الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 276 ] قالوا : وقال أيضا في سورة التحريم :

ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين
  .

فيقال : أما قوله تعالى :

فنفخنا فيه من روحنا   .

وقوله : في سورة الأنبياء :

والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين .

فهذا قد فسره قوله تعالى :

فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ( 17 ) قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ( 18 ) قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا .

وفي القراءة الأخرى : ليهب لك غلاما زكيا .

فأخبر أنه رسوله وروحه ، وأنه تمثل لها بشرا ، وأنه ذكر أنه [ ص: 277 ] رسول الله إليها ، فعلم أن روحه مخلوق مملوك له ، ليس المراد حياته التي هي صفته سبحانه وتعالى :

وكذلك قوله :

فنفخنا فيها من روحنا .

وهو مثل قوله في آدم عليه السلام :

فإذا سويته ونفخت فيه من روحي .

وقد شبه المسيح بآدم في قوله :

إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون .

والشبهة في هذا نشأت عند بعض الجهال من أن الإنسان إذا قال : روحي ، فروحه في هذا الباب هي الروح التي في البدن ، وهي عين قائمة بنفسها ، وإن كان من الناس من يعني بها الحياة ، والإنسان مؤلف من بدن وروح ، وهي عين قائمة بنفسها عند سلف المسلمين وأئمتهم وجماهير الأمم .

والرب تعالى منزه عن هذا ، وأنه ليس مركبا من بدن وروح ، ولا يجوز أن يراد بروحه ما يريد الإنسان بقوله : روحي ، بل تضاف إليه ملائكته وما ينزله على أنبيائه من الوحي والهدى والتأييد ، ونحو ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية