[ ص: 52 ] وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29434كون القرآن أنزل باللسان العربي وحده فعنه أجوبة : أحدها : أن يقال والتوراة إنما أنزلت باللسان العبري وحده
وموسى - عليه السلام - لم يكن يتكلم إلا بالعبرية وكذلك
المسيح لم يكن يتكلم بالتوراة والإنجيل وغيرهما إلا بالعبرية وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=31781_20758سائر الكتب لا ينزلها الله إلا بلسان واحد بلسان الذي أنزلت عليه ولسان قومه الذين يخاطبهم أولا ، ثم بعد ذلك تبلغ الكتب وكلام الأنبياء لسائر الأمم إما بأن يترجم لمن لا يعرف لسان ذلك الكتاب وإما بأن يتعلم الناس لسان ذلك الكتاب فيعرفون معانيه وإما بأن يبين للمرسل إليه معاني ما أرسل به الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليه بلسانه وإن لم يعرف سائر ما أرسل به .
وقد أخبر الله في القرآن ما قالته الرسل لقومهم وما قالوا : لهم
[ ص: 53 ] - وأكثرهم لم يكونوا عربا - وأنزله الله باللسان العربي وحينئذ ، فإن شرط التكليف تمكن العباد من فهم ما أرسل به الرسول إليهم وذلك يحصل بأن يرسل بلسان يعرف به مراده ثم جميع الناس متمكنون من معرفة مراده بأن يعرفوا ذلك اللسان أو يعرفوا معنى الكتاب بترجمة من يترجم معناه وهذا مقدور للعباد ومن لم يمكنه فهم كلام الرسول إلا بتعلم اللغة التي أرسل بها وجب عليه ذلك ، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب بخلاف ما لا يتم الوجوب إلا به ، فإنه ليس بواجب ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها لا في الأصل ولا في التمام فلا نحتاج أن نقول ما لا يتم الواجب إلا به - وكان مقدورا للمكلف - فهو واجب ، فإن ما ليس مقدورا عليه لا يكلف به العباد بل وقد يكون مقدورا عليه ولا يكلفون به .
فلما كانت الاستطاعة شرطا في وجوب الحج لم يجب تحصيل الاستطاعة بخلاف قطع المسافات ، فإنه ليس شرطا في الوجوب فلهذا يجب الحج على الإنسان من المسافة البعيدة والقريبة إذا كان مستطيعا .
وجمهور الناس لا يعرفون معاني الكتب الإلهية : التوراة والإنجيل والقرآن إلا بمن يبينها ويفسرها لهم وإن كانوا يعرفون اللغة فهؤلاء يجب عليهم طلب علم ما يعرفون به ما أمرهم الله به ونهاهم عنه وهذا
[ ص: 54 ] هو طلب العلم المفروض على الخلق وكذلك ما بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من معاني الكتاب الذي أنزله الله عليه يجب على الخلق طلب علم ذلك ممن يعرفه إذا كان معرفة ذلك لا تحصل بمجرد اللسان .
كما يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=24909تفسير القرآن على أربعة أوجه : تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله - تبارك وتعالى - فمن ادعى علمه فهو كاذب .
والله تعالى قال
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم لم يقل : وما أرسلنا من رسول إلا إلى قومه لكن لم يرسله إلا بلسان قومه الذين خاطبهم أولا ، ليبين لقومه فإذا بين لقومه ما أراده حصل بذلك المقصود لهم ولغيرهم ، فإن قومه الذين بلغ إليهم أولا يمكنهم أن
[ ص: 55 ] يبلغوا عنه اللفظ ويمكنهم أن ينقلوا عنه المعنى لمن لا يعرف اللغة ويمكن لغيرهم أن يتعلم منهم لسانه فيعرف مراده فالحجة تقوم على الخلق ويحصل لهم الهدى بمن ينقل عن الرسول : تارة المعنى وتارة اللفظ ؛ ولهذا يجوز نقل حديثه بالمعنى ،
nindex.php?page=treesubj&link=28888والقرآن يجوز ترجمة معانيه لمن لا يعرف العربية باتفاق العلماء .
[ ص: 56 ] وجوز بعضهم أن يقرأ بغير العربية عند العجز عن قراءته بالعربية وبعضهم جوزه مطلقا وجمهور العلماء منعوا أن
nindex.php?page=treesubj&link=32450يقرأ بغير العربية وإن جاز أن يترجم للتفهم بغير العربية كما يجوز تفسيره وبيان معانيه وإن كان التفسير ليس قرآنا متلوا وكذلك الترجمة وقد قال : النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=675098نضر الله امرءا سمع منا حديثا فبلغه إلى من لم يسمعه فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .
[ ص: 57 ] وقال أيضا في الحديث الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=661240ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء ، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها طائفة أمسكت الماء فنفع الله به الناس فزرعوا وسقوا وكانت منها طائفة إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من تفقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به من الهدى والعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به .
فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يبلغ حديثه وإن لم يتفقه فيه وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=915180رب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .
وقد كان العارفون باللغة العربية حين بعث الله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - إنما يوجدون في
جزيرة العرب وما والاها كأرض
الحجاز واليمن وبعض
الشام والعراق ثم انتشر فصار أكثر الساكنين في وسط المعمورة العربية ، حتى
اليهود والنصارى الموجودون في وسط الأرض يتكلمون بالعربية كما يتكلم بها أكثر المسلمين بل
[ ص: 58 ] nindex.php?page=treesubj&link=29257كثير من اليهود والنصارى يتكلمون بالعربية أجود مما يتكلم بها كثير من المسلمين .
وقد انتشرت هذه اللغة أكثر مما انتشرت سائر اللغات حتى أن الكتب القديمة من كتب أهل الكتاب ومن كتب
الفرس والهند واليونان والقبط وغيرهم عربت بهذه اللغة .
ومعرفة الكتب المصنفة بالعربية والكلام العربي أيسر على جمهور الناس من معرفة الكتب المصنفة بغير العربية ، فإن اللسان العبري والسرياني والرومي والقبطي وغيرها وإن عرفه طائفة من الناس فالذين يعرفون اللسان العربي أكثر ممن يعرف لسانا من هذه الألسنة .
وأيضا فمعرفة ما أمر الله عباده أمرا عاما هو مما نقله الأمة عن نبيها - صلى الله عليه وسلم - نقلا متواترا وأجمعت عليه مثل الأمر
[ ص: 59 ] بشهادة أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله ، وأنه أرسل إلى جميع الناس أميهم وغير أميهم ، وإقام الصلوات الخمس وإيتاء الزكاة وصيام شهر رمضان وحج البيت العتيق من استطاع إليه سبيلا وإيجاب الصدق وتحريم الفواحش والظلم والأمر بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت هو ما يعرفه المسلمون معرفة عامة ولا يحتاج الإنسان في معرفة ذلك إلى أن يحفظ القرآن بل
nindex.php?page=treesubj&link=28750يمكن الإنسان معرفة ما أمر الله به على لسان رسوله وإن لم يعرف اللغة العربية ويكفيه أن يقرأ فاتحة الكتاب وسورا معها يصلي بهن وكثير من
الفرس والروم والترك والهند والحبشة والبربر وغيرهم لا يعرفون أن يتكلموا بالعربية الكلام المعتاد وقد أسلموا وصاروا من أولياء الله المتقين ومنهم من يحفظ القرآن كله وإذا كلم الناس لا يستطيع أن يكلمهم إلا بلسانه لا بالعربية وإذا خوطب بالعربية لم يفقه ما قيل له .
الوجه الثاني : أن
nindex.php?page=treesubj&link=31984المسيح - عليه السلام - كان لسانه عبريا وكذلك ألسنة
الحواريين الذين اتبعوه أولا ثم أنه أرسلهم إلى الأمم يخاطبونهم ويترجمون لهم ما قاله
المسيح - عليه السلام - فإن قالوا : إن رسل
المسيح حولت ألسنتهم إلى ألسنة من أرسل إليهم .
