( وأما ) الذي يرجع إلى الربح فأنواع .
( منها )
nindex.php?page=treesubj&link=5937إعلام مقدار الربح ; لأن المعقود عليه هو الربح ، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد
nindex.php?page=treesubj&link=5937ولو دفع إليه ألف درهم عن أنهما يشتركان في الربح ولم يبين مقدار الربح جاز ذلك ، والربح بينهما نصفان ; لأن الشركة تقتضي المساواة قال الله تعالى عز شأنه : فهم شركاء في الثلث
nindex.php?page=treesubj&link=5937ولو قال : على أن للمضارب شركا في الربح جاز في قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، والربح بينهما نصفان ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : المضاربة فاسدة .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن الشركة هي النصيب ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=40أم لهم شرك في السموات } أي نصيب .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22وما لهم فيهما من شرك } أي نصيب فقد جعل له نصيبا من الربح ، والنصيب مجهول فصار الربح مجهولا .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن الشرك بمعنى الشركة ، يقال : شركته في هذا الأمر أشركه شركة وشركا قال القائل :
وشاركنا قريشا في بقاها وفي أحسابها شرك العنان
ويذكر بمعنى النصيب أيضا ، لكن في الحمل على الشركة تصحيح للعقد فيحمل عليها .
( ومنها )
nindex.php?page=treesubj&link=5938أن يكون المشروط لكل واحد منهما من المضارب ورب المال من الربح جزءا شائعا ، نصفا أو ثلثا أو ربعا ، فإن شرطا عددا مقدرا بأن
[ ص: 86 ] nindex.php?page=treesubj&link=5938شرطا أن يكون لأحدهما مائة درهم من الربح أو أقل أو أكثر والباقي للآخر لا يجوز ، والمضاربة فاسدة ; لأن المضاربة نوع من الشركة ، وهي الشركة في الربح ، وهذا شرط يوجب قطع الشركة في الربح ; لجواز أن لا يربح المضارب إلا هذا القدر المذكور ، فيكون ذلك لأحدهما دون الآخر ، فلا تتحقق الشركة ، فلا يكون التصرف مضاربة ، وكذلك إن شرطا أن يكون لأحدهما النصف أو الثلث ومائة درهم ، أو قالا : إلا مائة درهم فإنه لا يجوز كما ذكرنا أنه شرط يقطع الشركة في الربح ; لأنه إذا شرطا لأحدهما النصف ومائة ، فمن الجائز أن يكون الربح مائتين ، فيكون كل الربح للمشروط له ، وإذا شرطا له النصف إلا مائة ، فمن الجائز أن يكون نصف الربح مائة ، فلا يكون له شيء من الربح .
nindex.php?page=treesubj&link=5979ولو شرطا في العقد أن تكون الوضيعة عليهما بطل الشرط ، والمضاربة صحيحة والأصل في الشرط الفاسد إذا دخل في هذا العقد أنه ينظر إن كان يؤدي إلى جهالة الربح يوجب فساد العقد ; لأن الربح هو المعقود عليه ، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد ، وإن كان لا يؤدي إلى جهالة الربح يبطل الشرط وتصح المضاربة وشرط الوضيعة عليهما شرط فاسد ; لأن الوضيعة جزء هالك من المال ، فلا يكون إلا على رب المال ، لا أنه يؤدي إلى جهالة الربح ، فلا يؤثر في العقد فلا يفسد به العقد ، ولأن هذا عقد تقف صحته على القبض ، فلا يفسده الشرط الزائد الذي لا يرجع إلى المعقود عليه كالهبة والرهن ، ولأنها وكالة والشرط الفاسد لا يعمل في الوكالة وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في المضاربة
nindex.php?page=treesubj&link=5938_5979إذا قال رب المال للمضارب : لك ثلث الربح وعشرة دراهم في كل شهر ما عملت في المضاربة صحت المضاربة من الثلث ، وبطل الشرط .
وذكر
nindex.php?page=treesubj&link=6216في المزارعة : إذا دفع إليه أرضه بثلث الخارج ، وجعل له عشرة دراهم في كل شهر ، فالمزارعة باطلة من أصحابنا من قال : في المسألة روايتان ، رواية كتاب المزارعة تقتضي فساد المضاربة ; لأن المشروط للمضارب من المشاهرة معقود عليه ، وهو قطع عنه الشركة ، وهذا يفسد المضاربة ، وفي رواية كتاب المضاربة يقتضي أن تصح المضاربة ; لأنه عقد على ربح معلوم ، ثم ألحق به شرطا فاسدا ، فيبطل الشرط وتصح المضاربة والصحيح هو الفرق بين المسألتين ; لأن معنى الإجارة في المزارعة أظهر منه في المضاربة ، بدليل أنها لا تصح إلا بمدة معلومة ، والمضاربة لا تفتقر صحتها إلى ذكر المدة ، فالشرط الفاسد جاز أن يؤثر في المزارعة ولا يؤثر في المضاربة .
