( فصل ) :
وأما فقد اختلف فيها ذكر كيفية فرضيتها أنها على الفور ، وذكر في المنتقى ما يدل عليه فإنه قال : " إذا لم يؤد الزكاة حتى مضى حولان فقد أساء وأثم ولم يحل له ما صنع وعليه زكاة حول واحد " وعن الكرخي أن من لم يؤد الزكاة لم تقبل شهادته . محمد
وروي عنه أن التأخير لا يجوز وهذا نص على الفور وهو ظاهر مذهب وذكر الشافعي أنها على التراخي واستدل بمن عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد تمام الحول والتمكن من الأداء أنه لا يضمن ، ولو كانت واجبة على الفور لضمن كمن أخر صوم شهر رمضان عن وقته أنه يجب عليه القضاء . الجصاص
وذكر أبو عبد الله الثلجي عن أصحابنا أنها تجب وجوبا موسعا ، وقال عامة مشايخنا : إنها على سبيل التراخي ومعنى التراخي عندهم أنها تجب مطلقا عن الوقت غير عين ففي أي وقت أدى يكون مؤديا للواجب ويتعين ذلك الوقت للوجوب وإذا لم يؤد إلى آخر عمره يتضيق عليه الوجوب بأن بقي من الوقت قدر ما يمكنه الأداء فيه وغلب على ظنه أنه لو لم يؤد فيه يموت فيفوت فعند ذلك يتضيق عليه الوجوب حتى أنه لو لم يؤد فيه حتى مات يأثم وأصل المسألة أن الأمر المطلق عن الوقت هل يقتضي وجوب الفعل على الفور أم على التراخي كالأمر بقضاء صوم رمضان والأمر بالكفارات ، والنذور المطلقة ، وسجدة التلاوة ونحوها فهو على الاختلاف الذي ذكرنا وقال إمام الهدى الشيخ أبو منصور الماتريدي السمرقندي : " إنه يجب تحصيل الفعل على الفور " وهو الفعل في أول أوقات الإمكان ولكن عملا لا اعتقادا على طريق التعيين بل مع الاعتقاد المبهم أن ما أراد الله به من الفور والتراخي فهو حق وهذه من مسائل أصول الفقه .
ويجوز أن تبنى مسألة هلاك النصاب على هذا الأصل ; لأن الوجوب لما كان على التراخي عندنا لم يكن بتأخيره الأداء عن أول أوقات الإمكان مفرطا فلا يضمن ، وعنده لما كان الوجوب على الفور صار مفرطا لتأخيره فيضمن .
ويجوز [ ص: 4 ] أن تبنى على أصل آخر نذكره في بيان صفة الواجب إن شاء الله تعالى .