( ذكر قول الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16785فخر الدين الرازي ) في آخر كتبه وهو كتاب أقسام اللذات الذي
[ ص: 305 ] صنفه في آخر عمره ، وهو كتاب مفيد ذكر فيه أقسام اللذات وبين أنها ثلاثة : الحسية : كالأكل والشرب والنكاح واللباس . واللذة الخيالية الوهمية : كلذة الرياسة والأمر والنهي والترفع ونحوها . واللذة العقلية : كلذة العلوم والمعارف . وتكلم عن كل واحد من هذه الأقسام إلى أن قال : وأما اللذة العقلية : فلا سبيل إلى الوصول إليها والتعلق بها فلهذا السبب نقول : يا ليتنا بقينا على العدم الأول ، وليتنا ما شهدنا هذا العالم ، وليت النفس لم تتعلق بهذا البدن ، وفي هذا المعنى قلت :
نهاية إقدام العقول عقال * وأكثر سعي العالمين ضلال وأرواحنا في وحشة من جسومنا
* وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا
* سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وكم قد رأينا من رجال ودولة
* فبادوا جميعا مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها
* رجال فزالوا والجبال جبال
واعلم أنه بعد التوغل في هذه المضائق والتعميق في الاستكشاف عن أسرار هذه الحقائق رأيت الأصوب الأصلح في هذا الباب طريقة القرآن العظيم ، والفرقان الكريم ، وهو ترك التعمق والاستدلال بأقسام أجسام السماوات والأرضين على وجود رب العالمين ثم المبالغة في التعظيم من غير خوض في التفاصيل فاقرأ في التنزيه قوله تعالى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=29711والله الغني وأنتم الفقراء ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=33677ليس كمثله شيء ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد ) ، واقرأ في الإثبات قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28727الرحمن على العرش استوى ) ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=50يخافون ربهم من فوقهم ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قل كل من عند الله ) ، وفي تنزيهه عما لا ينبغي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79ما أصابك من حسنة فمن الله )
[ ص: 306 ] الآية وعلى هذا القانون فقس وختم الكتاب .
( ذِكْرُ قَوْلِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=16785فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ ) فِي آخِرِ كُتُبِهِ وَهُوَ كِتَابُ أَقْسَامِ اللَّذَّاتِ الَّذِي
[ ص: 305 ] صَنَّفَهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ ، وَهُوَ كِتَابٌ مُفِيدٌ ذَكَرَ فِيهِ أَقْسَامَ اللَّذَّاتِ وَبَيَّنَ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ : الْحِسِّيَّةُ : كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنِّكَاحِ وَاللِّبَاسِ . وَاللَّذَّةُ الْخَيَالِيَّةُ الْوَهْمِيَّةُ : كَلَذَّةِ الرِّيَاسَةِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّرَفُّعِ وَنَحْوِهَا . وَاللَّذَّةُ الْعَقْلِيَّةُ : كَلَذَّةِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ . وَتَكَلَّمَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ إِلَى أَنْ قَالَ : وَأَمَّا اللَّذَّةُ الْعَقْلِيَّةُ : فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهَا وَالتَّعَلُّقِ بِهَا فَلِهَذَا السَّبَبُ نَقُولُ : يَا لَيْتَنَا بَقِينَا عَلَى الْعَدَمِ الْأَوَّلِ ، وَلَيْتَنَا مَا شَهِدْنَا هَذَا الْعَالَمَ ، وَلَيْتَ النَّفْسَ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهَذَا الْبَدَنِ ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قُلْتُ :
نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ * وَأَكْثَرُ سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلَالُ وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا
* وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ
وَلَمْ نَسْتَفِدْ مَنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمُرِنَا
* سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا
وَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ رِجَالٍ وَدَوْلَةٍ
* فَبَادُوا جَمِيعًا مُسْرِعِينَ وَزَالُوا
وَكَمْ مِنْ جِبَالٍ قَدْ عَلَتْ شُرُفَاتُهَا
* رِجَالٌ فَزَالُوا وَالْجِبَالُ جِبَالُ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ بَعْدَ التَّوَغُّلِ فِي هَذِهِ الْمَضَائِقِ وَالتَّعَمِيقِ فِي الِاسْتِكْشَافِ عَنْ أَسْرَارِ هَذِهِ الْحَقَائِقِ رَأَيْتُ الْأَصْوَبَ الْأَصْلَحَ فِي هَذَا الْبَابِ طَرِيقَةَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، وَالْفَرْقَانِ الْكَرِيمِ ، وَهُوَ تَرْكُ التَّعَمُّقِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِأَقْسَامِ أَجْسَامِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ عَلَى وُجُودِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّعْظِيمِ مِنْ غَيْرِ خَوْضٍ فِي التَّفَاصِيلِ فَاقْرَأْ فِي التَّنْزِيهِ قَوْلَهُ تَعَالَى :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=29711وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ) وَقَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=33677لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) وَقَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، وَاقْرَأْ فِي الْإِثْبَاتِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28727الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=50يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ) وَقَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) ، وَفِي تَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ )
[ ص: 306 ] الْآيَةَ وَعَلَى هَذَا الْقَانُونِ فَقِسْ وَخُتِمَ الْكِتَابُ .