وعلى هذا الأصل ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فيمن دفع ألفا مضاربة على أن الربح بينهما نصفين ، على أن يدفع إليه رب المال أرضه ليزرعها سنة أو دارا ليسكنها سنة ، فالشرط باطل والمضاربة صحيحة ; لأنه ألحق بها شرطا فاسدا لا تقتضيه ، فبطل الشرط ولو كان المضارب هو الذي شرط عليه أن يدفع أرضه ليزرعها رب المال سنة ، أو يدفع داره إلى رب المال ; ليسكنها سنة ، فسدت المضاربة ; لأنه جعل نصف الربح عوضا عن عمله وعن أجرة الدار والأرض ، فصارت حصة العمل مجهولة بالعقد فلم يصح العقد وروى
المعلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في رجل دفع مالا إلى رجل مضاربة ، على أن يبيع في دار رب المال أو على أن يبيع في دار المضارب ، كان جائزا ولو شرطا أن يسكن المضارب دار رب المال ، أو رب المال دار المضارب ، فهذا لا يجوز ; لأنه إذا شرط البيع في أحد الدارين فإنما خص البيع بمكان دون مكان ، ولم يعقد على منافع الدار ، وإذا شرط للمضارب السكنى فقد جعل تلك المنفعة أجرة له وأطلق
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف أنه لا يجوز ، ولم يذكر أنه لا يجوز الشرط أو لا تجوز المضاربة .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري رحمه الله أنه ينبغي أن يكون الفساد في الشرط لا في المضاربة
nindex.php?page=treesubj&link=26543ولو شرط جميع الربح للمضارب فهو قرض عند أصحابنا وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله هي مضاربة فاسدة ، وله أجرة مثل ما إذا عمل .
( وجه ) قوله أن المضاربة عقد شركة في الربح ، فشرط قطع الشركة فيها يكون شرطا فاسدا .
( ولنا ) أنه إذا لم يمكن تصحيحها مضاربة تصحح قرضا ; لأنه أتى بمعنى القرض ، والعبرة في العقود لمعانيها ، وعلى هذا إذا شرط جميع الربح لرب المال ، فهو إبضاع عندنا ; لوجود معنى الإبضاع .
( وَأَمَّا ) الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الرِّبْحِ فَأَنْوَاعٌ .
( مِنْهَا )
nindex.php?page=treesubj&link=5937إعْلَامُ مِقْدَارِ الرِّبْحِ ; لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الرِّبْحُ ، وَجَهَالَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ
nindex.php?page=treesubj&link=5937وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَنْ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الرِّبْحِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الرِّبْحِ جَازَ ذَلِكَ ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ; لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ شَأْنُهُ : فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ
nindex.php?page=treesubj&link=5937وَلَوْ قَالَ : عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ شِرْكًا فِي الرِّبْحِ جَازَ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ : الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ .
( وَجْهُ ) قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ أَنَّ الشَّرِكَةَ هِيَ النَّصِيبُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=40أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ } أَيْ نَصِيبٌ .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ } أَيْ نَصِيبٍ فَقَدْ جَعَلَ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ ، وَالنَّصِيبُ مَجْهُولٌ فَصَارَ الرِّبْحُ مَجْهُولًا .
( وَجْهُ ) قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الشِّرْكَ بِمَعْنَى الشَّرِكَةِ ، يُقَالُ : شَرَكْتُهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَشْرَكُهُ شِرْكَةً وَشِرْكًا قَالَ الْقَائِلُ :
وَشَارَكْنَا قُرَيْشًا فِي بَقَاهَا وَفِي أَحْسَابِهَا شِرْكَ الْعِنَانِ
وَيُذْكَرُ بِمَعْنَى النَّصِيبِ أَيْضًا ، لَكِنْ فِي الْحَمْلِ عَلَى الشَّرِكَةِ تَصْحِيحٌ لِلْعَقْدِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا .
( وَمِنْهَا )
nindex.php?page=treesubj&link=5938أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ جُزْءًا شَائِعًا ، نِصْفًا أَوْ ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا ، فَإِنْ شَرَطَا عَدَدًا مُقَدَّرًا بِأَنْ
[ ص: 86 ] nindex.php?page=treesubj&link=5938شَرَطَا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ ، وَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ ; لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ نَوْعٌ مِنْ الشَّرِكَةِ ، وَهِيَ الشَّرِكَةُ فِي الرِّبْحِ ، وَهَذَا شَرْطٌ يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ ; لِجَوَازِ أَنْ لَا يَرْبَحَ الْمُضَارِبُ إلَّا هَذَا الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، فَلَا تَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ ، فَلَا يَكُونُ التَّصَرُّفُ مُضَارَبَةً ، وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا النِّصْفُ أَوْ الثُّلُثُ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ ، أَوْ قَالَا : إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ شَرْطٌ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ ; لِأَنَّهُ إذَا شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا النِّصْفَ وَمِائَةً ، فَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مِائَتَيْنِ ، فَيَكُونَ كُلُّ الرِّبْحِ لِلْمَشْرُوطِ لَهُ ، وَإِذَا شَرَطَا لَهُ النِّصْفَ إلَّا مِائَةً ، فَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الرِّبْحِ مِائَةً ، فَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الرِّبْحِ .
