وأما الذي يرجع إلى الصائم فمنها : الإسلام فإنه شرط جواز الأداء بلا خلاف ، وفي كونه شرط الوجوب خلاف سنذكره في موضعه ، ومنها الطهارة عن الحيض ، والنفاس فإنها شرط صحة الأداء بإجماع الصحابة رضي الله عنهم وفي كونها شرط الوجوب خلاف نذكره في موضعه ، فأما البلوغ : فليس من شرائط صحة الأداء فيصح
nindex.php?page=treesubj&link=2351_2355_2337_2344أداء الصوم من الصبي العاقل ويثاب عليه لكنه من شرائط الوجوب لما نذكره .
وكذا العقل ، والإفاقة ليسا من شرائط صحة الأداء حتى لو
nindex.php?page=treesubj&link=2424_2351_2375نوى الصوم من الليل ثم جن في النهار أو أغمي عليه يصح صومه في ذلك اليوم ولا يصح صومه في اليوم الثاني ، لا لعدم أهلية الأداء بل لعدم النية لأن النية من المجنون ، والمغمى عليه لا تتصور ، وفي كونهما من شرائط الوجوب كلام نذكره في موضعه ، ومنها النية ، والكلام في هذا الشرط يقع في ثلاث مواضع أحدها : في بيان أصله ، والثاني : في بيان كيفيته ، والثالث : في بيان وقته .
أما الأول : فأصل
nindex.php?page=treesubj&link=2364النية شرط جواز الصيامات كلها في قول
أصحابنا الثلاثة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر :
nindex.php?page=treesubj&link=2364صوم رمضان في حق المقيم جائز بدون النية ، واحتج بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه } أمر بصوم الشهر مطلقا عن شرط النية ، والصوم هو الإمساك .
وقد أتى به فيخرج عن العهدة ، ولأن النية إنما تشترط للتعيين ، والحاجة إلى التعيين عند المزاحمة ، ولا مزاحمة لأن الوقت لا يحتمل إلا صوما واحدا في حق المقيم وهو صوم رمضان فلا حاجة إلى التعيين بالنية ، ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30974لا عمل لمن لا نية له } وقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى } ولأن صوم رمضان عبادة ، والعبادة اسم لفعل يأتيه العبد باختياره خالصا لله تعالى بأمره ، والاختيار ، والإخلاص لا يتحققان بدون النية .
وأما الآية : فمطلق اسم الصوم ينصرف إلى الصوم الشرعي ، والإمساك لا يصير شرعا بدون النية ، لما بينا ، وأما قوله : إن النية شرط للتعيين وزمان رمضان متعين لصوم رمضان فلا حاجة إلى النية ، فنقول لا حاجة إلى النية لتعيين الوصف ، لكن تقع الحاجة إلى النية لتعيين الأصل ، بيانه أن أصل الإمساك متردد بين أن يكون عادة ، أو حمية ، وبين أن يكون لله تعالى ، بل الأصل أن يكون فعل كل فاعل لنفسه ما لم يجعله لغيره فلا بد من النية ليصير لله تعالى ، ثم إذا صار أصل الإمساك لله تعالى في هذا الوقت بأصل النية ، والوقت متعين لفرضه يقع عن الفرض من غير الحاجة إلى تعيين الوصف .
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الصَّائِمِ فَمِنْهَا : الْإِسْلَامُ فَإِنَّهُ شَرْطُ جَوَازِ الْأَدَاءِ بِلَا خِلَافٍ ، وَفِي كَوْنِهِ شَرْطَ الْوُجُوبِ خِلَافٌ سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ ، وَمِنْهَا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَيْضِ ، وَالنِّفَاسِ فَإِنَّهَا شَرْطُ صِحَّةِ الْأَدَاءِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَفِي كَوْنِهَا شَرْطَ الْوُجُوبِ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ ، فَأَمَّا الْبُلُوغُ : فَلَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْأَدَاءِ فَيَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=2351_2355_2337_2344أَدَاءُ الصَّوْمِ مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ لِمَا نَذْكُرُهُ .
وَكَذَا الْعَقْلُ ، وَالْإِفَاقَةُ لَيْسَا مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْأَدَاءِ حَتَّى لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=2424_2351_2375نَوَى الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ جُنَّ فِي النَّهَارِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ، لَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْأَدَاءِ بَلْ لِعَدَمِ النِّيَّةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ مِنْ الْمَجْنُونِ ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا تُتَصَوَّرُ ، وَفِي كَوْنِهِمَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ ، وَمِنْهَا النِّيَّةُ ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الشَّرْطِ يَقَعُ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ أَحَدُهَا : فِي بَيَانِ أَصْلِهِ ، وَالثَّانِي : فِي بَيَانِ كَيْفِيَّتِهِ ، وَالثَّالِثُ : فِي بَيَانِ وَقْتِهِ .
أَمَّا الْأُوَلُ : فَأَصْلُ
nindex.php?page=treesubj&link=2364النِّيَّةِ شَرْطُ جَوَازِ الصِّيَامَاتِ كُلِّهَا فِي قَوْلِ
أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرُ :
nindex.php?page=treesubj&link=2364صَوْمُ رَمَضَانَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ جَائِزٌ بِدُونِ النِّيَّةِ ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } أَمَرَ بِصَوْمِ الشَّهْرِ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ النِّيَّةِ ، وَالصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ .
وَقَدْ أَتَى بِهِ فَيَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ ، وَلِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُشْتَرَطُ لِلتَّعْيِينِ ، وَالْحَاجَةُ إلَى التَّعْيِينِ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ ، وَلَا مُزَاحَمَةَ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَحْتَمِلُ إلَّا صَوْمًا وَاحِدًا فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَهُوَ صَوْمُ رَمَضَانَ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْيِينِ بِالنِّيَّةِ ، وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30974لَا عَمَلَ لِمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ } وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى } وَلِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ عِبَادَةٌ ، وَالْعِبَادَةُ اسْمٌ لِفِعْلٍ يَأْتِيهِ الْعَبْدُ بِاخْتِيَارِهِ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى بِأَمْرِهِ ، وَالِاخْتِيَارُ ، وَالْإِخْلَاصُ لَا يَتَحَقَّقَانِ بِدُونِ النِّيَّةِ .
وَأَمَّا الْآيَةُ : فَمُطْلَقُ اسْمِ الصَّوْمِ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ ، وَالْإِمْسَاكُ لَا يَصِيرُ شَرْعًا بِدُونِ النِّيَّةِ ، لِمَا بَيَّنَّا ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : إنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِلتَّعْيِينِ وَزَمَانُ رَمَضَانَ مُتَعَيِّنٌ لِصَوْمِ رَمَضَانَ فَلَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ ، فَنَقُولُ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ لِتَعْيِينِ الْوَصْفِ ، لَكِنْ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى النِّيَّةِ لِتَعْيِينِ الْأَصْلِ ، بَيَانُهُ أَنَّ أَصْلَ الْإِمْسَاكِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَادَةً ، أَوْ حَمِيَّةً ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى ، بَلْ الْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ كُلِّ فَاعِلٍ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِيَصِيرَ لِلَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ إذَا صَارَ أَصْلُ الْإِمْسَاكِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْوَقْتِ بِأَصْلِ النِّيَّةِ ، وَالْوَقْتُ مُتَعَيَّنٌ لِفَرْضِهِ يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ الْحَاجَةِ إلَى تَعْيِينِ الْوَصْفِ .