قيل هذا منقول في رسل
المسيح وفي رسل
محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين أرسلهم إلى الأمم ولا ريب أن رسل رسل الله
[ ص: 60 ] كرسل
محمد - صلى الله عليه وسلم -
والمسيح - عليه السلام - إلى الأمم لا بد أن يعرفوا لسان من أرسلهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليهم أو أن يكون عند أولئك من يفهم لسانهم ولسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليترجم لهم فإذا لم يكن عند من أرسل
المسيح إليهم من يعرف بالعربية فلا بد أن يكون رسوله ينطق بلسانهم .
وكذلك رسل النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين أرسلهم إلى الأمم ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من
الحديبية أرسل رسله إلى أهل الأرض فبعث إلى ملوك العرب
باليمن والحجاز والشام والعراق وأرسل إلى ملوك
النصارى بالشام ومصر قبطهم ورومهم وعربهم وغيرهم ، وأرسل إلى
الفرس المجوس ملوك
العراق وخراسان .
قال
محمد بن سعد في الطبقات ذكر بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرسل بكتبه إلى الملوك وغيرهم يدعوهم وذكر ما كتب به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لناس من العرب وغيرهم ثم قال : أخبرنا
محمد بن عمر الأسلمي قال : حدثني
معمر [ ص: 61 ] بن راشد ومحمد بن عبد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
عبيد الله بن عبد الله عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي حدثنا
أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
المسور بن رفاعة وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16318عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جدته
[ ص: 62 ] الشفاء وحدثنا
أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن
محمد بن يوسف عن
nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي وحدثنا
ابن محمد الأنصاري عن
جعفر بن عمرو ( بن جعفر بن [ ص: 63 ] عمرو ) بن أمية الضمري عن أهله عن
عمرو بن أمية الضمري دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا
nindex.php?page=hadith&LINKID=693104إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من الحديبية في ذي الحجة سنة ست أرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام وكتب إليهم كتبا فقيل يا رسول الله إن الملوك لا يقرءون كتابا إلا مختوما فاتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خاتما من فضة فصه منه نقشه ثلاثة أسطر محمد رسول الله وختم به الكتب فخرج ستة نفر منهم في يوم واحد وذلك في المحرم سنة سبع وأصبح كل واحد منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم .
[ ص: 64 ] nindex.php?page=treesubj&link=30942أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل nindex.php?page=showalam&ids=202دحية بن خليفة الكلبي وإلى
المقوقس صاحب
مصر والإسكندرية nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة وإلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة السهمي وأرسل إلى
الحارث بن أبي شمر الغساني وكان نصرانيا بظاهر
دمشق فبعث إليه
شجاع بن وهب الأسدي وأرسل إلى غير هؤلاء .
وقال أيضا : أخبرنا
الهيثم بن عدي قال : أخبرنا
دلهم بن [ ص: 65 ] صالح وأبو بكر الهذلي عن
عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13114محمد بن إسحاق عن
يزيد بن رومان nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وحدثنا
الحسن بن عمارة عن
فراس عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي دخل حديث بعضهم في حديث بعض : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه : "
ائتوني بأجمعكم بالغداة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الفجر يجلس في مصلاه قليلا يسبح ويدعو ثم التفت إليهم فبعث عدة إلى عدة وقال : [ ص: 66 ] - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=18263انصحوا لله في أمر عباده ، فإن من أخبر عن شيء من أمور المسلمين ثم لم ينصح حرم الله عليه الجنة انطلقوا ولا تصنعوا كما صنعت رسل عيسى بن مريم ، فإنهم أتوا القريب وتركوا البعيد فأصبحوا يعني الرسل وكل منهم يعرف بلسان القوم الذين أرسل إليهم وذكر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : هذا أعظم ما كان من حق الله - عز وجل - عليهم في أمر عباده .
