وكما لا يجوز صرف الزكاة إلى الغني لا يجوز صرف جميع الصدقات المفروضة والواجبة إليه كالعشور والكفارات والنذور وصدقة الفطر لعموم قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء } وقول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30092لا تحل الصدقة لغني } ولأن الصدقة مال تمكن فيه الخبث لكونه غسالة الناس لحصول الطهارة لهم به من الذنوب ، ولا يجوز الانتفاع بالخبيث إلا عند الحاجة والحاجة للفقير لا للغني .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=3260_23496صدقة التطوع فيجوز صرفها إلى الغني ; لأنها تجري مجرى الهبة ، ولا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=3260الصرف إلى عبد الغني ومدبره وأم ولده ; لأن الملك في المدفوع نفع لمولاه وهو غني فكان دفعا إلى الغني ، هذا إذا كان العبد محجورا أو كان مأذونا لكنه لم يكن عليه دين مستغرق لرقبته ; لأن كسبه ملك المولى فالدفع يقع إلى المولى وهو غني فلا يجوز ذلك .
وإن كان عليه دين مستغرق لكنه غير ظاهر في حق المولى ; لأنه يتأخر إلى ما بعد العتاق فكان كسبه ملك المولى وهو غني .
وأما إذا كان ظاهرا في حق المولى كدين الاستهلاك ودين التجارة فينبغي أن يجوز على قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; لأن المولى لا يملك كسب عبده المأذون المديون دينا مستغرقا ظاهرا في حقه وعندهما لا يجوز ; لأنه يملك كسبه عندهما .
ويجوز
nindex.php?page=treesubj&link=3132_3260_3160الدفع إلى مكاتب الغني ; لأن كسب المالك المكاتب ملكه من حيث الظاهر وإنما يملكه المولى بالعجز ولم يوجد .
وأما ولد الغني فإن كان صغيرا لم يجز الدفع إليه وإن كان فقيرا لا مال له ; لأن الولد الصغير يعد غنيا بغنى أبيه وإن كان كبيرا فقيرا يجوز ; لأنه لا يعد غنيا بمال أبيه فكان كالأجنبي ولو
nindex.php?page=treesubj&link=25502دفع إلى امرأة فقيرة وزوجها غني جاز في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وهو إحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف .
وروي عنه أنها لا تعطي إذا قضي لها بالنفقة .
وجه هذه الرواية أن نفقة المرأة تجب على زوجها فتصير غنية بغنى الزوج كالولد الصغير ، وإنما شرط القضاء لها بالنفقة ; لأن النفقة لا تصير دينا بدون القضاء .
وجه ظاهر الرواية أن المرأة الفقيرة لا تعد غنية بغنى زوجها ; لأنها لا تستحق على زوجها إلا مقدار النفقة فلا تعد بذلك القدر غنية .
وكذا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=3132الدفع إلى فقير له ابن غني وإن كان يجب عليه نفقته لما قلنا : إن تقدر النفقة لا يصير غنيا فيجوز الدفع إليه .
وأما صدقة الوقف فيجوز صرفها إلى الأغنياء إن سماهم الواقف في الوقف ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي في مختصره وإن لم يسمهم لا يجوز ; لأنها صدقة واجبة .
وَكَمَا لَا يَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَى الْغَنِيِّ لَا يَجُوزُ صَرْفُ جَمِيعِ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْوَاجِبَةِ إلَيْهِ كَالْعُشُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ } وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30092لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ } وَلِأَنَّ الصَّدَقَةَ مَالٌ تَمَكَّنَ فِيهِ الْخَبَثُ لِكَوْنِهِ غُسَالَةُ النَّاسِ لِحُصُولِ الطَّهَارَةِ لَهُمْ بِهِ مِنْ الذُّنُوبِ ، وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْخَبِيثِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْحَاجَةُ لِلْفَقِيرِ لَا لِلْغَنِيِّ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=3260_23496صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْغَنِيِّ ; لِأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْهِبَةِ ، وَلَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=3260الصَّرْفُ إلَى عَبْدِ الْغَنِيِّ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَدْفُوعِ نَفْعٌ لِمَوْلَاهُ وَهُوَ غَنِيٌّ فَكَانَ دَفْعًا إلَى الْغَنِيِّ ، هَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا أَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِرَقَبَتِهِ ; لِأَنَّ كَسْبَهُ مِلْكُ الْمَوْلَى فَالدَّفْعُ يَقَعُ إلَى الْمَوْلَى وَهُوَ غَنِيٌّ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ .
وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي حَقِّ الْمَوْلَى ; لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعَتَاقِ فَكَانَ كَسْبُهُ مِلْكُ الْمَوْلَى وَهُوَ غَنِيٌّ .
وَأَمَّا إذَا كَانَ ظَاهِرًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَدَيْنِ التِّجَارَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ; لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ كَسْبَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا ظَاهِرًا فِي حَقِّهِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ كَسْبَهُ عِنْدَهُمَا .
وَيَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=3132_3260_3160الدَّفْعُ إلَى مُكَاتَبِ الْغَنِيِّ ; لِأَنَّ كَسْب الْمَالِكِ الْمُكَاتَبِ مِلْكُهُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى بِالْعَجْزِ وَلَمْ يُوجَدْ .
وَأَمَّا وَلَدُ الْغَنِيِّ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ ; لِأَنَّ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ يُعَدُّ غَنِيًّا بِغِنَى أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا يَجُوزُ ; لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِمَالِ أَبِيهِ فَكَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=25502دُفِعَ إلَى امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ وَزَوْجُهَا غَنِيٌّ جَازَ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ .
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تُعْطِي إذَا قُضِيَ لَهَا بِالنَّفَقَةِ .
وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ تَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا فَتَصِيرُ غَنِيَّةً بِغِنَى الزَّوْجِ كَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ ، وَإِنَّمَا شَرْطُ الْقَضَاءِ لَهَا بِالنَّفَقَةِ ; لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِدُونِ الْقَضَاءِ .
وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْفَقِيرَةَ لَا تُعَدُّ غَنِيَّةً بِغِنَى زَوْجِهَا ; لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَى زَوْجِهَا إلَّا مِقْدَارَ النَّفَقَةِ فَلَا تُعَدُّ بِذَلِكَ الْقَدْرِ غَنِيَّةً .
وَكَذَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=3132الدَّفْعُ إلَى فَقِيرٍ لَهُ ابْنٌ غَنِيٌّ وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ لِمَا قُلْنَا : إنْ تُقَدَّرَ النَّفَقَةُ لَا يَصِيرُ غَنِيًّا فَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ .
وَأَمَّا صَدَقَةُ الْوَقْفِ فَيَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى الْأَغْنِيَاءِ إنْ سَمَّاهُمْ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ .