nindex.php?page=treesubj&link=24991_24990_1346_1345_1336فأما إذا أصاب الثوب أو البدن أو مكان الصلاة ، أما حكم الثوب والبدن فنقول : وبالله التوفيق النجاسة لا تخلو إما إن كانت غليظة ، أو خفيفة قليلة ، أو كثيرة ، أما النجاسة القليلة فإنها لا تمنع جواز الصلاة ، سواء كانت خفيفة أو غليظة استحسانا ، والقياس أن تمنع ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، إلا إذا كانت لا تأخذها العين ، أو ما لا يمكن الاحتراز عنه وجه القياس أن الطهارة عن النجاسة الحقيقة شرط جواز الصلاة ، كما أن الطهارة عن النجاسة الحكمية - وهي الحدث - شرط ، ثم هذا الشرط ينعدم بالقليل من الحدث بأن بقي على جسده لمعة ، فكذا بالقليل من النجاسة الحقيقية .
( ولنا ) ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه سئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=24991_1336القليل من النجاسة في الثوب فقال : إذا كان مثل ظفري هذا لا يمنع جواز الصلاة ; ولأن القليل من النجاسة مما لا يمكن الاحتراز عنه ، فإن
[ ص: 80 ] nindex.php?page=treesubj&link=595_1336الذباب يقعن على النجاسة ، ثم يقعن على ثياب المصلي ولا بد وأن يكون على أجنحتهن وأرجلهن نجاسة قليلة ، فلو لم يجعل عفوا لوقع الناس في الحرج ، ومثل هذه البلوى في الحدث منعدمة ; ولأنا أجمعنا على جواز الصلاة بدون الاستنجاء بالماء ، ومعلوم أن الاستنجاء بالأحجار لا يستأصل النجاسة ، حتى لو جلس في الماء القليل أفسده ، فهو دليل ظاهر على أن القليل من النجاسة عفو ; ولهذا قدرنا بالدرهم على سبيل الكناية عن موضع خروج الحدث ، كذا قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : إنهم استقبحوا ذكر المقاعد في مجالسهم ، فكنوا عنه بالدرهم تحسينا للعبارة وأخذا بصالح الأدب وأما النجاسة الكثيرة فتمنع جواز الصلاة ، واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=24991_24990الحد الفاصل بين القليل والكثير من النجاسة قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : إذا بلغ مقدار الدرهم فهو كثير وقال
الشعبي : لا يمنع ، حتى يكون أكثر من قدر الدرهم الكبير .
وهو قول عامة العلماء ، وهو الصحيح ; لما روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه عد مقدار ظفر من النجاسة قليلا ، حيث لم يجعله مانعا من جواز الصلاة ، وظفره كان قريبا من كفنا فعلم أن قدر الدرهم عفو ; ولأن أثر النجاسة في موضع الاستنجاء عفو ، وذلك يبلغ قدر الدرهم خصوصا في حق المبطون ، ولأن في ديننا سعة ، وما قلناه أوسع فكان أليق بالحنيفية السمحة ، ثم لم يذكر في ظاهر الرواية صريحا أن المراد من الدرهم الكبير ، من حيث العرض والمساحة ، أو من حيث الوزن وذكر في النوادر : الدرهم الكبير : ما يكون عرض الكف وهذا موافق لما روينا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه لأن ظفره كان كعرض كف أحدنا ، وذكر
الكرخي مقدار مساحة الدرهم الكبير ، وذكر في كتاب الصلاة الدرهم الكبير المثقال فهذا يشير إلى الوزن .
وقال الفقيه
أبو جعفر الهندواني : لما اختلفت عبارات
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في هذا فنوفق ونقول : أراد بذكر العرض تقدير المائع ، كالبول والخمر ونحوهما ، وبذكر الوزن تقدير المستجسد كالعذرة ونحوها ، فإن كانت أكثر من مثقال ذهب وزنا تمنع ; وإلا فلا ، وهو المختار عند مشايخنا بما
وراء النهر وأما
nindex.php?page=treesubj&link=24991_24990حد الكثير من النجاسة الخفيفة فهو الكثير الفاحش في ظاهر الرواية .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة عن الكثير الفاحش فكره أن يحد له حدا ، وقال : الكثير الفاحش ما يستفحشه الناس ويستكثرونه وروى
الحسن عنه أنه قال : شبر في شبر ، وهو المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أيضا .
