تفسير قوله تعالى : ( وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) .
وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) ، ( الأعراف : 180 ) ، قال وقوله تعالى : ( ، ابن عباس ، وابن جريج ومجاهد : هم المشركون ، عدلوا بأسماء الله - تعالى - عما هي عليه ، فسموا بها أوثانهم فزادوا ونقصوا ، فاشتقوا اللات من الله ، والعزى من العزيز ، ومناة من المنان ، وقيل هي تسميتهم الأصنام آلهة . وروي عن رضي الله عنهما : يلحدون في أسمائه ، أي يكذبون . وقال ابن عباس قتادة : يلحدون يشركون في أسمائه . وقال علي بن أبي طلحة ، عن : الإلحاد التكذيب ، وأصل الإلحاد في كلام العرب العدول عن القصد ، والميل والجور والانحراف ، ومنه اللحد في القبر ; لانحرافه إلى جهة القبلة عن سمة الحفر ا هـ . وهذه الأقوال متقاربة ، والإلحاد يعمها ، وهو ثلاثة أقسام : ابن عباس
الأول : ، وهو ما ذكره إلحاد المشركين ، ابن عباس ، وابن جريج ومجاهد من عدولهم بأسماء الله - تعالى - عما هي عليه ، وتسميتهم أوثانهم بها مضاهاة لله - عز وجل - ومشاقة له وللرسول - صلى الله عليه وسلم .
الثاني : الذين يكيفون صفات الله - عز وجل - ويشبهونها بصفات خلقه مضادة له - تعالى - وردا لقوله عز وجل : ( إلحاد المشبهة ليس كمثله شيء ولا يحيطون به علما ) ، وهو مقابل لإلحاد المشركين ، فأولئك جعلوا المخلوق بمنزلة الخالق ، وسووه به ، وهؤلاء جعلوا الخالق بمنزلة الأجسام المخلوقة ، وشبهوه بها - تعالى - وتقدس عن إفكهم .
[ ص: 129 ] الثالث : إلحاد النفاة ، وهم قسمان : قسم أثبتوا ألفاظ أسمائه - تعالى - دون ما تضمنته من صفات الكمال ، فقالوا : رحمن رحيم بلا رحمة ، عليم بلا علم ، حكيم بلا حكمة ، قدير بلا قدرة ، سميع بلا سمع ، بصير بلا بصر ، واطردوا بقية الأسماء الحسنى هكذا ، وعطلوها عن معانيها وما تقتضيه وتتضمنه من صفات الكمال لله - تعالى - وهم في الحقيقة كمن بعدهم ، وإنما أثبتوا الألفاظ دون المعاني تسترا ، وهو لا ينفعهم .
وقسم لم يتستروا بما تستر به إخوانهم ، بل صرحوا بنفي الأسماء ، وما تدل عليه من المعاني ، واستراحوا من تكلف أولئك ، وصفوا الله - تعالى - بالعدم المحض الذي لا اسم له ولا صفة ، وهم في الحقيقة جاحدون لوجود ذاته - تعالى - مكذبون بالكتاب وبما أرسل الله به رسله .
وكل هذه الأربعة الأقسام كل فريق منهم يكفر مقابله ، وهم كما قالوا كلهم كفار بشهادة الله وملائكته وكتبه ورسله والناس أجمعين من أهل الإيمان والإثبات ، الواقفين مع كلام الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين .