قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم [ ص: 77 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم أي : في التوحيد والإيمان
بمحمد صلى الله عليه وسلم ; إذ هو مكتوب في الإنجيل ،
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فنسوا حظا وهو الإيمان
بمحمد عليه الصلاة والسلام ; أي : لم يعملوا بما أمروا به ، وجعلوا ذلك الهوى والتحريف سببا للكفر
بمحمد صلى الله عليه وسلم . ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14أخذنا ميثاقهم هو كقولك : أخذت من زيد ثوبه ودرهمه ; قاله
الأخفش ، ورتبة ( الذين ) أن تكون بعد ( أخذنا ) وقبل ( الميثاق ) ; فيكون التقدير : أخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم ; لأنه في موضع المفعول الثاني لأخذنا ، وتقديره عند الكوفيين ومن الذين قالوا إنا نصارى من أخذنا ميثاقه ; فالهاء والميم تعودان على " من " المحذوفة ، وعلى القول الأول تعودان على الذين ، ولا يجيز النحويون أخذنا ميثاقهم من الذين قالوا إنا نصارى ، ولا ألينها لبست من الثياب ; لئلا يتقدم مضمر على ظاهر ، وفي قولهم : إنا نصارى ولم يقل من
النصارى دليل على أنهم ابتدعوا النصرانية وتسموا بها ; روي معناه عن
الحسن .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء أي : هيجنا ، وقيل : ألصقنا بهم ; مأخوذ من الغراء وهو ما يلصق الشيء بالشيء كالصمغ وشبهه . يقال : غري بالشيء يغرى غرا " بفتح الغين " مقصورا وغراء " بكسر الغين " ممدودا إذا أولع به كأنه التصق به ، وحكى
الرماني : الإغراء تسليط بعضهم على بعض ، وقيل : الإغراء التحريش ، وأصله اللصوق ; يقال : غريت بالرجل غرا - مقصور وممدود مفتوح الأول - إذا لصقت به ، وقال كثير :
إذا قيل مهلا قالت العين بالبكا غراء ومدتها حوافل نهل
وأغريت زيدا بكذا حتى غري به ; ومنه الغراء الذي يغرى به للصوقه ; فالإغراء بالشيء الإلصاق به من جهة التسليط عليه ، وأغريت الكلب أي : أولعته بالصيد . بينهم ظرف للعداوة . والبغضاء البغض . أشار بهذا إلى
اليهود والنصارى لتقدم ذكرهما . عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وقتادة : بعضهم لبعض عدو ، وقيل : أشار إلى افتراق
النصارى خاصة ; قاله
الربيع بن أنس ، لأنهم أقرب مذكور ; وذلك أنهم افترقوا إلى
اليعاقبة والنسطورية والملكانية ; أي : كفر بعضهم بعضا . قال
النحاس : ومن أحسن ما قيل في معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء أن الله عز وجل أمر بعداوة الكفار وإبغاضهم ، فكل فرقة مأمورة بعداوة صاحبتها وإبغاضها لأنهم كفار . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14وسوف ينبئهم الله تهديد لهم ; أي : سيلقون جزاء نقض الميثاق .
قوله تعالى : يا أهل الكتاب الكتاب اسم جنس بمعنى الكتب ; فجميعهم مخاطبون .
[ ص: 78 ] nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب أي : من كتبكم ; من الإيمان به ، ومن آية الرجم ، ومن قصة أصحاب السبت الذين مسخوا قردة ; فإنهم كانوا يخفونها .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15ويعفو عن كثير أي : يتركه ولا يبينه ، وإنما يبين ما فيه حجة على نبوته ، ودلالة على صدقه وشهادة برسالته ، ويترك ما لم يكن به حاجة إلى تبيينه ، وقيل
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15ويعفو عن كثير يعني يتجاوز عن كثير فلا يخبركم به ، وذكر أن رجلا من أحبارهم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال : يا هذا عفوت عنا ؟ فأعرض عنه رسول الله عليه وسلم ولم يبين ; وإنما أراد اليهودي أن يظهر مناقضة كلامه ، فلما لم يبين له رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من عنده فذهب وقال لأصحابه : أرى أنه صادق فيما يقول : لأنه كان وجد في كتابه أنه لا يبين له ما سأله عنه .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15قد جاءكم من الله نور أي : ضياء ; قيل : الإسلام ، وقيل :
محمد عليه السلام ; عن
الزجاج .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15وكتاب مبين أي القرآن ; فإنه يبين الأحكام ، وقد تقدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16يهدي به الله من اتبع رضوانه أي : ما رضيه الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16سبل السلام طرق السلامة الموصلة إلى دار السلام المنزهة عن كل آفة ، والمؤمنة من كل مخافة ; وهي الجنة ، وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي :
nindex.php?page=treesubj&link=28723السلام الله عز وجل ; فالمعنى دين الله - وهو الإسلام - كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19إن الدين عند الله الإسلام . ويخرجهم من الظلمات إلى النور أي : من ظلمات الكفر والجهالات إلى نور الإسلام والهدايات . بإذنه أي : بتوفيقه وإرادته .