1602 - فشنع على هذا التشنيع، وهو خلو من أن تلزمه هذه الشناعة، لأنه إنما يقال للرجل: ترك حديث فلان، وصار إلى حديث فلان، أن يكون الحديثان كلاهما عنده، فيميل بالقول إلى أحدهما دون الآخر. الشافعي
1603 - فأما الحديث الذي زعم أنه تركه، ليس هو عنده فيكون له تاركا، وذلك لأن حديث عمار الذي صار أهل الحديث إلى القول به في التيمم، هو حديث الحكم، عن ذر، وقتادة، عن عزرة، كلاهما عن ابن أبزى، عن أبيه، عن عمار .
[ ص: 24 ] 1604 - وحديث عن الأعمش، عن أبي وائل، ، عن أبي موسى عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1605 - وليس في كتاب ، لا المصري، ولا البغدادي، واحد من هذه الأحاديث. الشافعي
1606 - فلم استجاز العائب أن يعيبه، وهو في هذا خلو ظاهر من العيب، ولكن عائبه في هذا وأشباهه مجازف، ومقدم على ما لا علم له به.
1607 - إنما قال في كتابه: قال الشافعي عمار: "تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب".
1608 - وروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الوجه والكفين".
1609 - فكأن قوله: تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب، لم يكن عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
1610 - فإن ثبت عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الوجه والكفين" ولم يثبت: "إلى المرفقين"، فما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى.
1611 - وبهذا كان يفتي سعيد بن سالم.
1612 - هذا لفظ قوله: في البغدادي بين، فقد أعطى الحق من نفسه، ولم يترك للعائب فيه قولا، ولا لعتابه موضعا.
1613 - وقد أحسن الشاعر في وصف الرجل العيابة للأقوام، حيث يقول:
رب عياب له منظر مشتمل الثوب على العيب
.[ ص: 25 ] 1614 - قال رحمه الله إمام أهل الرواية، مما ذب عن الإمام أحمد ، رحمه الله: وقد قال الشافعي في القديم: فيما حكي عنه، وقد روي فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، يريد، "الوجه والكفين"، ولو أعلمه ثابتا لم أعده، ولم أشك فيه، ثم ساق ما حكاه. الشافعي