه حجا ، فهو محجوج وحجيج ، إذا قدح بالحديد في العظم إذا كان قد هشم حتى يتلطخ الدماغ بالدم فيقلع الجلدة التي جفت ، ثم يعالج ذلك فيلتئم بجلد ويكون آمة ؛ قال أبو ذؤيب يصف امرأة :
وصب عليها الطيب حتى كأنها أسي ، على أم الدماغ ، حجيج
وكذلك حج الشجة يحجها حجا إذا سبرها بالميل ليعالجها ؛ قال عذار بن درة الطائي :
يحج مأمومة ، في قعرها لجف فاست الطبيب قذاها كالمغاريد
المغاريد : جمع مغرود ، هو صمغ معروف . وقال : يحج يصلح مأمومة شجة بلغت أم الرأس ؛ وفسر هذا الشعر ؛ فقال : وصف هذا الشاعر طبيبا يداوي شجة بعيدة القعر ، فهو يجزع من هولها ، فالقذى يتساقط من استه كالمغاريد ؛ وقال غيره : است الطبيب يراد بها ميله ، وشبه ما يخرج من القذى على ميله بالمغاريد . والمغاريد : جمع مغرود ، وهو صمغ معروف . وقيل : الحج أن يشج الرجل فيختلط الدم بالدماغ ، فيصب عليه السمن المغلى حتى يظهر الدم ، فيؤخذ بقطنة . ابن دريد : الحجيج من الشجاج الذي قد عولج ، وهو ضرب من علاجها . وقال الأصمعي : الحج أن تفلق الهامة فتنظر هل فيها عظم أو دم . قال : والوكس أن يقع في أم الرأس دم أو عظام أو يصيبها عنت ؛ وقيل : حج الجرح سبره ليعرف غوره ؛ عن ابن شميل . والحجج : الجراح المسبورة . وقيل : حججتها قستها ، وحججته حجا ، فهو حجيج ، إذا سبرت شجته بالميل لتعالجه . والمحجاج : المسبار . وحج العظم يحجه حجا : قطعه من الجرح واستخرجه ، وقد فسره بعضهم بما أنشدنا ابن الأعرابي لأبي ذؤيب . ورأس أحج : صلب . واحتج الشيء : صلب ؛ قال المرار الفقعسي يصف الركاب في سفر كان سافره :
ضربن بكل سالفة ورأس أحج كأن مقدمه نصيل
والحجاج والحجاج : العظم النابت عليه الحاجب . والحجاج : العظم المستدير حول العين ، ويقال : بل هو الأعلى تحت الحاجب ؛ وأنشد قول العجاج :
إذا حجاجا مقلتيها هججا
وقال : هو الحجاج . والحجاج : العظم المطبق على وقبة العين وعليه منبت شعر الحاجب . والحجاج والحجاج ، بفتح الحاء ، وكسرها : العظم الذي ينبت عليه الحاجب ، والجمع أحجة ؛ قال ابن السكيت رؤبة :
صكي حجاجي رأسه وبهزي
وفي الحديث : ( كانت الضبع وأولادها في حجاج عين رجل من العماليق ) . الحجاج ، بالكسر والفتح : العظم المستدير حول العين ؛ ومنه حديث جيش الخبط : ( ) يعني السمكة التي وجدوها على البحر . وقيل : الحجاجان العظمان المشرفان على غاربي العينين ؛ وقيل : هما منبتا شعر الحاجبين من العظم ؛ وقوله : فجلس في حجاج عينه كذا كذا نفرا
تحاذر وقع الصوت خرصاء ضمها [ ص: 39 ] كلال ، فحالت في حجا حاجب ضمر
فإن قال : يريد في حجاج حاجب ضمر ، فحذف للضرورة ؛ قال ابن جني : وعندي أنه أراد بالحجا هاهنا الناحية ؛ والجمع : أحجة وحجج . قال ابن سيده أبو الحسن : حجج شاذ لأن ما كان من هذا النحو لم يكسر على فعل ، كراهية التضعيف ؛ فأما قوله :
يتركن بالأمالس السمالج للطير واللغاوس الهزالج
كل جنين معر الحواجج
فإنه جمع حجاجا على غير قياس ، وأظهر التضعيف اضطرارا . والحجج : الوقرة في العظم . والحجة ، بكسر الحاء ، والحاجة : شحمة الأذن ، الأخيرة اسم كالكاهل والغارب ؛ قال لبيد يذكر نساء :
يرضن صعاب الدر في كل حجة وإن لم تكن أعناقهن عواطلا
غرائر أبكار ، عليها مهابة وعون كرام يرتدين الوصائلا
يرضن صعاب الدر أي يثقبنه . والوصائل : برود اليمن ، واحدتها وصيلة . والعون جمع عوان : للثيب . وقال بعضهم : الحجة هاهنا الموسم ؛ وقيل : في كل حجة أي في كل سنة ، وجمعها حجج . أبو عمرو : الحجة والحجة ثقبة شحمة الأذن . والحجة أيضا : خرزة أو لؤلؤة تعلق في الأذن ؛ قال : وربما سميت حاجة . وحجاج الشمس : حاجبها ، وهو قرنها ؛ يقال : بدا حجاج الشمس . وحجاجا الجبل : جانباه . والحجج : الطرق المحفرة . والحجاج : اسم رجل ؛ أماله بعض أهل الإمالة في جميع وجوه الإعراب على غير قياس في الرفع والنصب ، ومثل ذلك الناس في الجر خاصة ؛ قال ابن دريد : وإنما مثلته به لأن ألف الحجاج زائدة غير منقلبة ، ولا يجاورها مع ذلك ما يوجب الإمالة ، وكذلك الناس لأن الأصل إنما هو الأناس فحذفوا الهمزة ، وجعلوا اللام خلفا منها كالله إلا أنهم قد قالوا الأناس ، قال : وقالوا مررت بناس فأمالوا في الجر خاصة ، تشبيها للألف بألف فاعل ؛ لأنها ثانية مثلها ، وهو نادر لأن الألف ليست منقلبة ؛ فأما في الرفع والنصب فلا يميله أحد ، وقد يقولون : حجاج ، بغير ألف ولام ، كما يقولون : العباس وعباس ، وتعليل ذلك مذكور في مواضعه . وحجج : من زجر الغنم . وفي حديث الدعاء : ( ابن سيده ) أي قولي وإيماني في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر . اللهم ثبت حجتي في الدنيا والآخرة