فلهذا ، مثل تجد فيما انفردوا به عن الجماعة أقوالا في غاية الفساد مضاهاة تأخيرهم صلاة المغرب حتى يطلع الكوكب لليهود ، وقد تواترت النصوص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتعجيل المغرب [1] . ومثل مضاهاة لمبتدعة صومهم قبل الناس بيومين ، وفطرهم قبل الناس بيومين [2] أهل الكتاب الذين عدلوا عن الصوم بالهلال إلى الاجتماع ، وجعلوا الصوم بالحساب .
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " . وفي رواية : " إنا أمة أمية لا تحسب ولا تكتب ، إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ; فإن غم عليكم فاقدروا له " فأكملوا العدة [3] .
[ ص: 174 ] ومثل ، مضاهاة تحريمهم بعض أنواع السمك لليهود في تحريم [4] الطيبات ومثل . وهذا لا يعرف لأحد من فرق الأمة . معاونة الكفار على قتال المسلمين ، وترغيب الكفار في قتال المسلمين
ومثل ، وهذا من جنس دين تنجيس المائعات التي يباشرها أهل السنة السامرة وهم رافضة اليهود ، هم في اليهود كالرافضة في المسلمين ، والرافضة تشابههم من وجوه كثيرة ; فإن السامرة لا تؤمن بنبي بعد موسى وهارون غير يوشع ، وكذلك الرافضة لا تقر لأحد من الخلفاء والصحابة بفضل ولا إمامة إلا . لعلي والسامرة تنجس وتحرم ما باشره غيرهم من المائعات ، وكذلك الرافضة . والسامرة لا يأكلون إلا ذبائح أنفسهم ، وكذلك الرافضة فإنهم يحرمون ذبائح أهل الكتاب ، ويحرم أكثرهم ذبائح الجمهور لأنهم مرتدون عندهم ، وذبيحة [5] المرتد لا تباح . والسامرة فيهم كبر ورعونة وحمق ودعاو كاذبة ، مع القلة والذلة ، وكذلك الرافضة .
[ ص: 175 ] والرافضة ، وهذا لم يذهب إليه غيرهم من فرق الأمة ، وهو يشبه دين تجعل الصلوات الخمس ثلاث صلوات ، فيصلون دائما الظهر والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء جميعا اليهود ; فإن الصلوات عندهم ثلاث [6] .
وغلاة العباد يوجبون على أصحابهم صلاة الضحى والوتر وقيام الليل ، فتصير الصلاة عندهم سبعا ، وهو دين النصارى . والرافضة . وهذا لا يوجد في سائر الفرق أكثر مما يوجد في لا تصلي جمعة ولا جماعة لا خلف أصحابهم ولا غير أصحابهم ولا يصلون إلا خلف المعصوم ، ولا معصوم عندهم الرافضة . فسائر أهل البدع [7] سواهم ، لا يصلون الجمعة والجماعة إلا خلف أصحابهم ، كما هو دين الخوارج والمعتزلة وغيرهم . وأما أنهم لا يصلون ذلك بحال ، فهذا ليس إلا للرافضة .
ومن ذلك أنهم هم لا يؤمنون في الصلاة [8] أو بعضهم وهذا ليس لأحد من فرق الأمة ، بل هو دين اليهود ; فإن اليهود حسدوا المؤمنين على التأمين . وقد حكى طائفة عن بعضهم أنه يحرم لحم الإبل ، وكان ذلك [9] لركوب على الجمل . وهذا من أظهر الكفر ; وهو عائشة [10] من جنس دين اليهود .
[ ص: 176 ] وكثير من عوامهم يقول [11] : إن الطلاق لا يكون إلا برضا المرأة ، وعلماؤهم ينكرون هذا . وهذا لم يقله أحد غيرهم [12] .
وهم يقولون بإمام منتظر موجود غائب لا يعرف له عين ولا أثر ، ولا يعلم [13] بحس ولا خبر ، لا يتم الإيمان إلا به .
ويقولون : . وهذا منتهى الإمام عندهم : الإيمان بأنه معصوم غائب عن الأبصار كائن أصول الدين أربعة : التوحيد ، والعدل ، والنبوة ، والإمامة [14] في الأمصار ، سيخرج [15] الدينار من قعر البحار ، يطبع الحصى ، ويورق العصا . دخل سرداب سامرا سنة ستين ، ومائتين وله من العمر [16] إما سنتان ، وإما ثلاث وإما خمس ، أو نحو ذلك ; فإنهم مختلفون في قدر عمره ، ثم إلى الآن لم يعرف له خبر . ودين الخلق مسلم إليه ; فالحلال ما حلله ، والحرام ما حرمه ، والدين ما شرعه ، ولم ينتفع به أحد من عباد الله .
وكذلك كراهتهم لأسماء نظير أسماء من يبغضونه [17] ، ومحبتهم لأسماء نظير أسماء من يحبونه ، من غير نظر إلى المسمى ، وكراهتهم لأن يتكلم أو يعمل بشيء [18] عدده عشرة لكراهتهم نفرا عشرة ، واشتفاؤهم [19] ممن [ ص: 177 ] يبغضونه كعمر وغيرهما ، بأن وعائشة [20] يقدروا جمادا كالحيس [21] ، أو حيوانا كالشاة الحمراء ، أنه هو الذي يعادونه ، ويعذبون تلك الشاة تشفيا من العدو ، من الجهل البليغ الذي لم يعرف عن غيرهم .
وكذلك ، ولا يشرب ماء ، تشبها بمن ظلم وقتل ، وإقامة مأتم إقامة المآتم والنوائح ، ولطم الخدود ، وشق الجيوب ، وفرش الرماد ، وتعليق المسوح ، وأكل المالح حتى يعطش [22] بعد خمسمائة أو ستمائة سنة من قتله ، لا يعرف لغيرهم من طوائف الأمة .
ومفاريد الرافضة التي تدل على غاية الجهل والضلال كثيرة لم نقصد ذكرها هنا . لكن المقصود أن كل طائفة سوى أهل السنة والحديث المتبعين لآثار النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينفردون عن سائر الطوائف بحق ، والرافضة أبلغ في ذلك من غيرهم .
وأما الخوارج والمعتزلة والجهمية فإنهم أيضا لم ينفردوا [23] عن أهل السنة والجماعة ( * بحق ، بل كل ما معهم من الحق ففي أهل السنة [24] من يقول به ، لكن لم يبلغ [25] هؤلاء من قلة العقل وكثرة الجهل ما بلغت الرافضة .