nindex.php?page=treesubj&link=5979وَلَوْ شَرَطَا فِي الْعَقْدِ أَنْ تَكُونَ الْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا بَطَلَ الشَّرْطُ ، وَالْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةٌ وَالْأَصْلُ فِي الشَّرْطِ الْفَاسِدِ إذَا دَخَلَ فِي هَذَا الْعَقْدِ أَنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ ; لِأَنَّ الرِّبْحَ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ ، وَجَهَالَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ وَشَرْطُ الْوَضِيعَةِ عَلَيْهِمَا شَرْطٌ فَاسِدٌ ; لِأَنَّ الْوَضِيعَةَ جُزْءٌ هَالِكٌ مِنْ الْمَالِ ، فَلَا يَكُونُ إلَّا عَلَى رَبِّ الْمَالِ ، لَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ ، وَلِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ تَقِفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْقَبْضِ ، فَلَا يُفْسِدُهُ الشَّرْطُ الزَّائِدُ الَّذِي لَا يَرْجِعُ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ ، وَلِأَنَّهَا وَكَالَةٌ وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ لَا يَعْمَلُ فِي الْوَكَالَةِ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ فِي الْمُضَارَبَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=5938_5979إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ : لَكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَا عَمِلْتَ فِي الْمُضَارَبَةِ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَبَطَلَ الشَّرْطُ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=6216فِي الْمُزَارَعَةِ : إذَا دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضَهُ بِثُلُثِ الْخَارِجِ ، وَجَعَلَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ، فَالْمُزَارَعَةُ بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ : فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ ، رِوَايَةُ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ تَقْتَضِي فَسَادَ الْمُضَارَبَةِ ; لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ لِلْمُضَارِبِ مِنْ الْمُشَاهَرَةِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَطَعَ عَنْهُ الشَّرِكَةَ ، وَهَذَا يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ ، وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ يَقْتَضِي أَنْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى رِبْحٍ مَعْلُومٍ ، ثُمَّ أَلْحَقَ بِهِ شَرْطًا فَاسِدًا ، فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ; لِأَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْمُضَارَبَةِ ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ، وَالْمُضَارَبَةُ لَا تَفْتَقِرُ صِحَّتُهَا إلَى ذِكْرِ الْمُدَّةِ ، فَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ جَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْمُضَارَبَةِ .
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ فِيمَنْ دَفَعَ أَلْفًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ أَرْضَهُ لِيَزْرَعَهَا سَنَةً أَوْ دَارًا لِيَسْكُنَهَا سَنَةً ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةٌ ; لِأَنَّهُ أَلْحَقَ بِهَا شَرْطًا فَاسِدًا لَا تَقْتَضِيه ، فَبَطَلَ الشَّرْطُ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ لِيَزْرَعَهَا رَبُّ الْمَالِ سَنَةً ، أَوْ يَدْفَعَ دَارِهِ إلَى رَبِّ الْمَالِ ; لِيَسْكُنَهَا سَنَةً ، فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ نِصْفَ الرِّبْحِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ وَعَنْ أُجْرَةِ الدَّارِ وَالْأَرْضِ ، فَصَارَتْ حِصَّةُ الْعَمَلِ مَجْهُولَةً بِالْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَرَوَى
الْمُعَلَّى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ مُضَارَبَةً ، عَلَى أَنْ يَبِيعَ فِي دَارِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَ فِي دَارِ الْمُضَارِبِ ، كَانَ جَائِزًا وَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَسْكُنَ الْمُضَارِبُ دَارَ رَبِّ الْمَالِ ، أَوْ رَبُّ الْمَالِ دَارَ الْمُضَارِبِ ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْبَيْعَ فِي أَحَدِ الدَّارَيْنِ فَإِنَّمَا خُصَّ الْبَيْعُ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَان ، وَلَمْ يُعْقَدْ عَلَى مَنَافِعِ الدَّارِ ، وَإِذَا شَرَطَ لِلْمُضَارِبِ السُّكْنَى فَقَدْ جَعَلَ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ أُجْرَةً لَهُ وَأَطْلَقَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشَّرْطُ أَوْ لَا تَجُوزُ الْمُضَارَبَةُ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14972الْقُدُورِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَسَادُ فِي الشَّرْطِ لَا فِي الْمُضَارَبَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=26543وَلَوْ شَرَطَ جَمِيعَ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ فَهُوَ قَرْضٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ ، وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا إذَا عَمِلَ .
( وَجْهُ ) قَوْلِهِ أَنَّ الْمُضَارَبَةَ عَقْدُ شَرِكَةٍ فِي الرِّبْحِ ، فَشَرْطُ قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِيهَا يَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا .
( وَلَنَا ) أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَصْحِيحُهَا مُضَارَبَةً تُصَحَّحُ قَرْضًا ; لِأَنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى الْقَرْضِ ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِمَعَانِيهَا ، وَعَلَى هَذَا إذَا شَرَطَ جَمِيعَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ ، فَهُوَ إبْضَاعٌ عِنْدَنَا ; لِوُجُودِ مَعْنَى الْإِبْضَاعِ .