الحمد لله، وصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أداء الرجل للصلاة في جماعة، ليس حالة اختيارية إن وافقت هوى الشخص فعلها، وإن لم توافقه تركها، وإنما هو أمر واجب عيني على الرجال البالغين القادرين، فلا يجوز التكاسل عنه، ولا التهاون في شأنه، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال له: "تسمع النداء بالصلاة؟" قال: نعم. قال: "فأجب".
فإذا لم تكن لهذا الأعمى الذي لم يكن له قائد، رخصة وعذر يتخلف به عن الجماعة، فلا شك أن غيره أولى.
وعلى هذا؛ فالصلاة في البيت للرجال القادرين، لا تجوز، على الراجح من أقوال العلماء.
ووجود الحر ليس عذرًا من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة، ما دام في حدود الطاقة.
أما صلاة الرجل عاريًا صدره، فهي صحيحة على قول الجمهور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لجابر -رضي الله عنه-: إذا كان الثوب واسعًا، فخالف بين طرفيه، وإن كان ضيقًا، فاتزر به. رواه مسلم.
ومعناه: أن المصلي إذا كان ثوبه واسعًا، فليخالف بين طرفيه، بأن يجعل منه شيئًا على عاتقه، وأما إن كان ضيقًا، لا يصح فيه ذلك، فليجعله إزارًا، ومعلوم أن من صلى بإزار فقط، أنه صلى عاري الصدر، مع أن الأولى والأفضل للإنسان أن يصلي في أجمل أثوابه، وعلى أحسن هيئاته؛ لقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31}، بل إن من العلماء من يقول بوجوب جعل شيء من الثوب على أحد العاتقين، وبأن صلاة من صلى بثوب ليس على عاتقه منه شيء، لا تصح، إذا كان قادرًا على ذلك، بأن كان ثوبه واسعًا، أو كان له ثوب آخر؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد، ليس على عاتقه منه شيء. متفق عليه.
والله أعلم.