وروي عنه ذراع في ذراع ، وروي أكثر من نصف الثوب ، وروي نصف الثوب ، ثم في رواية نصف كل الثوب ، وفي رواية نصف طرف منه ، أما التقدير بأكثر من النصف ; فلأن الكثرة والقلة من الأسماء الإضافية لا يكون الشيء قليلا ، إلا أن يكون بمقابلته كثير ، وكذا لا يكون كثيرا إلا وأن يكون بمقابلته قليل ، والنصف ليس بكثير ; لأنه ليس في مقابلته قليل ; فكان الكثير أكثر من النصف ; لأن بمقابلته ما هو أقل منه وأما التقدير ، بالنصف فلأن العفو هو القليل ، والنصف ليس بقليل ، إذ ليس بمقابلته ما هو أقل منه .
وأما التقدير بالشبر فلأن أكثر الضرورة تقع لباطن الخفاف .
وباطن الخفين شبر في شبر .
وأما التقدير بالذراع فلأن الضرورة في ظاهر الخفين وباطنهما ، وذلك ذراع في ذراع ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مختصره عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : الربع ، وهو الأصح ; لأن للربع حكم الكل في أحكام الشرع في موضع الاحتياط ، ولا عبرة بالكثرة والقلة حقيقة ، ألا ترى أن الدرهم جعل حدا فاصلا بين القليل والكثير شرعا مع انعدام ما ذكر ، إلا أنه لا يمكن التقدير بالدرهم في بعض النجاسات ; لانحطاط رتبتها عن المنصوص عليها ، فقدر بما هو كثير في الشرع في موضع الاحتياط وهو الربع ، واختلف المشايخ في تفسير الربع قيل : ربع جميع الثوب ; لأنهما قدراه بربع الثوب ، والثوب اسم للكل وقيل : ربع كل عضو وطرف أصابته النجاسة من اليد ، والرجل والذيل ، والكم والدخريص ; لأن كل قطعة منها قبل الخياطة كان ثوبا على حدة ، فكذا بعد الخياطة وهو الأصح ، ثم لم يذكر في ظاهر الرواية تفسير النجاسة الغليظة والخفيفة .
وذكر
الكرخي أن
nindex.php?page=treesubj&link=24991_24990النجاسة الغليظة عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : ما ورد نص على نجاسته ، ولم يرد نص على طهارته ، معارضا له وإن اختلف العلماء فيه والخفيفة ما تعارض نصان في طهارته ونجاسته ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد الغليظة : ما وقع الاتفاق على نجاسته ، والخفيفة : ما اختلف العلماء في نجاسته وطهارته ، ( إذا ) عرف هذا الأصل
nindex.php?page=treesubj&link=24990_536فالأرواث كلها نجسة نجاسة غليظة عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; لأنه ورد نص يدل على نجاستها ، وهو ما روينا عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13060 nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه ليلة الجن أحجار الاستنجاء [ ص: 81 ] فأتي بحجرين وروثة ، فأخذ الحجرين ورمى بالروثة ، وقال : إنها رجس أو ركس - أي نجس } - وليس له نص معارض ، وإنما قال بعض العلماء بطهارتها بالرأي والاجتهاد والاجتهاد لا يعارض النص ، فكانت نجاستها غليظة .
وعلى قولهما نجاستها خفيفة ; لأن العلماء اختلفوا فيها ،
nindex.php?page=treesubj&link=24990_544وبول ما لا يؤكل لحمه نجس نجاسة غليظة بالإجماع على اختلاف الأصلين ، ( أما ) عنده فلانعدام نص معارض لنص النجاسة ، ( وأما ) عندهما فلوقوع الاتفاق على نجاسته
nindex.php?page=treesubj&link=24991_543وبول ما يؤكل لحمه نجس نجاسة خفيفة بالاتفاق ، أما عنده فلتعارض النصين ، وهما حديث العرنيين مع حديث
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار وغيره في البول مطلقا .
