وأما بيان ما يصير به المأمور بالحج مخالفا ، وبيان حكمه إذا خالف فنقول : إذا فهو مخالف ضامن في قول [ ص: 214 ] أمر بحجة مفردة أو بعمرة مفردة فقرن وقال أبي حنيفة أبو يوسف : يجزي ذلك عن الآمر نستحسن وندع القياس فيه ، ولا يضمن فيه دم القران على الحاج . ومحمد
وجه قولهما أنه فعل المأمور به وزاد خيرا فكان مأذونا في الزيادة دلالة ، فلم يكن مخالفا كمن قال لرجل : اشتر لي هذا العبد بألف درهم فاشتراه بخمسمائة أو قال : بع هذا العبد بألف درهم ، فباعه بألف وخمسمائة يجوز ، وينفذ على الآمر لما قلنا كذا هذا ، وعليه دم القران ; لأن الحاج إذا قرن بإذن المحجوج عنه كان الدم على الحاج لما نذكر ، أنه لم يأت بالمأمور به ; لأنه أمر بسفر يصرفه إلى الحج لا غير ، ولم يأت به فقد خالف أمر الآمر فضمن . ولأبي حنيفة
ولو أمره أن يحج عنه فاعتمر ضمن ; لأنه خالف ولو اعتمر ثم حج من مكة يضمن النفقة في قولهم ; جميعا لأمره به بالحج ، بسفر وقد أتى بالحج من غير سفر ; لأنه صرف سفره الأول إلى العمرة ، فكان مخالفا فيضمن النفقة .
ولو صار مخالفا في ظاهر الرواية عن أمره بالحج عنه فجمع بين إحرام الحج والعمرة فأحرم بالحج عنه وأحرم بالعمرة عن نفسه فحج عنه واعتمر عن نفسه وعن أبي حنيفة أنه يقسم النفقة على الحج والعمرة ويطرح عن الحج ما أصاب العمرة ، ويجوز ما أصاب الحج . أبي يوسف
وجه رواية أن المأمور فعل ما أمر به - وهو الحج - عن الآمر وزاده إحسانا حيث أسقط عنه بعض النفقة . أبي يوسف
وجه ظاهر الرواية أنه أمره بصرف كل السفر إلى الحج ، ولم يأت به ; لأنه أدى بالسفر حجا عن الآمر وعمرة عن نفسه فكان مخالفا وبه تبين أنه فعل ما أمر به ، وقوله : ( أنه أحسن إليه حيث أسقط عنه بعض النفقة ) غير سديد ; لأن غرض الآمر في الحج عن الغير هو ثواب النفقة فإسقاطه لا يكون إحسانا ، بل يكون إساءة لم يكن مخالفا ; لأنه فعل ما أمر به وهو أداء العمرة بالسفر ، وإنما فعل بعد ذلك الحج فاشتغاله به كاشتغاله بعمل آخر من التجارة وغيرها إلا أن النفقة مقدار مقامه للحج من ماله ; لأنه عمل لنفسه وروى ولو أمره أن يعتمر فأحرم بالعمرة واعتمر ثم أحرم بالحج بعد ذلك ، وحج عن نفسه عن ابن سماعة - رحمه الله - في الرقيات محمد لم يكن مخالفا ; لأن هذه العمرة واجبة الرفض ; لوقوعها على مخالفة السنة على ما ذكرنا في فصل القران ، فكان وجودها والعدم بمنزلة واحدة . إذا حج عن الميت وطاف لحجه وسعى ثم أضاف إليه عمرة عن نفسه
ولو كان جمع بينهما ثم أحرم بهما ثم لم يطف حتى وقف بعرفة ورفض العمرة لم ينفعه ذلك ، وهو مع ذلك مخالف ; لأنه لما أحرم بهما جميعا فقد صار مخالفا في ظاهر الرواية على ما ذكرنا فوقعت الحجة عن نفسه فلا يحتمل التغيير بعد ذلك برفض العمرة .
`