الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقوله تعالى: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {الحشر:1}، وقوله تعالى: وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ {الإسراء:44}، وقوله تعالى: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ {الرعد:15}، يعني أن كل شيء في هذا الكون يسبح بحمد الله تعالى ويسجد له، إلا أن ذلك يكون من الكافر كرها، ومن المؤمن طواعية، وقد استثنى الله الكافر بقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء* {الحج:18}.
وقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ. الحق أن المؤمن يسجد ببدنه طوعاً، وكل مخلوق من المؤمن والكافر يسجد من حيث إنه مخلوق يسجد دلالة وحاجة إلى الصانع، وهذا كقوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده. وهو تسبيح دلالة لا تسبيح عبادة. انتهى.
فالكافر إذاً يسبح بلسان حاله لا بلسان مقاله، فخلقته وصنعه تدل على الخالق سبحانه وتعالى وعلى تنزيهه من كل عيب ونقص.
والله أعلم.