الوجه الثالث : أن
النصارى فيهم عرب كثير من زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكل من يفهم اللسان العربي ، فإنه يمكن فهمه للقرآن وإن كان أصل لسانه فارسيا أو روميا أو تركيا أو هنديا أو قبطيا وهؤلاء الذين أرسلوا هذا الكتاب من علماء
النصارى قد قرءوا المصحف وفهموا منه ما فهموا وهم يفهمونه بالعربية واحتجوا بآيات من القرآن فكيف يسوغ لهم مع هذا أن يقولوا كيف تقوم الحجة علينا بكتاب لم نفهمه ؟ .
الوجه الرابع : أن حكم أهل الكتاب في ذلك حكم المشركين ومعلوم أن المشركين فيهم عرب وفيهم عجم - ترك وهند وغيرهما -
[ ص: 67 ] فكما أن جميع المشركين كمشركي العرب وكذلك جميع أهل الكتاب كأهل الكتاب من العرب وفي
اليهود والنصارى ممن يعرف بلسان العرب من لا يحصيه إلا الله - عز وجل .
الوجه الخامس : أنه
nindex.php?page=treesubj&link=18624ليس فهم كل آية من القرآن فرضا على كل مسلم وإنما يجب على المسلم أن يعلم ما أمره الله به وما نهاه عنه بأي عبارة كانت وهذا ممكن لجميع الأمم ولهذا دخل في الإسلام جميع أصناف العجم من
الفرس والترك والهند والصقالبة والبربر ومن هؤلاء من يعلم اللسان العربي ومنهم من يعلم ما فرض الله عليه الترجمة وقد قدمنا أنه يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=28888ترجمة القرآن في غير الصلاة والتعبير كما يجوز تفسيره باتفاق المسلمين وإنما تنازعوا
nindex.php?page=treesubj&link=27582هل يقرأ بغير العربية تلاوة كما يقرأ في الصلاة فجمهور العلماء منعوا من ذلك وحينئذ فإذا قرأ الأعجمي فاتحة الكتاب وسورتين معها
[ ص: 68 ] بالعربية أجزأه وكذلك التشهد وغيره من الذكر المأمور به وهذا أمر يسير أيسر من أكثر الواجبات فكيف يمتنع أن يأمر الله - تبارك وتعالى - عباده بذلك .
وأما جمل ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة والزكاة والصوم والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وما حرمه الله من الشرك والفواحش والظلم وغير ذلك فهذا مما يمكن أن يعرفه كل واحد بتعريف من يعرفه إما باللسان العربي وإما بلسان آخر لا يتوقف تعريف ذلك على لسان العرب .
[ ص: 52 ] وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29434كَوْنُ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَحْدَهُ فَعَنْهُ أَجْوِبَةٌ : أَحَدُهَا : أَنْ يُقَالَ وَالتَّوْرَاةُ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ بِاللِّسَانِ الْعِبْرِيِّ وَحْدَهُ
وَمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِالْعِبْرِيَّةِ وَكَذَلِكَ
الْمَسِيحُ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَغَيْرِهِمَا إِلَّا بِالْعِبْرِيَّةِ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=31781_20758سَائِرُ الْكُتُبِ لَا يُنَزِّلُهَا اللَّهُ إِلَّا بِلِسَانٍ وَاحِدٍ بِلِسَانِ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ وَلِسَانِ قَوْمِهِ الَّذِينَ يُخَاطِبُهُمْ أَوَّلًا ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُبَلَّغُ الْكُتُبُ وَكَلَامُ الْأَنْبِيَاءِ لِسَائِرِ الْأُمَمِ إِمَّا بِأَنْ يُتَرْجَمَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُ لِسَانَ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَإِمَّا بِأَنْ يَتَعَلَّمَ النَّاسُ لِسَانَ ذَلِكَ الْكِتَابِ فَيَعْرِفُونَ مَعَانِيَهُ وَإِمَّا بِأَنْ يُبَيَّنَ لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِ مَعَانِيَ مَا أُرْسِلَ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ بِلِسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَائِرَ مَا أُرْسِلَ بِهِ .
وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مَا قَالَتْهُ الرُّسُلُ لِقَوْمِهِمْ وَمَا قَالُوا : لَهُمْ
[ ص: 53 ] - وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَرَبًا - وَأَنْزَلَهُ اللَّهُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَحِينَئِذٍ ، فَإِنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ تَمَكُّنُ الْعِبَادَ مِنْ فَهْمِ مَا أُرْسِلَ بِهِ الرَّسُولُ إِلَيْهِمْ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِأَنْ يُرْسَلَ بِلِسَانٍ يُعْرَفُ بِهِ مُرَادُهُ ثُمَّ جَمِيعُ النَّاسِ مُتَمَكِّنُونَ مِنْ مَعْرِفَةِ مُرَادِهِ بِأَنْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ اللِّسَانَ أَوْ يَعْرِفُوا مَعْنَى الْكِتَابِ بِتَرْجَمَةِ مَنْ يُتَرْجِمُ مَعْنَاهُ وَهَذَا مَقْدُورٌ لِلْعِبَادِ وَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَهْمُ كَلَامِ الرَّسُولِ إِلَّا بِتَعَلُّمِ اللُّغَةِ الَّتِي أُرْسِلَ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَإِنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ بِخِلَافِ مَا لَا يَتِمُّ الْوُجُوبُ إِلَّا بِهِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَا فِي الْأَصْلِ وَلَا فِي التَّمَامِ فَلَا نَحْتَاجُ أَنْ نَقُولَ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ - وَكَانَ مَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ - فَهُوَ وَاجِبٌ ، فَإِنَّ مَا لَيْسَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ لَا يُكَلَّفُ بِهِ الْعِبَادُ بَلْ وَقَدْ يَكُونُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُونَ بِهِ .
فَلَمَّا كَانَتْ الِاسْتِطَاعَةُ شَرْطًا فِي وُجُوبِ الْحَجِّ لَمْ يَجِبْ تَحْصِيلُ الِاسْتِطَاعَةِ بِخِلَافِ قَطْعِ الْمَسَافَاتِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ فَلِهَذَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ إِذَا كَانَ مُسْتَطِيعًا .
وَجُمْهُورُ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ مَعَانِيَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ : التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ إِلَّا بِمَنْ يُبَيِّنُهَا وَيُفَسِّرُهَا لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا يَعْرِفُونَ اللُّغَةَ فَهَؤُلَاءِ يَجِبُ عَلَيْهِمْ طَلَبُ عِلْمِ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ وَهَذَا
[ ص: 54 ] هُوَ طَلَبُ الْعِلْمِ الْمَفْرُوضِ عَلَى الْخَلْقِ وَكَذَلِكَ مَا بَيَّنَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَعَانِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ طَلَبُ عِلْمِ ذَلِكَ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ إِذَا كَانَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ لَا تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ اللِّسَانِ .
كَمَا يُرْوَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=24909تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : تَفْسِيرٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فَمَنِ ادَّعَى عِلْمَهُ فَهُوَ كَاذِبٌ .
وَاللَّهُ تَعَالَى قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ لَمْ يَقُلْ : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا إِلَى قَوْمِهِ لَكِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ الَّذِينَ خَاطَبَهُمْ أَوَّلًا ، لِيُبَيِّنَ لِقَوْمِهِ فَإِذَا بَيَّنَ لِقَوْمِهِ مَا أَرَادَهُ حَصَلَ بِذَلِكَ الْمَقْصُودُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ ، فَإِنَّ قَوْمَهُ الَّذِينَ بَلَّغَ إِلَيْهِمْ أَوَّلًا يُمْكِنُهُمْ أَنْ
[ ص: 55 ] يُبَلِّغُوا عَنْهُ اللَّفْظَ وَيُمْكِنُهُمْ أَنْ يَنْقُلُوا عَنْهُ الْمَعْنَى لِمَنْ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ وَيُمْكِنُ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْهُمْ لِسَانَهُ فَيَعْرِفَ مُرَادَهُ فَالْحُجَّةِ تَقُومُ عَلَى الْخَلْقِ وَيَحْصُلُ لَهُمُ الْهُدَى بِمَنْ يَنْقُلُ عَنِ الرَّسُولِ : تَارَةً الْمَعْنَى وَتَارَةً اللَّفْظَ ؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ نَقْلُ حَدِيثِهِ بِالْمَعْنَى ،
nindex.php?page=treesubj&link=28888وَالْقُرْآنُ يَجُوزُ تَرْجَمَةُ مَعَانِيهِ لِمَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ .
[ ص: 56 ] وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَهُ مُطْلَقًا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مَنَعُوا أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=32450يُقْرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُتَرْجَمَ لِلتَّفَهُّمِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَمَا يَجُوزُ تَفْسِيرُهُ وَبَيَانُ مَعَانِيهِ وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ لَيْسَ قُرْآنًا مَتْلُوًّا وَكَذَلِكَ التَّرْجَمَةُ وَقَدْ قَالَ : النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=675098نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ .
[ ص: 57 ] وَقَالَ أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=661240مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهِ النَّاسَ فَزَرَعُوا وَسَقَوْا وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ .
فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ يُبَلِّغْ حَدِيثَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِيهِ وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=915180رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ .
وَقَدْ كَانَ الْعَارِفُونَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ حِينَ بَعَثَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا يُوجَدُونَ فِي
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَمَا وَالَاهَا كَأَرْضِ
الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَبَعْضِ
الشَّامِ وَالْعِرَاقِ ثُمَّ انْتَشَرَ فَصَارَ أَكْثَرُ السَّاكِنِينَ فِي وَسَطِ الْمَعْمُورَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، حَتَّى
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى الْمَوْجُودُونَ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ كَمَا يَتَكَلَّمُ بِهَا أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ بَلْ
[ ص: 58 ] nindex.php?page=treesubj&link=29257كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَجْوَدَ مِمَّا يَتَكَلَّمُ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَقَدِ انْتَشَرَتْ هَذِهِ اللُّغَةُ أَكْثَرَ مِمَّا انْتَشَرَتْ سَائِرُ اللُّغَاتِ حَتَّى أَنَّ الْكُتُبَ الْقَدِيمَةَ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنْ كُتُبِ
الْفُرْسِ وَالْهِنْدِ وَالْيُونَانِ وَالْقِبْطِ وَغَيْرِهِمْ عُرِّبَتْ بِهَذِهِ اللُّغَةِ .
وَمَعْرِفَةُ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ أَيْسَرُ عَلَى جُمْهُورِ النَّاسِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، فَإِنَّ اللِّسَانَ الْعِبْرِيَّ وَالسُّرْيَانِيَّ وَالرُّومِيَّ وَالْقِبْطِيَّ وَغَيْرَهَا وَإِنْ عَرَفَهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ فَالَّذِينَ يَعْرِفُونَ اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَعْرِفُ لِسَانًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْسِنَةِ .
وَأَيْضًا فَمَعْرِفَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ أَمْرًا عَامًّا هُوَ مِمَّا نَقَلَهُ الْأُمَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَقْلًا مُتَوَاتِرًا وَأَجْمَعَتْ عَلَيْهِ مِثْلَ الْأَمْرِ
[ ص: 59 ] بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ أُمِّيِّهِمْ وَغَيْرِ أُمِّيِّهِمْ ، وَإِقَامِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَإِيجَابِ الصِّدْقِ وَتَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَالْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ هُوَ مَا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ مَعْرِفَةً عَامَّةً وَلَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَحْفَظَ الْقُرْآنَ بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=28750يُمْكِنُ الْإِنْسَانَ مَعْرِفَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفِ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُوَرًا مَعَهَا يُصَلِّي بِهِنَّ وَكَثِيرٌ مِنَ
الْفُرْسِ وَالرُّومِ وَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَالْحَبَشَةِ وَالْبَرْبَرِ وَغَيْرِهِمْ لَا يَعْرِفُونَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْعَرَبِيَّةِ الْكَلَامَ الْمُعْتَادَ وَقَدْ أَسْلَمُوا وَصَارُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ وَإِذَا كَلَّمَ النَّاسَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ إِلَّا بِلِسَانِهِ لَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِذَا خُوطِبَ بِالْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَفْقَهْ مَا قِيلَ لَهُ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31984الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ لِسَانُهُ عِبْرِيًّا وَكَذَلِكَ أَلْسِنَةُ
الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ أَوَّلًا ثُمَّ أَنَّهُ أَرْسَلَهُمْ إِلَى الْأُمَمِ يُخَاطِبُونَهُمْ وَيُتَرْجِمُونَ لَهُمْ مَا قَالَهُ
الْمَسِيحُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنْ قَالُوا : إِنَّ رُسُلَ
الْمَسِيحِ حُوِّلَتْ أَلْسِنَتُهُمْ إِلَى أَلْسِنَةِ مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ .
قِيلَ هَذَا مَنْقُولٌ فِي رُسُلِ
الْمَسِيحِ وَفِي رُسُلِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَى الْأُمَمِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ رُسُلَ رُسُلِ اللَّهِ
[ ص: 60 ] كَرُسُلِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَالْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِلَى الْأُمَمِ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفُوا لِسَانَ مَنْ أَرْسَلَهُمُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ أَوْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أُولَئِكَ مَنْ يَفْهَمُ لِسَانَهُمْ وَلِسَانَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُتَرْجِمَ لَهُمْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَ
الْمَسِيحُ إِلَيْهِمْ مَنْ يُعْرَفُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِمْ .
وَكَذَلِكَ رُسُلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَى الْأُمَمِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَجَعَ مِنَ
الْحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ رُسُلَهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَبَعَثَ إِلَى مُلُوكِ الْعَرَبِ
بِالْيَمَنِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَأَرْسَلَ إِلَى مُلُوكِ
النَّصَارَى بِالشَّامِ وَمِصْرَ قِبْطِهِمْ وَرُومِهِمْ وَعَرَبِهِمْ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَرْسَلَ إِلَى
الْفُرْسِ الْمَجُوسِ مُلُوكِ
الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ ذِكْرُ بَعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرُّسُلَ بِكُتُبِهِ إِلَى الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ يَدْعُوهُمْ وَذَكَرَ مَا كَتَبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَاسٍ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ ثُمَّ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي
مَعْمَرُ [ ص: 61 ] بْنُ رَاشِدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدِيِّ حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنِ
الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16318عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّتِهِ
[ ص: 62 ] الشِّفَاءِ وَحَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=256السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=386الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَحَدَّثَنَا
ابْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو ( بْنِ جَعْفَرِ بْنِ [ ص: 63 ] عَمْرِو ) بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ عَنْ أَهْلِهِ عَنْ
عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ قَالُوا
nindex.php?page=hadith&LINKID=693104إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ أَرْسَلَ إِلَى الْمُلُوكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ كُتُبًا فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُلُوكَ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا فَاتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ فَصُّهُ مِنْهُ نَقَشَهُ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَخَتَمَ بِهِ الْكُتُبَ فَخَرَجَ سِتَّةُ نَفَرٍ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَصْبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ .
[ ص: 64 ] nindex.php?page=treesubj&link=30942أَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى هِرَقْلَ nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيَّ وَإِلَى
الْمُقَوْقِسِ صَاحِبِ
مِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ وَإِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى nindex.php?page=showalam&ids=196عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ وَأَرْسَلَ إِلَى
الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا بِظَاهِرِ
دِمَشْقَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ
شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّ وَأَرْسَلَ إِلَى غَيْرِ هَؤُلَاءِ .
