وقد قال بها جماعة من أهل العلم ، فمن الحنفية أبو يوسف ، ومن الشافعية المزني ، وحكى ذلك وابن أبي هريرة ، الباجي عن بعض المالكية ، قال : ورأيت ابن نصر يستعملها كثيرا .
ومن ذلك استدلال مالك على سقوط الزكاة في الخيل بقوله تعالى : والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة قال : فقرن بين الخيل والبغال والحمير ، والبغال والحمير لا زكاة فيها إجماعا ، فكذلك الخيل .
وأنكر الجمهور فقالوا : إن الاقتران في النظم لا يستلزم الاقتران في الحكم . دلالة الاقتران
واحتج المثبتون لها بأن العطف يقتضي المشاركة .
وأجاب الجمهور : بأن الشركة إنما تكون في المتعاطفات الناقصة ، المحتاجة إلى ما تتم به ، فإذا تمت بنفسها ; فلا مشاركة ، كما في قوله تعالى : [ ص: 708 ] محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار فإن الجملة الثانية معطوفة على الأولى ، ولا تشاركها في الرسالة ، ونحو ذلك كثير في الكتاب والسنة . والأصل في كل كلام تام أن ينفرد بحكمه ، ولا يشاركه غيره فيه ، فمن ادعى خلاف هذا في بعض المواضع فلدليل خارجي ، ولا نزاع فيما كان كذلك ، ولكن الدلالة فيه ليست للاقتران ، بل للدليل الخارجي ، أما إذا كان المعطوف ناقصا ، بأن لا يذكر خبره ، كقول القائل : فلانة طالق وفلانة ، فلا خلاف في المشاركة ، ومثله عطف المفردات ، وإذا كان بينهما مشاركة في العلة ، فالتشارك في الحكم إنما كان لأجلها ، لأجل الاقتران .
وقد احتج على وجوب الشافعي بقوله تعالى : العمرة وأتموا الحج والعمرة لله .
قال البيهقي : قال : الوجوب أشبه بظاهر القرآن ; لأنه قرنها بالحج انتهى . الشافعي
قال : قول القاضي أبو الطيب : إنها لقرينتها ، إنما أراد أنها قرينة الحج في الأمر وهو قوله : ابن عباس وأتموا الحج والعمرة لله والأمر يقتضي الوجوب ، فكان احتجاجه بالأمر دون الاقتران .
وقال الصيرفي في شرح الرسالة : في حديث أبي سعيد " على كل محتلم ، والسواك ، وأن يمس الطيب " غسل الجمعة فيه دلالة على أن الغسل غير واجب ; لأنه قرنه بالسواك ، والطيب ، وهما غير واجبين بالاتفاق .
والمروي عن الحنفية ، كما حكاه الزركشي عنهم في البحر أنها إذا عطفت جملة على جملة ، فإن كانتا تامتين كانت المشاركة في أصل الحكم ، لا في جميع صفاته ، وقد لا تقتضي المشاركة أصلا ، وهي التي تسمى " واو الاستئناف " كقوله تعالى : فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل فإن قوله : ويمح الله الباطل [ ص: 709 ] جملة مستأنفة ، لا تعلق لها بما قبلها ، ولا هي داخلة في جواب الشرط .
وإن كانت الثانية ناقصة شاركت الأولى في جميع ما هي عليه ، قال : وعلى هذا بنوا بحثهم المشهور في قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : وقد سبق الكلام فيه . لا يقتل مسلم بكافر