وأما عندهما فلاختلاف العلماء فيه ، ( وأما )
nindex.php?page=treesubj&link=24990_588_536العذرات وخرء الدجاج والبط ، فنجاستها غليظة بالإجماع على اختلاف الأصلين ، هذا على وجه البناء على الأصل الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي ، ( وأما ) الكلام في الأرواث على طريقة الابتداء ، فوجه قولهما أن في الأرواث ضرورة ، وعموم البلية لكثرتها في الطرقات ، فتتعذر صيانة الخفاف والنعال عنها - وما عمت بليته خفت قضيته - بخلاف خرء الدجاج والعذرة ; لأن ذلك قلما يكون في الطرق ، فلا تعم البلوى بإصابته ، وبخلاف بول ما يؤكل لحمه ; لأن ذلك تنشفه الأرض ويجف بها فلا تكثر إصابته الخفاف والنعال .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الروث أنه لا يمنع جواز الصلاة وإن كان كثيرا فاحشا ، وقيل : إن هذا آخر أقاويله حين كان
بالري ، وكان الخليفة بها فرأى الطرق والخانات مملوءة من الأرواث ، وللناس فيها بلوى عظيمة فعلى هذا القياس قال بعض مشايخنا بما وراء النهر : إن
nindex.php?page=treesubj&link=606_24727_1336_592طين بخارى إذا أصاب الثوب لا يمنع جواز الصلاة ، وإن كان كثيرا فاحشا ; لبلوى الناس فيه لكثرة العذرات في الطرق ;
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة احتج بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين } جمع بين الفرث والدم لكونهما نجسين ، ثم بين الأعجوبة للخلق في إخراج ما هو نهاية في الطهارة - وهو اللبن - من بين شيئين نجسين ، مع كون الكل مائعا في نفسه ; ليعرف به كمال قدرته ، والحكيم إنما يذكر ما هو النهاية في النجاسة ; ليكون إخراجه ما هو النهاية في الطهارة ، من بين ما هو النهاية في النجاسة نهاية في الأعجوبة ، وآية لكمال القدرة ; ولأنها مستخبثة طبعا ، ولا ضرورة في إسقاط اعتبار نجاستها ; لأنها وإن كثرت في الطرقات فالعيون تدركها فيمكن صيانة الخفاف والنعال ، كما في بول ما لا يؤكل لحمه ، والأرض وإن كانت تنشف الأبوال فالهواء يجفف الأرواث ، فلا تلتزق بالمكاعب والخفاف ، على أنا اعتبرنا معنى الضرورة بالعفو عن القليل منها - وهو الدرهم فما دونه - فلا ضرورة في الترقية بالتقدير بالكثير الفاحش والله أعلم .
ولو أن
nindex.php?page=treesubj&link=608ثوبا أصابته النجاسة - وهي كثيرة - فجفت ، وذهب أثرها ، وخفي مكانها ; غسل جميع الثوب وكذا لو أصابت أحد الكمين ولا يدري أيهما هو ; غسلهما جميعا ، وكذا إذا
nindex.php?page=treesubj&link=543_608راثت البقرة أو بالت في الكديس ولا يدرى مكانه ; غسل الكل احتياطا ، وقيل : إذا غسل موضعا من الثوب - كالدخريص ونحوه - وأحد الكمين وبعضا من الكديس يحكم بطهارة الباقي ، وهذا غير سديد ; لأن موضع النجاسة غير معلوم ، وليس البعض أولى من البعض ، ولو كان الثوب طاهرا فشك في نجاسته جاز له أن يصلي فيه ; لأن الشك لا يرفع اليقين ، وكذا إذا كان عنده ماء طاهر فشك في وقوع النجاسة فيه ، ولا بأس بلبس
nindex.php?page=treesubj&link=1341ثياب أهل الذمة والصلاة فيها ، إلا الإزار والسراويل فإنه تكره الصلاة فيهما وتجوز ، ( أما ) الجواز ; فلأن الأصل في الثياب هو الطهارة ، فلا تثبت النجاسة بالشك ; ولأن التوارث جار فيما بين المسلمين بالصلاة في الثياب المغنومة من الكفرة قبل الغسل .
وأما الكراهة في الإزار والسراويل فلقربهما من موضع الحدث - وعسى لا يستنزهون من البول - فصار شبيه يد المستيقظ ومنقار الدجاجة المخلاة ، وذكر في بعض المواضع في الكراهة خلافا ، على قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ومحمد يكره ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لا يكره .
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20077سئل عن nindex.php?page=treesubj&link=552الشراب في أواني المجوس فقال : إن لم تجدوا منها بدا فاغسلوها ، ثم اشربوا فيها } وإنما أمر بالغسل ; لأن ذبائحهم ميتة ، وأوانيهم قلما تخلو عن دسومة منها قال بعض مشايخنا : وكذلك الجواب في
nindex.php?page=treesubj&link=584_1336ثياب الفسقة من المسلمين ; لأن الظاهر أنهم لا يتوقون إصابة الخمر ثيابهم في حال الشرب .
وقالوا في الديباج الذي ينسجه أهل
فارس : إنه لا تجوز الصلاة فيه ; لأنهم يستعملون فيه البول عند النسج ، يزعمون أنه يزيد في بريقه ، ثم لا يغسلونه ; لأن الغسل يفسده فإن صح أنهم يفعلون ذلك فلا شك أنه لا تجوز
[ ص: 82 ] الصلاة معه .
nindex.php?page=treesubj&link=24991_24990_1346_1345_1336فَأَمَّا إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ أَوْ الْبَدَنَ أَوْ مَكَانَ الصَّلَاةِ ، أَمَّا حُكْمُ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ فَنَقُولُ : وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ النَّجَاسَةُ لَا تَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ غَلِيظَةً ، أَوْ خَفِيفَةً قَلِيلَةً ، أَوْ كَثِيرَةً ، أَمَّا النَّجَاسَةُ الْقَلِيلَةُ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ خَفِيفَةً أَوْ غَلِيظَةً اسْتِحْسَانًا ، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَمْنَعَ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، إلَّا إذَا كَانَتْ لَا تَأْخُذُهَا الْعَيْنُ ، أَوْ مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الطَّهَارَةَ عَنْ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقَةِ شَرْطُ جَوَازِ الصَّلَاةِ ، كَمَا أَنَّ الطَّهَارَةَ عَنْ النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ - وَهِيَ الْحَدَثُ - شَرْطٌ ، ثُمَّ هَذَا الشَّرْطُ يَنْعَدِم بِالْقَلِيلِ مِنْ الْحَدَثِ بِأَنْ بَقِيَ عَلَى جَسَدِهِ لُمْعَةٌ ، فَكَذَا بِالْقَلِيلِ مِنْ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ .
( وَلَنَا ) مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24991_1336الْقَلِيلِ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ فَقَالَ : إذَا كَانَ مِثْلَ ظُفْرِي هَذَا لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ ; وَلِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ النَّجَاسَةِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ ، فَإِنَّ
[ ص: 80 ] nindex.php?page=treesubj&link=595_1336الذُّبَابَ يَقَعْنَ عَلَى النَّجَاسَةِ ، ثُمَّ يَقَعْنَ عَلَى ثِيَابِ الْمُصَلِّي وَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ عَلَى أَجْنِحَتِهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ نَجَاسَةٌ قَلِيلَةٌ ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ عَفْوًا لَوَقَعَ النَّاسُ فِي الْحَرَجِ ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْبَلْوَى فِي الْحَدَثِ مُنْعَدِمَةٌ ; وَلِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ بِدُونِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْأَحْجَارِ لَا يَسْتَأْصِلُ النَّجَاسَةَ ، حَتَّى لَوْ جَلَسَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَفْسَدَهُ ، فَهُوَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ النَّجَاسَةِ عَفْوٌ ; وَلِهَذَا قَدَّرْنَا بِالدِّرْهَمِ عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ عَنْ مَوْضِعِ خُرُوجِ الْحَدَثِ ، كَذَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ : إنَّهُمْ اسْتَقْبَحُوا ذِكْرَ الْمَقَاعِدِ فِي مَجَالِسِهِمْ ، فَكَنَّوْا عَنْهُ بِالدِّرْهَمِ تَحْسِينًا لِلْعِبَارَةِ وَأَخْذًا بِصَالِحِ الْأَدَبِ وَأَمَّا النَّجَاسَةُ الْكَثِيرَةُ فَتَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24991_24990الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ النَّجَاسَةِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ : إذَا بَلَغَ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ فَهُوَ كَثِيرٌ وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ : لَا يَمْنَعُ ، حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ .
وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ; لِمَا رَوَيْنَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَدَّ مِقْدَارَ ظُفُرٍ مِنْ النَّجَاسَةِ قَلِيلًا ، حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْهُ مَانِعًا مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ ، وَظُفْرُهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ كَفِّنَا فَعُلِمَ أَنَّ قَدْرَ الدِّرْهَمِ عَفْوٌ ; وَلِأَنَّ أَثَرَ النَّجَاسَةِ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ عَفْوٌ ، وَذَلِكَ يَبْلُغُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ خُصُوصًا فِي حَقِّ الْمَبْطُونِ ، وَلِأَنَّ فِي دِينِنَا سَعَةً ، وَمَا قُلْنَاهُ أَوْسَعُ فَكَانَ أَلْيَقَ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ ، ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ صَرِيحًا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ ، مِنْ حَيْثُ الْعَرْضِ وَالْمِسَاحَةِ ، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْوَزْنِ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ : الدِّرْهَمُ الْكَبِيرُ : مَا يَكُونُ عَرْضَ الْكَفِّ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّ ظُفْرَهُ كَانَ كَعَرْضِ كَفِّ أَحَدِنَا ، وَذَكَرَ
الْكَرْخِيُّ مِقْدَارَ مِسَاحَةِ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الدِّرْهَمَ الْكَبِيرَ الْمِثْقَالَ فَهَذَا يُشِيرُ إلَى الْوَزْنِ .
وَقَالَ الْفَقِيهُ
أَبُو جَعْفَر الْهِنْدُوَانِيُّ : لَمَّا اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ فِي هَذَا فَنُوَفِّقُ وَنَقُولُ : أَرَادَ بِذِكْرِ الْعَرْضِ تَقْدِيرَ الْمَائِعِ ، كَالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ وَنَحْوِهِمَا ، وَبِذِكْرِ الْوَزْنِ تَقْدِيرُ الْمُسْتَجْسِدِ كَالْعَذِرَةِ وَنَحْوِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ مِثْقَالِ ذَهَبٍ وَزْنًا تُمْنَعُ ; وَإِلَّا فَلَا ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ مَشَايِخِنَا بِمَا
وَرَاءَ النَّهْرِ وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24991_24990حَدُّ الْكَثِيرِ مِنْ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ فَهُوَ الْكَثِيرُ الْفَاحِشُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الْكَثِيرِ الْفَاحِشِ فَكَرِهَ أَنْ يَحِدَّ لَهُ حَدًّا ، وَقَالَ : الْكَثِيرُ الْفَاحِشُ مَا يَسْتَفْحِشُهُ النَّاسُ وَيَسْتَكْثِرُونَهُ وَرَوَى
الْحَسَنُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : شِبْرٌ فِي شِبْرٍ ، وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا .
وَرُوِيَ عَنْهُ ذِرَاعٌ فِي ذِرَاعٍ ، وَرُوِيَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الثَّوْبِ ، وَرُوِيَ نِصْفُ الثَّوْبِ ، ثُمَّ فِي رِوَايَةٍ نِصْفُ كُلِّ الثَّوْبِ ، وَفِي رِوَايَةٍ نِصْفُ طَرَفٍ مِنْهُ ، أَمَّا التَّقْدِيرُ بِأَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ; فَلِأَنَّ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْإِضَافِيَّةِ لَا يَكُونُ الشَّيْءُ قَلِيلًا ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِمُقَابَلَتِهِ كَثِيرٌ ، وَكَذَا لَا يَكُونُ كَثِيرًا إلَّا وَأَنْ يَكُونَ بِمُقَابَلَتِهِ قَلِيلٌ ، وَالنِّصْفُ لَيْسَ بِكَثِيرٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابِلَتِهِ قَلِيلٌ ; فَكَانَ الْكَثِيرُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ; لِأَنَّ بِمُقَابَلَتِهِ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ وَأَمَّا التَّقْدِيرُ ، بِالنِّصْفِ فَلِأَنَّ الْعَفْوَ هُوَ الْقَلِيلُ ، وَالنِّصْفُ لَيْسَ بِقَلِيلٍ ، إذْ لَيْسَ بِمُقَابَلَتِهِ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ .
وَأَمَّا التَّقْدِيرُ بِالشِّبْرِ فَلِأَنَّ أَكْثَرَ الضَّرُورَةِ تَقَعُ لِبَاطِنِ الْخِفَافِ .
