فأما فعليه أي : الكفارات شاء الصيام ، أو الصدقة ، أو الدم . إذا لبسه لعذر وضرورة
والأصل فيه قوله تعالى في كفارة الحلق من مرض أو أذى في الرأس { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } وروينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { : أيؤذيك هوام رأسك ؟ قال : نعم فقال : احلق واذبح شاة ، أو صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع من بر لكعب بن عجرة } والنص وإن ورد بالتخيير في الحلق ، لكنه معلول بالتيسير والتسهيل للضرورة والعذر ، وقد وجد ههنا ، والنص الوارد هناك يكون واردا ههنا دلالة . قال
وقيل : إن عند يتخير بين أحد الأشياء الثلاثة في حالة الاختيار أيضا ، وأنه غير سديد ; لأن التخيير في حال الضرورة للتيسير والتخفيف ، والجاني لا يستحق التخفيف ، ويجوز في الطعام التمليك ، والتمكين وهو : طعام الإباحة في قول الشافعي ، أبي حنيفة ، وعند وأبي يوسف لا يجوز فيه إلا التمليك ، ونذكر المسألة في كتاب الكفارات إن شاء الله تعالى محمد
ويجوز في الصيام التتابع والتفرق لإطلاق اسم الصوم في النص ، ولا يجوز الذبح إلا في الحرم كذبح المتعة إلا إذا ذبح في غير الحرم ، وتصدق بلحمه على ستة مساكين على كل واحد منهم قدر قيمة نصف صاع من حنطة ; فيجوز على طريق البدل عن الطعام " ويجوز الصوم في الأماكن كلها بالإجماع .
وكذا الصدقة عندنا وعند لا تجزيه ، [ ص: 188 ] إلا الشافعي بمكة نظرا لأهل مكة ; لأنهم ينتفعون به ولهذا لم يجز الدم إلا بمكة ، ولنا أن نص الصدقة مطلق عن المكان فيجري على إطلاقه ، والقياس على الدم بمعنى الانتفاع فاسد لما ذكرنا في الإحصار ، وإنما عرف اختصاص جواز الذبح بمكة بالنص ، وهو قوله تعالى { : حتى يبلغ الهدي محله } ولم يوجد مثله في الصدقة وقد ذكرنا أن المحرم إذا لم يجد الإزار وأمكنه فتق السراويل والتستر به فتقه ، فإن لبسه يوما ولم يفتقه فعليه دم في قول أصحابنا .
وقال : " يلبسه ولا شيء عليه " وجه قوله أن الكفارة إنما تجب بلبس محظور ، ولبس السراويل في هذه الحالة ليس بمحظور ; لأنه لا يمكنه لبس غير المخيط إلا بالفتق ، وفي الفتق تنقيص ماله ، ولنا أن حظر لبس المخيط ثبت بعقد الإحرام ، ويمكنه التستر بغير المخيط في هذه الحالة بالفتق فيجب عليه الفتق ، والستر بالمفتوق أولى ، فإذا لم يفعل فقد ارتكب محظور إحرامه يوما كاملا فيلزمه الدم . الشافعي
وقوله : " في الفتق تنقيص ماله " مسلم لكن لإقامة حق الله تعالى ، وأنه جائز كالزكاة وقطع الخفين أسفل من الكعبين إذا لم يجد النعلين .