وَقَالَ أَيْضًا : أَخْبَرَنَا
الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : أَخْبَرَنَا
دَلْهَمُ بْنُ [ ص: 65 ] صَالِحٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13114مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ وَحَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ عِمَارَةَ عَنْ
فِرَاسٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ : "
ائْتُونِي بِأَجْمَعِكُمْ بِالْغَدَاةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ يَجْلِسُ فِي مُصَلَّاهُ قَلِيلًا يُسَبِّحُ وَيَدْعُو ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَبَعَثَ عِدَّةً إِلَى عِدَّةٍ وَقَالَ : [ ص: 66 ] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=treesubj&link=18263انْصَحُوا لِلَّهِ فِي أَمْرِ عِبَادِهِ ، فَإِنَّ مَنْ أُخْبِرَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْصَحْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ انْطَلِقُوا وَلَا تَصْنَعُوا كَمَا صَنَعَتْ رُسُلُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ ، فَإِنَّهُمْ أَتَوُا الْقَرِيبَ وَتَرَكُوا الْبَعِيدَ فَأَصْبَحُوا يَعْنِي الرُّسُلَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يُعْرَفُ بِلِسَانِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَذَكَرَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : هَذَا أَعْظَمُ مَا كَانَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِمْ فِي أَمْرِ عِبَادِهِ .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّ
النَّصَارَى فِيهِمْ عَرَبٌ كَثِيرٌ مِنْ زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُلُّ مَنْ يَفْهَمُ اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ فَهْمُهُ لِلْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ لِسَانِهِ فَارِسِيًّا أَوْ رُومِيًّا أَوْ تُرْكِيًّا أَوْ هِنْدِيًّا أَوْ قِبْطِيًّا وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلُوا هَذَا الْكِتَابَ مِنْ عُلَمَاءِ
النَّصَارَى قَدْ قَرَءُوا الْمُصْحَفَ وَفَهِمُوا مِنْهُ مَا فَهِمُوا وَهُمْ يَفْهَمُونَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَاحْتَجُّوا بِآيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَكَيْفَ يَسُوغُ لَهُمْ مَعَ هَذَا أَنْ يَقُولُوا كَيْفَ تَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَيْنَا بِكِتَابٍ لَمْ نَفْهَمْهُ ؟ .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ : أَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُشْرِكِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ فِيهِمْ عَرَبٌ وَفِيهِمْ عَجَمٌ - تُرْكٌ وَهِنْدٌ وَغَيْرُهُمَا -
[ ص: 67 ] فَكَمَا أَنَّ جَمِيعَ الْمُشْرِكِينَ كَمُشْرِكِي الْعَرَبِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ كَأَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْعَرَبِ وَفِي
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِمَّنْ يَعْرِفُ بِلِسَانِ الْعَرَبِ مَنْ لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ .
الْوَجْهُ الْخَامِسُ : أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=18624لَيْسَ فَهْمُ كُلِّ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَعْلَمَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَمَا نَهَاهُ عَنْهُ بِأَيِّ عِبَارَةٍ كَانَتْ وَهَذَا مُمْكِنٌ لِجَمِيعِ الْأُمَمِ وَلِهَذَا دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ جَمِيعُ أَصْنَافِ الْعَجَمِ مِنَ
الْفُرْسِ وَالتُّرْكِ وَالْهِنْدِ وَالصَّقَالِبَةِ وَالْبَرْبَرِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَعْلَمُ اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْلَمُ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ التَّرْجَمَةَ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=28888تَرْجَمَةُ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَالتَّعْبِيرُ كَمَا يَجُوزُ تَفْسِيرُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا
nindex.php?page=treesubj&link=27582هَلْ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ تِلَاوَةً كَمَا يُقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا قَرَأَ الْأَعْجَمِيُّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ مَعَهَا
[ ص: 68 ] بِالْعَرَبِيَّةِ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ وَغَيْرُهُ مِنَ الذِّكْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهَذَا أَمْرٌ يَسِيرٌ أَيْسَرُ مِنْ أَكْثَرِ الْوَاجِبَاتِ فَكَيْفَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - عِبَادَهُ بِذَلِكَ .
وَأَمَّا جُمَلُ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهَذَا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفَهُ كُلُّ وَاحِدٍ بِتَعْرِيفِ مَنْ يَعْرِفُهُ إِمَّا بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَإِمَّا بِلِسَانٍ آخَرَ لَا يَتَوَقَّفُ تَعْرِيفُ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ الْعَرَبِ .