وَبَاطِنُ الْخُفَّيْنِ شِبْرٌ فِي شِبْرٍ .
وَأَمَّا التَّقْدِيرُ بِالذِّرَاعِ فَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ وَبَاطِنِهِمَا ، وَذَلِكَ ذِرَاعٌ فِي ذِرَاعٍ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ : الرُّبُعَ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّ لِلرُّبْعِ حُكْمُ الْكُلِّ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ حَقِيقَةً ، أَلَا تَرَى أَنَّ الدِّرْهَمَ جُعِلَ حَدًّا فَاصِلًا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ شَرْعًا مَعَ انْعِدَامِ مَا ذَكَرَ ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّقْدِيرُ بِالدِّرْهَمِ فِي بَعْضِ النَّجَاسَاتِ ; لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهَا عَنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا ، فَقُدِّرَ بِمَا هُوَ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ وَهُوَ الرُّبْعُ ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي تَفْسِيرِ الرُّبْعِ قِيلَ : رُبْعُ جَمِيعِ الثَّوْبِ ; لِأَنَّهُمَا قَدَّرَاهُ بِرُبْعِ الثَّوْبِ ، وَالثَّوْبُ اسْمٌ لِلْكُلِّ وَقِيلَ : رُبْعُ كُلِّ عُضْوٍ وَطَرَفٍ أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ مِنْ الْيَدِ ، وَالرِّجْلِ وَالذَّيْلِ ، وَالْكُمِّ وَالدِّخْرِيصِ ; لِأَنَّ كُلَّ قِطْعَةٍ مِنْهَا قَبْلَ الْخِيَاطَةِ كَانَ ثَوْبًا عَلَى حِدَةٍ ، فَكَذَا بَعْدَ الْخِيَاطَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ، ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَفْسِيرَ النَّجَاسَةِ الْغَلِيظَةِ وَالْخَفِيفَةِ .
وَذَكَرَ
الْكَرْخِيُّ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24991_24990النَّجَاسَةَ الْغَلِيظَةَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ : مَا وَرَدَ نَصٌّ عَلَى نَجَاسَتِهِ ، وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ عَلَى طَهَارَتِهِ ، مُعَارِضًا لَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَالْخَفِيفَةُ مَا تَعَارَضَ نَصَّانِ فِي طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ الْغَلِيظَةُ : مَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى نَجَاسَتِهِ ، وَالْخَفِيفَةُ : مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَجَاسَتِهِ وَطَهَارَتِهِ ، ( إذَا ) عُرِفَ هَذَا الْأَصْلُ
nindex.php?page=treesubj&link=24990_536فَالْأَرْوَاثُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ; لِأَنَّهُ وَرَدَ نَصٌّ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهَا ، وَهُوَ مَا رَوَيْنَا عَنْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13060 nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبَ مِنْهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ أَحْجَارَ الِاسْتِنْجَاءِ [ ص: 81 ] فَأُتِيَ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ ، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَرَمَى بِالرَّوْثَةِ ، وَقَالَ : إنَّهَا رِجْسٌ أَوْ رِكْسٌ - أَيْ نَجِسٌ } - وَلَيْسَ لَهُ نَصٌّ مُعَارِضٌ ، وَإِنَّمَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِطَهَارَتِهَا بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ وَالِاجْتِهَادُ لَا يُعَارِضُ النَّصَّ ، فَكَانَتْ نَجَاسَتُهَا غَلِيظَةً .
وَعَلَى قَوْلِهِمَا نَجَاسَتُهَا خَفِيفَةٌ ; لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=24990_544وَبَوْلُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ نَجِسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً بِالْإِجْمَاعِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ ، ( أَمَّا ) عِنْدَهُ فَلِانْعِدَامِ نَصٍّ مُعَارِضٍ لِنَصِّ النَّجَاسَةِ ، ( وَأَمَّا ) عِنْدَهُمَا فَلِوُقُوعِ الِاتِّفَاقِ عَلَى نَجَاسَتِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=24991_543وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ نَجِسٌ نَجَاسَةً خَفِيفَةً بِالِاتِّفَاقِ ، أَمَّا عِنْدَهُ فَلِتَعَارُضِ النَّصَّيْنِ ، وَهُمَا حَدِيثُ الْعُرَنِيِّينَ مَعَ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارٍ وَغَيْرِهِ فِي الْبَوْلِ مُطْلَقًا .
وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ ، ( وَأَمَّا )
nindex.php?page=treesubj&link=24990_588_536الْعَذِرَاتُ وَخُرْءُ الدَّجَاجِ وَالْبَطِّ ، فَنَجَاسَتُهَا غَلِيظَةٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ ، هَذَا عَلَى وَجْهِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ ، ( وَأَمَّا ) الْكَلَامُ فِي الْأَرْوَاثِ عَلَى طَرِيقَةِ الِابْتِدَاءِ ، فَوَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ فِي الْأَرْوَاثِ ضَرُورَةً ، وَعُمُومُ الْبَلِيَّةِ لِكَثْرَتِهَا فِي الطُّرُقَاتِ ، فَتَتَعَذَّرُ صِيَانَةُ الْخِفَافِ وَالنِّعَالِ عَنْهَا - وَمَا عَمَّتْ بَلِيَّتُهُ خَفَّتْ قَضِيَّتُهُ - بِخِلَافِ خُرْءِ الدَّجَاجِ وَالْعَذِرَةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ قَلَّمَا يَكُونُ فِي الطُّرُقِ ، فَلَا تَعُمُّ الْبَلْوَى بِإِصَابَتِهِ ، وَبِخِلَافِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ تُنَشِّفُهُ الْأَرْضُ وَيَجِفُّ بِهَا فَلَا تَكْثُرُ إصَابَتُهُ الْخِفَافَ وَالنِّعَالَ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ فِي الرَّوْثِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَاحِشًا ، وَقِيلَ : إنَّ هَذَا آخِرُ أَقَاوِيلِهِ حِينَ كَانَ
بِالرَّيِّ ، وَكَانَ الْخَلِيفَةُ بِهَا فَرَأَى الطُّرُقَ وَالْخَانَاتِ مَمْلُوءَةً مِنْ الْأَرْوَاثِ ، وَلِلنَّاسِ فِيهَا بَلْوَى عَظِيمَةٌ فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ : إنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=606_24727_1336_592طِينَ بُخَارَى إذَا أَصَابَ الثَّوْبَ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَاحِشًا ; لِبَلْوَى النَّاسِ فِيهِ لِكَثْرَةِ الْعَذِرَاتِ فِي الطُّرُقِ ;
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ } جَمَعَ بَيْنَ الْفَرْثِ وَالدَّمِ لِكَوْنِهِمَا نَجِسَيْنِ ، ثُمَّ بَيْنَ الْأُعْجُوبَةِ لِلْخَلْقِ فِي إخْرَاجِ مَا هُوَ نِهَايَةٌ فِي الطَّهَارَةِ - وَهُوَ اللَّبَنُ - مِنْ بَيْنِ شَيْئَيْنِ نَجِسَيْنِ ، مَعَ كَوْنِ الْكُلِّ مَائِعًا فِي نَفْسِهِ ; لِيُعْرَفَ بِهِ كَمَالُ قُدْرَتِهِ ، وَالْحَكِيمُ إنَّمَا يَذْكُرُ مَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي النَّجَاسَةِ ; لِيَكُونَ إخْرَاجُهُ مَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي الطَّهَارَةِ ، مِنْ بَيْنِ مَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي النَّجَاسَةِ نِهَايَةٌ فِي الْأُعْجُوبَةِ ، وَآيَةٌ لِكَمَالِ الْقُدْرَةِ ; وَلِأَنَّهَا مُسْتَخْبَثَةٌ طَبْعًا ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي إسْقَاطِ اعْتِبَارِ نَجَاسَتِهَا ; لِأَنَّهَا وَإِنْ كَثُرَتْ فِي الطُّرُقَاتِ فَالْعُيُونُ تُدْرِكُهَا فَيُمْكِنُ صِيَانَةُ الْخِفَافِ وَالنِّعَالِ ، كَمَا فِي بَوْلِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ، وَالْأَرْضُ وَإِنْ كَانَتْ تُنَشِّفُ الْأَبْوَالَ فَالْهَوَاءُ يُجَفِّفُ الْأَرْوَاثَ ، فَلَا تَلْتَزِقُ بِالْمَكَاعِبِ وَالْخِفَافِ ، عَلَى أَنَّا اعْتَبَرْنَا مَعْنَى الضَّرُورَةِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقَلِيلِ مِنْهَا - وَهُوَ الدِّرْهَمُ فَمَا دُونَهُ - فَلَا ضَرُورَةَ فِي التَّرْقِيَةِ بِالتَّقْدِيرِ بِالْكَثِيرِ الْفَاحِشِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَوْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=608ثَوْبًا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ - وَهِيَ كَثِيرَةٌ - فَجَفَّتْ ، وَذَهَبَ أَثَرُهَا ، وَخَفِيَ مَكَانُهَا ; غُسِلَ جَمِيعُ الثَّوْبِ وَكَذَا لَوْ أَصَابَتْ أَحَدَ الْكُمَّيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمَا هُوَ ; غَسَلَهُمَا جَمِيعًا ، وَكَذَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=543_608رَاثَتْ الْبَقَرَةُ أَوْ بَالَتْ فِي الْكَدِيسِ وَلَا يُدْرَى مَكَانَهُ ; غَسَلَ الْكُلَّ احْتِيَاطًا ، وَقِيلَ : إذَا غَسَلَ مَوْضِعًا مِنْ الثَّوْبِ - كَالدِّخْرِيصِ وَنَحْوِهِ - وَأَحَدِ الْكُمَّيْنِ وَبَعْضًا مِنْ الْكَدِيسِ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْبَاقِي ، وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ ; لِأَنَّ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ ، وَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ ، وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ طَاهِرًا فَشَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ ; لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يَرْفَعُ الْيَقِينَ ، وَكَذَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ فَشَكَّ فِي وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ ، وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ
nindex.php?page=treesubj&link=1341ثِيَابِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالصَّلَاةِ فِيهَا ، إلَّا الْإِزَارُ وَالسَّرَاوِيلُ فَإِنَّهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِمَا وَتَجُوزُ ، ( أَمَّا ) الْجَوَازُ ; فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثِّيَابِ هُوَ الطَّهَارَةَ ، فَلَا تَثْبُتُ النَّجَاسَةُ بِالشَّكِّ ; وَلِأَنَّ التَّوَارُثَ جَارٍ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِالصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ الْمَغْنُومَةِ مِنْ الْكَفَرَةِ قَبْلَ الْغَسْلِ .
وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فِي الْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ فَلِقُرْبِهِمَا مِنْ مَوْضِعِ الْحَدَثِ - وَعَسَى لَا يَسْتَنْزِهُونَ مِنْ الْبَوْلِ - فَصَارَ شَبِيهَ يَدِ الْمُسْتَيْقِظِ وَمِنْقَارِ الدَّجَاجَةِ الْمُخَلَّاةِ ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فِي الْكَرَاهَةِ خِلَافًا ، عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يُكْرَهُ ، وَعَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ لَا يُكْرَهُ .
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20077سُئِلَ عَنْ nindex.php?page=treesubj&link=552الشَّرَابِ فِي أَوَانِي الْمَجُوسِ فَقَالَ : إنْ لَمْ تَجِدُوا مِنْهَا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا ، ثُمَّ اشْرَبُوا فِيهَا } وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْغَسْلِ ; لِأَنَّ ذَبَائِحَهُمْ مَيْتَةٌ ، وَأَوَانِيهِمْ قَلَّمَا تَخْلُو عَنْ دُسُومَةٍ مِنْهَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا : وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=584_1336ثِيَابِ الْفَسَقَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَقَّوْنَ إصَابَةَ الْخَمْرِ ثِيَابَهُمْ فِي حَالِ الشُّرْبِ .
وَقَالُوا فِي الدِّيبَاجِ الَّذِي يَنْسِجُهُ أَهْلُ
فَارِسٍ : إنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ ; لِأَنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ فِيهِ الْبَوْلَ عِنْدَ النَّسْجِ ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَزِيدُ فِي بِرِيقِهِ ، ثُمَّ لَا يَغْسِلُونَهُ ; لِأَنَّ الْغَسْلَ يُفْسِدُهُ فَإِنْ صَحَّ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ
[ ص: 82 ] الصَّلَاةُ مَعَهُ .